تضطلع المرأة الريفية بدور كبير في تعزيز التنمية الزراعية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف، غير ان الإحصائيات الرسمية تكشف بان الكثير من النساء الريفيات ليست لديهن الفرصة المتاحة للرجل فيما يتعلق بالحصول على عمل يجلب لها اجرا مناسبا، في الوقت الذي تتعرض فيه لخطر كبير ناجم عن اساءة المعاملة والتحرش والأشكال الاخرى من العنف القائم على النوع.
المعلوم ان المرأة الريفية تشارك الرجل في أعمال الحقل ورعي الأغنام والماشية وتساهم في زيادة دخل الأسرة وتحسين مستواها المعيشي وهي تتحمل كافة الأعباء المنزلية، وبذلك فهي تؤدي الدور الاجتماعي" الانجاب والتربية" والدور الانتاجي في ظل الاضطهاد وعدم التقدير، وبهذا فهي تعاني الأمرين بسبب صعوبات العمل في الزراعة والمنزل يرافقه الإجحاف المجتمعي.
وهنا لا يمكننا تجاهل الواقع المتردي الذي تعيشه المرأة الريفية في العراق حيث فشلت المؤسسات الحكومية والبرلمانية في وضع التدابير والخطط اللازمة لإنقاذها من واقع التخلف والجهل وانعدام الرعاية الصحية والانتهاكات التي تمارسها العائلة والعشيرة بحقها وخاصة بعض التقاليد العشائرية التي تنتقص من حقوقها، ويمكن تلمس التدهور واضحا في الخدمات الاساسية لمختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، فنسبة الفقر في الريف اعلى منه في المدينة، فيما الحروب التي شهدها العراق وعمليات العنف والسياسات الزراعية الخاطئة للحكومات المتعاقبة ساهمت بشكل واضح في تردي الواقع الريفي وانعكس ذلك سلبا على المرأة الريفية التي تشكل عصب الحياة في الريف نظرا للمهام والواجبات التي تقع على عاتقها في البيت وفي مجال الزراعة.
ومن جملة معاناة المرأة الريفية هي مسألة الزواج المبكر وزواج القاصرات خارج المحكمة حيث يوجد عدد كبير من النسوة الريفيات ممن لا يملكن عقدا مصدقا في المحاكم، الأمر الذي ادى الى ضياع حقوقهن وحقوق ابنائهن في اغلب الأحيان، بالإضافة الى هدر حقوقها في الميراث لسيطرة الرجل وخضوعها لأنظمة واعراف لم تعد تتلاءم ومتطلبات وقتنا الراهن. وتعاني من قلة التعليم ومنع الفتيات من الالتحاق بالمدرسة وغياب او ضعف الرعاية الصحية، وتشكو سوء الوضع الاقتصادي، لان الريف العراقي ريف ذكوري القرار، نسائي العمل، فالمرأة تعمل في حقول زوجها او ابيها او اخيها ولا تحصل على اجر مقابل العمل، لأنها خاضعة وتابعة لسطوة (سي السيد) وهيمنته الكاملة اجتماعيا واقتصاديا.
لقد كشف تقرير وزارة التخطيط العراقية عن اهداف خطة التنمية المستدامة (2015 -2030) التي وضعتها الأمم المتحدة، الَّا ان العراق لم يستطع ان ينجز ما كان مقررا له من الأهداف الانمائية للألفية فيما يتعلق بالنهوض بواقع المرأة بسبب الصراعات والعنف المتزايد في البلاد، بل على العكس تماما حصل تراجع كبير في العديد من المستويات التنموية المتعلقة بالمرأة. ويشير الخبراء ان واقع المرأة الريفية سوف لن يتغير دون احداث سلسلة من الاصلاحات في المجتمع الريفي منها كسر القيود العشائرية.
اما فيما يتعلق بالدستور العراقي فقد اقر مبدأ المساواة بين العراقيين في الحقوق السياسية والمدنية وتولي الوظائف العامة وحق الاقتراع والترشيح لكل العراقيين لمن تجاوز سن الثامنة عشر من العمر للمجالس النيابية ومجالس المحافظات.
ولهذا فان من الضروري النهوض بواقع المرأة الريفية في العراق ومعالجة اوضاعها من خلال:
• القضاء على الفقر.
• محو الأمية وتطبيق التعليم الالزامي وافتتاح عدد من المدارس في الريف.
• عقد برامج تدريبية متخصصة تستهدف تنمية النساء الريفيات وحل مشاكلهن.
• رفع مستوى اداء المرأة في العمل الزراعي وتشجيعها على استخدام المكننة والتقنيات الحديثة.
• تشجيع المرأة الريفية على اقامة المشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة وتقديم القروض الميسرة.
• توفير الدعم لتسويق انتاج المرأة الزراعي او الحيواني او الصناعي بشكل مربح.
• الاهتمام بالنساء الريفيات المعيلات للأسر ودعمهن في اقامة مشاريعهن.
• تشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف.
• تأمين متطلبات ارتقاء المرأة الريفية اجتماعيا وثقافيا.
• محاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع اشكاله وتكريس ذلك بنصوص قانونية.
• تشريع القوانين التي تضمن حقوق المرأة الريفية ومكافحة العادات والتقاليد التي تهين المرأة كزواج القاصرات وزواج الفصلية وزواج (كصة بكصة) واجبارها على الزواج، ومنعها من الارث وحرمانها من التعليم وغيرها .
• فتح المراكز الصحية ومراكز الرعاية الاجتماعية في الريف العراقي بشكل يتناسب مع الكثافة السكانية.
• معالجة آثار التخلف الاجتماعي المدمرة على المرأة في الريف والمدينة والناجمة من سياسات النظام المباد وجراء الاحتلال والممارسات الارهابية والطائفية والتقاليد الاجتماعية البالية