هل يتوجب ان نصرخ بصوت اعلى من صرخة انتفاضة تشرين ؟.. نعم مع انها جوبهت بلعلعة الرصاص الغادر، الذي حصد الارواح بدم بارد { ثمان مئة شهيداً }. ولكن صرخة تشرين لم تخلو من جني حصاد ايضاً، الذي كان كديسه قد تمثل باسقاط حكومة القناصين وغيرها من قوانين ظالمة. تلك التي كانت من " خلفة " المحاصصة المقيتة .
اليوم يبدو قد ضاع " المكيال " وتوزع دم العراقيين بين قبائل المتنفذين وتبعاً له اخفي مفتاح الانسداد حالياً { نمط تقاسم المغانم والنفوذ } الذي سبق ان درجوا عليه تسعة عشر عاماً. علماً قد غدت منافعه اليوم اثقل وزناً واقوى شأناً بفعل ارتفاع عائدات البترول. الامر الذي جعله مغرياً لحد النخاع ويتكرس التشبث به الى حد الاستماتة. ولا يغيب عن البال انخفاض صوت المعارضة الحقيقية الذي يمثل رأس النفيضة المتجلي بالمقاطعة والاحتجاج. غير ان من انخرط مشاركاً منها، تدارك وقاطع السياقات الدستورية في جلسات البرلمان وغدا ملتحقاً بركب الانسداد للاسف.
الشعب العراقي يريد حلاً، وصبره قد تصفّر. خارطة الطريق المغلق انطوت على فرعين متوازيين يمكن ان يكون من شأنهما ان ينهيا الانسداد .. الاول: انتزاع مفاتيح الانسداد من لدن القوى المتنفذة. بمعنى ان ترغمها التداعيات الخطيرة ولهيب بركان الازمة المتصاعد على التنازلات المتبادلة.. وهنا نتصورها جدلاً، استثناء " دولة القانون " والتحاق " الاطار التنسيقي " شريكاً بتحالف " انقاذ وطن " . ومن ثم تكون الطريق سالكة لاتمام تشكيل الحكومة. واما : تنازل الحزب الديمقراطي الكردستاني بسحب مرشحه لرئاسة الجمهورية " وبالتالي يبقى السيد " برهم صالح " رئيساً، مما سيرغم الاتحاد الوطني الكردستاني على الالتحاق " بتحالف وطن " فيكتمل النصاب " ثلثا عدد اعضاء البرلمان " الذي سيكفل تفكيك الانسداد .
اما الفرع المتوازي الثاني: فيتمثل بانفجار بركان الغضب الشعبي الذي سيقلب الطاولة على رؤوس المتحكمين المتسلطين الذين لم ولن يعبئوا يوماً بمعاناة جماهير الشعب المأزومة من ضنك العيش، وضياع السيادة الوطنية وحينها لاتنفع البنادق القناصة ولا يصمد القناصون وتسقط عروش سلاطين ما يسمى بـ " المكونات " الاثنية والعرقية على حد سواء.
نقولها ونحن على ادراك تام بأن القوى الماسكة بالسلطة لن تأتي على بالها اية صيغة من التنازل عن مكاسبها السحت، ولا تترك ما تسميه جزافاً بحقوق المكون .. ولكنها من المرجح ان تلجأ الى ابقاء الحال على ما هو عليه، بمعنى استمرار حكومة " الكاظمي " مع بعض الترميمات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، حيال التداعيات المبشرة بالانهيار المريع. وتبقى تحلم ان لها " طمطم " يحميها. زد على ذلك ان قرارها لم يكن ذاتياً خالصاً بعيداً عن الارتهان برضا اوساط عابرة للحدود..