إن زيادة ميزانية التسليح لا تؤدي إلى تأخير المساواة فحسب، بل إنها تعمل على توسيع الفجوة، ومن المهم أن نفهم أن افتقار المرأة إلى المساواة فيما يتعلق بالحقوق القانونية والاقتصادية والجسدية لا يمكن حله مثلاً عن طريق إدخال التجنيد الإجباري للإناث.  ولا يمكن حَلّه بإنفاق أموالنا على الحرب، لأن ثمن إعادة التسلح يتجاوز تحقيق المساواة للمرأة.

 دع العالم يُقصف بالرعاية والرفاهية بدلاً من الحرب والدمار.

 عندما يتم استخدام الأموال في الحرب، فإنها تؤخذ من الرعاية الاجتماعية مثل المعاشات التقاعدية والتعليم والرعاية الصحية.  ورغم أن الدنمارك اعتمدت قانون المساواة في الأجر عام 1976، والذي كان من المفترض أن يضمن أن لكل شخص الحق في نفس وشروط الأجر لنفس العمل أو العمل الذي يُساويه في القيمة، إلا أننا بعيدون عن الهدف.

 تعمل معظم النساء في القطاع العام، وهنا بشكل خاص تظهر الفروق في الأجور والمعاشات التقاعدية.  وهنا أيضاً تتم الوِلادات، ويتم أيضا تقليص المخصصات في ممرات الولادة.  وهذا الشيء نسمع عنه بانتظام.  وعندما تحصل المرأة على أجور ومعاشات تقاعدية أقل، يصبح كل شيء أكثر تكلفة.   عندما ترتفع فاتورة الكهرباء أو لتر الحليب، فمن المنطقي أن يكون ذلك أكثر تكلفة بالنسبة لأصحاب الدخول الواطئة.

 ولذلك فإن تكاليف إعادة التسلح سوف تؤثر أكثر على النساء والفقراء أكثر من الشرائح الأخرى.  وهذا يعني أن الإرادة السياسية لرفع الأجور في القطاع العام غير موجودة.  ويعني أيضا أن سلاح الضربة لن يكون فعالاً، لأنه يعني في الواقع توفيراً لرب العمل في القطاع العام.  والنتيجة هي أيضاً أنه أصبح من الصعب تعيين موظفين جدد، لأن الساسة يُفضِّلون توظيف القوى العاملة المطلوبة في قطاع الدفاع وفي صناعة السلاح المتنامية.

 لذا، لم يتم الوفاء بالوعد الذي قطعته رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن بتوفير ألف مُمرّضة للخدمات الصحية في حملتها الانتخابية الأخيرة.

 في الواقع يعاني نظام الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.  ولذلك أصبحت الرعاية الصحية سلعة.  يمكن للدولة توفير الكثير من المال على التعليم عن طريق شراء خريجين من دول أخرى، مثل الهند والفليبين وغيرها.  هذا هو الوضع الذي نحن فيه الآن.

 ومع التخفيضات المُستمرة التي يفرضها قانون الميزانية، فإن وَعَدْ ميتا فريدريكسن الانتخابي لا يمكن الوفاء به.  وهذا يتطلب وقف قانون الميزانية وضخ أموال ضخمة في المؤسسات التي تفتقر الى التمويل الكافي.  وبعبارة أخرى الاستفادة من الأموال التي تذهب الآن الى زيادة التسلّح.

 في الدنمارك والسويد والنرويج وألمانيا وهولندا وعشر دول أخرى متقدمة اقتصادياً، يتقاضى الرجال فيها أجوراً أكثر من النساء.  لا يوجد أجر متساو مقابل العمل المتساوي في أيِّ دولة من هذه الدول الـ 15، وهذا ما خلصَ به تقرير صادر عن شبكة سي بي إس.   وبفجوة في الأجور تبلغ 18%، تحتل الدنمارك المركز الخامس.

 وهذا التصنيف أتى بعد أن تم تنظيف الأرقام من الفروق التي تنشأ نتيجة العُمر والتعليم والعمل الجزئي.  ويُظهِر بحث آخر أيضا أن الدخل الإجمالي للمرأة ينخفض ​​بنسبة 30% تقريبا بعد ولادة الطفل الأول، وبعد 10 سنوات يستقر عند 20% دون المستوى الأصلي، والذي يستمر بعد كل ولادة.  بينما لا يتأثر دخل الآباء إلى حد كبير إذا كان لديهم أطفال أم لا أو يذهبون في إجازة أمومة.

 وجاءَ الحل، كما هو معروف، باستمرار ميزانيات التسلح، وأن الحكومة بالتعاون مع حزب الشعب الاشتراكي والتحالف الليبرالي وحزب الشعب المُحافظ واليسار الراديكالي RV) )

(أي جميع مهندسي قانون الميزانية)، اعتمدت مشروع قانون من المُفترض أن يُضمن العمل في الرعاية الصحية المستقبلية ورعاية المسنين، وتُوعز تنفيذه الى العمالة الأجنبية.  وبالتالي تمَّ إجبار النساء على "ارتداء القميص" ليكون بمثابة وقود للمدافع في المستقبل.

 ولم يُفكر أحد، ولا حتى السِياسِيات من النساء، في القوى العاملة التي يتم الاتجار بها. وستكون النساء بشكل أساسي هم اللاتي يجب أن يتم نقلهن من بلدهن، معزولات وغير مألوفات بظروف العمل والثقافة الدنماركية.   وبهذه الحالة، ستكسب المزيد وستتمكن من إرسال الأموال إلى أطفالها وعائلتها. ربما يَدّعون بأنّهم بهذه الطريقة يُقدِّمون مساعدة.

 أريد أن أطرح السؤال المعاكس: عندما استوردنا العمالة الأجنبية في الستينيات والسبعينيات، ماذا كانت النتيجة؟ 

كان الرجال أول من طُردوا من العمل، والعديد من زوجاتهم أصبحن الآن معزولات لغوياً باعتبارهن متقاعدات.

 هل يُسمح للعاملين الأجانب في مجال الرعاية والصحة في المستقبل بإحضار أسرهم؟  أم أنه يدخل ضمن قانون لم شمل الأسرة؟ 

نحن نعلم بالفعل أن القوى العاملة الأجنبية المتعلمة، على سبيل المثال، في الهندسة، حيث لغة العمل هي الإنجليزية، تستخدم أطفالها كمترجمين فوريين في مواجهة الحياة اليومية الدنماركية.  ونحن نعرف من خلال مِهنْ البناء والخدمات الأخرى مدى العزلة الاجتماعية للقوى العاملة المستوردة.

 إنه شكلٌ حديث من أشكال العبودية، إنّه يَصرخ إلى السماء.  لا ينبغي لأحد أن يسرق العاملين في مجال الصحة من بعضهم البعض.  وكأنَّ الهند والفليبين لا ينقصهما عاملين في قطاع الصحة؟؟

 المعركة لم تنتهِ بعد

* رئيسة الحزب الشيوعي الدنماركي

عن جريدة الشيوعي التي يصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الثالث آذار/ مارس 2025

عرض مقالات: