لا يختلف اثنان على ان الضرائب والرسوم الكمركية من اهم المصادر المالية التي يتوقف على تعظيمها الاقتصاد الوطني، ولهذا فان الموارد المتاتية من هذا المصدر تعتبر من المسائل المهمة التي تجري مناقشتها في علم المالية العامة لما تمتلكه من مزايا عديدة تصب في خدمة الاقتصاد الوطني، وخاصة فيما لها من علاقة في تحفيز الانتاج ودعم القطاعات الاقتصادية ومعالجة الاختلالات في موازين المدفوعات وترشيد الاستهلاك ورفع معدلات الاستثمار وتشغيل العمالة الوطنية.
ولئن كان الهدف من تشريع قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 ايجاد مصدر اساسي لدعم الاقتصاد الوطني من خلال تعظيم الموارد المالية التي تسهم في ظل تخطيط اقتصادي ممنهج وشفاف في معالجة الازمة المالية التي عصفت بالبلاد خلال فترة ما بعد انخفاض اسعار النفط، فضلا عن اصلاح السياسة المالية وتامين ايرادات الموازنة الاتحادية السنوية التي شهدت عجوزات افتراضية غير مبررة، وفوق هذا وذاك حماية المنتج الوطني في مواجهة سياسة الاغراق التي تمارسها بعض الدول، وتنقل امراضها مافيات التجارة التي انجبتها سياسة المحاصصة المقيتة التي اسهمت في تخريب الاقتصاد الوطني على مدى سنوات ما بعد 2003 من خلال تعطيل تنفيذ قانون التعرفة الكمركية اكثر من اربع مرات اكراما لرغبات حيتان التجارة .
ومن الواضح ان تعظيم الموارد المالية من خلال الضرائب والرسوم الكمركية واجهت خلال الفترة جملة من المشاكل والتحديات من بينها ضبابية العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم في ادارة المنافذ الحدودية بسبب التوافقات السياسية بين الكتل المتنفذة، وكذلك التشابك في مهام الادارات النافذة المتواجدة في المنافذ الحدودية وتعارض تعليماتها المقترنة بتعارض مصالح القائمين عليها والمثال على ذلك التفسيرات المتناقضة والمتشابكة بين اجراءات الهيئة العامة للمنافذ الحدودية والهيئة العامة للمنافذ الكمركية مما تعيق في التحليل النهائي عملية ضبط المنافذ الحدودية وبالتالي تعطيل اجراءات اخراج البضائع المستوردة مع ما يترتب على ذلك من افساد صلاحية تلك البضائع واللجوء الى التحايل على تطبيق القوانين النافذة وانتشار الفساد وتصاعد الصراع بين القوى المتنفذة في تلك المنافذ كما يحصل في الموانيء العراقية، وهذا ما يقف وراء احتجاجات المستوردين المستمرة واحداث ضجة غير مبررة في تلك المنافذ. ان اعادة النظر في تحديد الفئات الخاصة للرسوم الكمركية وتخفيضها من 12 فئة حسب تقديرات متشعبة الى اربع فئات من قبل الحكومة مؤخرا اسهم في التخفيف من التوترات داخل المنافذ الحدودية، مع بقاء العديد من التحديات التي تواجه حركة التجارة في تلك المنافذ وانعكاس اثارها السلبية على حجم الموارد المالية مما يتعين اعادة دراسة وتقييم حجم هذه المشاكل والبحث عن الحلول التي تحد من اضرارها الاقتصادية والتي نرى من اهمها :
1. الاستمرار في تقييم النتائج والمخرجات المالية للضرائب والرسوم الكمركية واعادة النظر فيها بين فترة واُخرى ومتابعة الاخفاقات واثارها الاقتصادية من حيث اثرها على الايرادات العامة والعوامل التي تقف وراءها من النواحي السياسية او التشريعية او الفنية او الادارية وحسم امرها خارج اطار الروتين والدوافع الرغبوية .
2. البحث عن افضل اساليب واليات استيفاء الضرائب والرسوم الكمركية والحفاظ على اوعيتها وحمايتها من مساعي الفاسدين الذين اعتاشوا على سرقة المال العام مستفيدين من البيئات الفاسدة المدعومة من جهات سياسية بعينها والمتواجدة في المراكز العليا في الدولة .
3. فحص ومراقبة البضائع الاستهلاكية المستوردة التي تدخل في المأكل والملبس وغيرها من الحاجات الاجتماعية، التي يشوبها انتهاء صلاحياتها الاستهلاكية وخصوصا الادوية، ما يستلزم وبدون ابطاء الاهتمام الجاد في ضبط عمليات الفحص والتقييس وتفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، وعند الاقتضاء الاستعانة بالخبرات الاجنبية.
4. شن حملة جادة ضد الفاسدين والادارات الفاشلة وابعادهم عن مواقعهم واتخاذ الاجراءات القانونية ضد من تثبت ادانته نتيجة ضغوط سياسية من اجل الحد من ظاهرة التهريب ووضعها على سكة التطور والاستقرار.

عرض مقالات: