هناك ثلاثة اعمال مهمة لماركس نشرت لاول مرة في القرن العشرين، وهي نظرية فائض القيمة، المخطوطات الاقتصادية الفلسفية لعام 1844 والغروندريسة، وتعرف أيضا بأساسيات نقد الاقتصاد السياسي (وهي ليست “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” الذي نشر عام 1859).
والغروندريسة هي سبعة دفاتر كتبها ماركس عام 1875 كملاحظات في غرفة القراءة في مكتبة المتحف البريطاني، وهي اكثر من 800 صفحة من الملاحظات والمقالات القصيرة حول راس المال وملكية الأرض والدولة والأجور والتجارة الخارجية كمسودات جمعها في سبعة دفاتر وكتبها لنفسه. واعتبرت عند العثور عليها كوثيقة اقتصادية وفلسفية كتبها ماركس في الفترة بين صدور( البيان الشيوعي) والجزء الأول من (رأس المال) وفقدت في ظروف غير معروفة حتى عثر عليها كاوتسكي في 1902 ضمن أرشيف أوراق كارل ماركس المحفوظ لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني ونشرها في مجلة الحزب النظرية عام 1903.
ونشرت مجددا في 1939 في الاتحاد السوفيتي بعنوان نفد المقولات الاقتصادية بعد ان رفع تحفظ قيادات العمل الأيديولوجي عليها كونها تتعارض مع بعض المفاهيم السائدة آنذاك. وقد حققت شعبية واسعة في أوساط مفكري مدرسة فرانكفورت النقدية.
وفي عام 1973 صدرت اول ترجمة باللغة الإنكليزية قام بها الاكاديمي الماركسي ورئيس تحرير مجلة اليسار الجديد مارتن نيكولاس. ولغاية اليوم تمت ترجمتها الى اكثر من عشرين لغة من ضمنها العربية، حيث ترجم منها دفتران فقط، ونشرتها دار ابن خلدون وهي متوفرة على الانترنت.
ومن أسباب رواج الغروندريسه في السبعينات انها اعتبرت نموذجا لأعمال ماركس الناضج مقارنة بماركس الشاب في ما كتبه في مخطوطات 1844، بينما اعتبرها اخرون كخطة عمل لكتابة مشروعه الرئيسي، كتاب (رأس المال) وفيها ناقش أفكار ريكاردو وبرودون.
ومن الموضوعات الهامة التي تطرق اليها ماركس في الكراسة الأولى هي العلاقات التي تنشا وتتطور بين الناس اثناء عملية انتاج الخيرات المادية منذ بداية المجتمعات البشرية، وعلى أساس التقسيم الاجتماعي للعمل وان البشر حيوانات اجتماعية منتجة. وتطرق أيضا الى ديناميكيات الإنتاج والاستهلاك والتبادل والتوزيع، وعكس تطور رؤيته حول ارتقاء وتطور المجتمعات وأهمية النتاجات الفكرية والفنية والجمالية.
وحوت الكراسات ملامح مشروع ماركس في الاقتصاد السياسي وفائض القيمة والنقود. وتضمنت الغروندريسة أيضا شرحا لبعض المفاهيم الفلسفية كالتشيؤ والاغتراب، وهي كما يبدو استمرار لما تناوله في مخطوطات 1844.
وبمناسبة الذكرى 150 نشرت دار روتليدج عام 2008 مولفا خاصا حولها من اعداد الاكاديمي الإيطالي مارسيلو موستو، قدم له الماركسي البريطاني المعروف أريك هوبزباوم، تناول جوانب مختلفة مما حوته الكراسات وأهميتها في تطور فلسلفة وأفكار ماركس. ويمثل مصدرا مهما فهو يضم اكثر من مئة فصل كتب اغلبها من قبل اكاديميين مهتمين بالشأن الماركسي وتكشف أهميتها عن تطور ماركس فكريا واكماله مشروعه الضخم في كتابة (رأس المال) الذي هو اعمق تشريح ونقد للنظام الرأسمالي.