عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اجتماعها الاعتيادي يوم الجمعة ٣٠ أيار ٢٠٢٥ في بغداد . وبدأت اعمالها بالوقوف دقيقة صمت تكريما للرفاق والأصدقاء الذين رحلوا عنا في الفترة الأخيرة، وإكراما لشهداء الشعب الفلسطيني وضحايا حرب الإبادة الصهيونية.
وسبق هذا الاجتماع انعقاد المجلس الاستشاري الموسع للحزب (٢٩ أيار الجاري) الذي شارك فيه أعضاء اللجنة المركزية وسكرتاريو اللجان المحلية، ومسؤولو لجان الاختصاص المركزية، ولجنة الرقابة المركزية وعدد من الكوادر الحزبية.
توقف اجتماع اللجنة المركزية للحزب بروح المسؤولية العالية والحرص الكبير عند العديد من القضايا التي تخص العمل الحزبي بجوانبه المختلفة. وثمّن المجتمعون جهود هيئات الحزب ومنظماته ورفاقه وأصدقائه وجماهيره في اعلاء شأنه والارتقاء بدوره في الحياة السياسية، مشددين على أهمية وضرورة استنهاض الهمم ورص الصفوف وتوسيع صفوف الحزب وتطوير عمل منظماته، وتنشيط الحركة الاحتجاجية المطلبية والجماهيرية، ورفع وتيرة الضغط الشعبي لانتزاع الحقوق وتلبية مطالب الجماهير المشروعة.
وبعد دراسة التقرير المالي والإداري، ثمّن الاجتماع مختلف المبادرات لتعزيز هذا الجانب المهم والحيوي في حياة الحزب، وتم إقرار مجموعة من التوجهات لدعم ماليته واطلاق مختلف الأنشطة والفعاليات في هذا السياق، ومواصلة استكمال بناء المقر الجديد للحزب.. بيت الشعب.
وتابع الاجتماع جهود قيادة الحزب ومنظماته ورفاقه التي بُذلت في الفترة الماضية، لرص صفوف القوى المدنية والديمقراطية والوطنية ومختلف القوى المتطلعة والساعية الى التغيير، ولبناء تحالف انتخابي منها للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٥. وقيّم عاليا ما تحقق على هذا الصعيد بتشكيل تحالف " البديل " الانتخابي، مؤكدا أهمية وضرورة استكمال التحضيرات والاستعداد للمشاركة الفاعلة في الانتخابات وتحقيق نتائج إيجابية للحزب والتحالف.
وفي هذا السياق شدد الحزب على أهمية توفير مستلزمات اجراء انتخابات عادلة ونزيهة، وان تعكس إرادة المواطنين الحرة في اختيار من يمثلهم، وتطبيق قانون الأحزاب السياسية النافذ وتعليمات وأنظمة المفوضية وإنفاذها على الجميع، والمراقبة الجادة لاستخدام المال السياسي ومواقع ومؤسسات الدولة في الترويج والدعاية الانتخابية وشراء الأصوات والمرشحين، وكذلك الحد من تهديدات السلاح المنفلت وتأثيره على سير العملية الانتخابية .
ودعا الحزب المواطنين لتجديد البطاقة البايومترية واستلام ما هو جاهز منها، والتوجه الى المشاركة بقوة في الانتخابات وجعلها احدى الأدوات الفاعلة لتعبئة القوى وفرض إرادة الشعب، في الخلاص من منظومة المحاصصة والفساد وتحقيق التغيير المنشود .
واكد الاجتماع الضرورة العاجلة لأن تراجع الحكومة الاتحادية قرارها وقف تحويل الرواتب لموظفي الإقليم، والذي نعدّه إجراءا يرقى الى حرمان قطاع واسع من أبناء شعبنا من مصدرعيشهم ومفاقمة أوضاعهم المعيشية، معتبرا أن شعب الإقليم وحقوقه الأساسية ولقمة عيش مواطنيه يجب أن لا تكون رهينة للتجاذبات والاختلافات، أيا كانت، بين الحكومة الاتحادية والاقليم.
ودرس المجتمعون تقريرا ضافيا عن التطورات في بلدنا، على الصعد المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإلاداء الحكومي والتشريعي، وكذلك المتغيرات على صعيد المنطقة وفي العالم وتأثيرها على الأوضاع في بلدنا.
ولفت الاجتماع الى استمرار الصراع على اتجاهات بناء الدولة ومنهج ادارتها، وتعمق جوانب الأزمة البنيوية العامة والشاملة، والتي هي في الأساس ازمة منظومة المحاصصة والطائفية السياسية، والمتماهية مع الفساد.
وجرت الاشارة الى أن حالة من الفرز الاجتماعي والطبقي تجري في مجتمعنا، وان شرائح وفئات جديدة تنضم الى المهمشين والعاطلين عن العمل. وفي وقت تتعمق فيه الهوة بين الأقلية المتنفذة والماسكة بعتلات السلطة والمالكة للمال والسلاح والاعلام، وبين غالبية المواطنين الذين يعانون من تداعيات الأزمة العامة والظروف المعيشية الصعبة وقلة فرص العمل وتردي الخدمات الأساسية، يتنامى رفض شعبي للواقع القائم ولمنظومة الحكم، وتتعدد اشكال الاحتجاج والنضال الجماهيري والمطلبي والذي يشمل قطاعات وفئات واسعة في المجتمع. وسيعتمد الكثير على تطور ذلك وحسن تنظيمه ووضوح رؤاه وربطه بالحركة العامة لشعبنا نحو التغيير الشامل.
وأشّر الاجتماع تعاظم مظاهر اللادولة وعدم إمكانية إنفاذ القانون على الجميع، فيما تتزايد حالات الفساد وانتشاره وصيرورته اخطبوطا متشعبا امتد الى مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية. كما تتزايد حالات انتهاك حقوق الانسان وقمع الاحتجاجات السلمية والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وتتصاعد انتهاكات حقوق المرأة بعد تمرير البرلمان للتعديلات السيئة الصيت على قانون الأحوال الشخصية.
وبيّن المجتمعون ان أوضاع العراق ابعد ما تكون عن الاستقرار في ظل استمرار وجود السلاح خارج مؤسسات الدولة الدستورية والتحرك لفرضه كأمرواقع، واستمرار حدة النزاعات المناطقية والعشائرية وعدم قدرة الدولة على بسط سلطتها وهيبتها، كذلك تواصل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي وثلم القرار الوطني المستقل. يضاف الى ذلك ما يعانيه المواطنون من بطالة وفقر، خاصة بين الشباب، وتعمق الاقتصاد الريعي والامعان في الإجراءات النيوليبرالية واضعاف دور الدولة والقطاعات المنتجة وعدم قيام الحكومة بواجباتها في تأمين الخدمات الأساسية وبضمنها في مجالات الصحة والتعليم والسكن والنقل. كما لاحظ المجتمعون إفراط الحكومة في الاقتراض الداخلي مع الانخفاض في أسعار النفط عالميا، وغياب قدر معقول من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين المواطنين. واخذت تلوح في الأفق ملامح ازمة اقتصادية ومالية خطيرة، قد تعجز الحكومة معها حتى عن تأمين الأموال للرواتب وتغطية مصروفات الدولة الأساسية.
واكد اجتماع اللجنة المركزية ان الظروف الدولية والإقليمية الضاغطة، وقبل هذا وذاك التطورات الداخلية في بلدنا وتعمق تداعيات نهج المحاصصة، وعجز القوى المتنفذة عن تقديم الحلول وتمسكها بنهجها الفاشل، كل هذا يلح على انضاج ظروف البديل وتغيير الواقع الراهن بما يحمله من احتمالات وتطورات خطرة.
وشدد الاجتماع على أن هذا يتطلب عملا وجهدا شعبيين وجماهيريين واسعين، وسعيا مثابرا ودؤوبا من كافة القوى الوطنية والمدنية والديمقراطية واليسارية، ومن الشيوعيين، وقوى الاحتجاج والرفض، للتحرك العاجل على مختلف المستويات، بما في ذلك المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية القادمة، لفرض إرادة الشعب في التغيير وتحقيق اختراق لصالح غالبية أبناء الشعب، والسير على طريق بناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية، الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية.
وجدد الاجتماع تضامن الحزب وموقفه الداعم لنضال الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة، خاصة حقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة على ارض وطنه، مطالبا بوقف حرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية ، ومد يد العون والدعم لتمكين شعب فلسطين من الحياة والصمود وإعادة بناء ما خربته ماكنة الاحتلال الإسرائيلي المجرمة. كذلك أكد الاجتماع وقوف الحزب بثبات مع شعب السودان وقواه الوطنية والديمقراطية، لوقف الحرب الكارثية فورا والانتقال نحو إقامة دولة مدنية ديمقراطية مستقلة وموحدة.
كما حيا الحزب نضالات شعوب المنطقة والعالم وقواها الوطنية والديمقراطية والأحزاب الشيوعية واليسارية، مجددا تضامنه معها من اجل السلام، ولبناء عالم بلا حروب وسباق تسلح، تسوده الحرية والعدالة والديمقراطية واحترام حقوق الانسان .
هذا وسيصدر في وقت قريب التقرير السياسي الشامل الذي أقرّه الاجتماع .