تعيش البصرة أوضاعا غاية في الصعوبة والتعقيد، وقد سبق ان اكدنا ذلك تكرارا ونؤكده اليوم من جديد. فهناك المشاكل المزمنة والجديدة الراهنة، التي ما انفكت تتفاقم يوما بعد آخر، ومنها البطالة والماء الملوث غير الصالح للاستخدام البشري وما سببه من اصابات مرضية متصاعدة، وانقطاعات التيار الكهربائي، والتدهور المريع  في قطاعات الصحة والتعليم، وارتفاع نسب الفقر وانعدام فرص العمل، لا سيما بين الشباب وحملة الشهادات.

وبسبب هذه الأوضاع المأساوية يزداد السخط والتذمر وحالة الاحتقان الاجتماعي، وتتسع هوة عدم الثقة بين الحكومتين الاتحادية والمحلية من جهة، والمواطنين من جهة أخرى. وقد اثر هذا كله وغيره بشكل حاد على حياة الناس ومعيشتهم البائسة اصلا، فيما المطلوب والواجب هو السعي لتخفيف  معاناة أبناء البصرة وحل مشاكلهم، ومكافأتهم على ما  قدموه من عظيم التضحيات من اجل استقرار بلدنا بأكمله.

إن هذا الوضع المأساوي  ليس بمعزل عن إصرار الكتل المتنفذة على نهجها الفاشل، نهج المحاصصة الطائفية ـ الاثنية وسوء الادارة وادامة الهيمنة والسيطرة والنفوذ والتقاطعات المستمرة بين الحكومتين، الاتحادية والمحلية. وقد ردت الناس على هذا الاوضاع المزرية في تموز الماضي بهبة جماهيرية متصاعدة، متخذة اشكالا شرعية وسلمية، ومعبرة عن مطالب وحقوق مشروعة. لكنها لم تجد حتى الان استجابة حقيقية، فيما يستمر اغداق الوعود والمماطلة والتسويف من جانب الحكومتين المحلية والاتحادية.

ان ما تشهده الشوارع والساحات اليوم من تظاهرات واعتصامات، ينسجم مع روح الدستور وحق المواطن في التعبير السلمي عن آرائه و مطالبه. وقد بات ملحا وعاجلا:

  1. ان تتحمل الحكومتان الاتحادية والمحلية مسؤوليتهما كاملة في حل مشاكل المواطنين والاستجابة لمطالبهم، واتخاذ الإجراءات الملموسة لتحقيق ذلك، والابتعاد عن الوعود واللف والدوران والتلاعب بالوقت، وان يتم تعويض عوائل الشهداء و توفير العلاج للجرحى والمصابين وتعويض المتضررين من العمليات العسكرية.
  2. ان تقوم الأجهزة الأمنية بواجبها في حماية المتظاهرين، وتكف عن استخدام العنف ضدهم خاصة استخدام الرصاص الحي والاعتقال وتوقيعهم على تعهدات مشينة بعدم العودة الى التظاهر.
  3. ان تتحمل الأحزاب والقوى السياسية الوطنية مسؤولياتها وتواصل الضغط على الحكومتين، من اجل اتخاذ إجراءات عاجلة تحمي مصالح الجماهير.
  4. ان تتبنى منظمات المجتمع المدني و النقابات و الاتحادات مطالب المتظاهرين المشروعة وتسعى من اجل تحقيقها.
  5. دعوة ممثلية  الأمم المتحدة و المنظمات الدولية للضغط  على الدول المتشاطئة مع العراق للتنسيق والتعاون في حل مشكلة ملوحة وتلوث الماء، والتوزيع العادل للحصص المائية، لتخفيف معاناة مواطني العراق عامة و البصرة خاصة. 

ولا بد ان نحذر من انه في حال عدم اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الحكومتين الاتحادية والمحلية، فان الأوضاع تنذر بتطورات شديدة الخطورة، يمكن ان  تهدد الامن والاستقرار ووحدة النسيج الاجتماعي.

25-8-2018