تدور في اوساط الناس، امثلة ومقولات وحِكم لها دلالات. ومنها تاخذ العبر، وغالباً ما تختصر، بكلمات بسيطة ولكنها عظيمة الاثر، و كما تبدو انها حمالة اوجه، ومزدوجة المعاني، كأن تكون مديحاً، او ذماً واستنكاراً، وبوجه اخر اشادة.. ومن هذه الكلمة الاخيرة كالقول { اعطي الخبز لخبازته } وغالباً ما تتردد هذه العبارة حينما يفشل البعض في عمل معين. وياتي في عقبه اخر، فيحسن انجاز ما عجز عن اتمامه السابقون. هذه واقعة جديرة بالاهتمام، عند الاقدام على تحقيق هدف ليس سهلاً. ينبغي وضعها بالحسبان " حسن التدبير والاختيار" اي اعطاء الشغل لمن تتوسم به الكفاءة على تحقيق الغاية المطلوبة.
وما دمنا قد دخلنا في صلب الحديث وورود اشارة عن الفشل والتدبير الذي يصنع التغيير، اوعدمه الذي يؤدي الى الفشل. فيتوجب القول ان الكفاءة المطلوبة للنهوض بالعمل المقصود انجازه، لا يشترط ان تكون متعددة الاوجه.. بمعنى وعلى سبيل المثل ان لا يفترض بالشخص السياسي الكفوء ان يمتلك القدرة على ان يكون قنّاصاً او مقاتلاً خلف المتاريس. وان لا يطلب من لاعب كرة القدم الماهر، ان يكون ماهراً ايضاً على ذات المستوى، في هندسة بناء ملعب للرياضة القريبة من اهتماماته.. مع ان ذلك محبذاً ولا ضير منه. انما المقصود هنا ضرورة توظيف المهارات المتوفرة، كل في مكانها المناسب، عبر التكليف او ان يفرض ذو الكفاءة نفسه من خلال جدارته المتميزة. هذا اذا ما توفر له مناخاً ديمقراطياً سليماً.
ان ما تقدم من مفاهيم تنطبق تماماً على موضوع الساعة في الساحة السياسة العراقية حيث استعصى الفشل وتمرد على الازاحة. بمعنى من المعاني لا وجود " الشخص المناسب في المكان المناسب ". وهذه المقولة واحدة من العبارات التي غدت تأخذ حيّزها المتسع على الدوام في احاديث الناس. وقد اصبحت مطلباً لقوى التغيير والجماهير المنتفضة. فهل توجد طريق معبدة لارساء قاعدة التناسب بين المكلف والمهمة..؟ . الجواب: ان تمهيد الطريق هو الاخر يتطلب توفر " اللوجستيات " الضرورية وفي مقدمتها القوى الجديرة على التمهيد والتنفيذ والانجاز.
لا يتوهم المسؤول المتنفذ، ومن هو في موقع السلطة والقرار، بان ادواته وكيف ما كانت ستخلق له النجاح والدوام على كرسيه، دون ان يعلم بان مقعده منخوراً، وقد بات آيل للانهيار. بل يرى بانه سيحقق اهدافه وطموحاته، طالما هو مقتنع بنجاعة مخطاطاته وسلامة رؤيته.. !!. دون ان يشعر بالخلل الحاصل في التوازن ضمن قاعدة " الشخص المناسب في المكان المناسب". والذي يصنع حوله عوامل التداعي. هذا اذا ما خلق وعلى حين غرة عوامل الموت.
ولاهمية لفت انتباه من يناضل من اجل التغيير والديمقراطية، نرى ان تكون تدابيره تتناسب مع المهمة التي يروم الوصول لانجازها. زد على ذلك وجوب اسنادها بالمعالجات الاحتياطية تحسباً للاحتمالات السلبية. ان ما يدعونا الى الحث المخلص في هذا الصدد، هوغياب الاستعداد الملموسة والمناسبة لمعالجة التدهور الحاصل.. اي لا وجود للتدابيرالتي تتطلبها بالضرورة عملية التغيير. في الوقت الذي يجري الزحف مسرعاً نحو النهاية التي لاعودة بعدها.