في دار من طينٍ خلف هذي البيوت
السومرية، انحدر الرجل الذي نطقَ
بالبشارة.
جلس بين المنتظرين ملتفعاً بصمتِه
وفي رأسه لمعَان.َ
مع ستة رجال يشبهون كهان خرجوا
عن قانون المعبد، فجلسوا مبتعدين
في حجرةٍ آخر الدار.

دارٍ في بابها
نخلة حارسة.
نخلةٌ حارسة تعرف السرّ
قيل عن ذلك الرجل الغامض في رأسه لمعَان:
كان يخيط ثياباً
قيل ذاك قناع،
قيل....
في الباب نخلةٌ حارسة.

وهو في الطريق، أعطى رجلاً صادفَهُ
بذرةَ نارٍ ليزرَعها في مكانْ.
بعد وصوله، تحدّث بشيء، ومتكتمّاً .
غادر غرفتَهُ. وحين وضع قدمه على العَتَبة،
التفت لصحبه،
وابتسم واختفى.
..............
"...
أنا أعرف أن ابتهاجاً حميماً يحلو على مائدةٍ
تجمع الزوجةَ الأطفالَ وان ألوان الصحون والضحك
المستريح والاستكان والمنقلة هي هذه مُدَّخرات
البيوت وهي هذه متعتُنا البسيطة وقد بعثروها!
لكن الأرضَ البكر حرثناها والآلاف الآن يبذرون
وصلنا
الباب يُفْتَح.
ممرٌّ طويل مثل نفق ينحدر.

ها أنا ،
وهُمُ !
أوجهٌ من صفيحٍ رصاصيةٌ
وعيون تحدُّق جصّيةٌ
أسأل نفسيَ:
هل عرفوا الابتسامْ؟
لحظة يابسة
ثم جاء سؤال
مثل ضَربةِ طبلْ:
-
أنتَ ، أنتْ؟
أشيوعيّ؟
-
نعم، وأظل
هو هذا معتقدي.

ثانٍ، وبصوت مثل فحيحٍ خشِنٍ:
"
أنتَ شيوعيٌّ قلتْ؟

- "قلتُ نعم
ما قلتموه الوحيدُ الصحيحْ !.

- "إعدام !"

- "لا إعدام للفكرة،
هل فكرتم كيف تُعَلّقُ فكره؟"

- "انتهت الجلسة !"

نحن طهّرتْ بيوتَنا الأضواءُ السماوية
والمنشوراتُ السرّية
والنومُ على جانب واحدٍ في المعتقلات
لا لشيء هذا العذابُ اليوميّ،
هذه المرارةُ في كوب الصباح،
إلاّ لكي يكتملَ الرغيف
وتُضاء الغرفة المظلمة
ونمتلك سقفاً نستضيف في ظلهِ الجمالْ.
.............
يا مُزمِنَ الشقاء، يا وطني،
تركتُ في ترابك بذورَ الثورة.
وستطلع سريعاً وتنتشر.
وأنتما يا رفيقيَّ، صونا حزبَكما، فهو كلُّ
ما يملكه الشعب غيرَ الموت
وداعاً
وداعاً
لا تسمحوا للكدر في شرابكم. لا لتراب
السقوط في الدماء النقيّة.
وهذه الأشكال الرصاصية الشائهة، التي
صنَّعَتْها مصانعُ الموت السرّية في القارات،
تجعلنا نحن نصنع من أجسادنا حقائقَ،
ونصنع لقتل الكراهة حبّاً وانطلاقَ طيور.
هل تعلمونَ سرَّ صمتِ الرضا بالصعود
الى المشنقة؟
لأنني أصعدُ وأنا في أقصى اكتمال الحب.
فلا تجعلوا الحياة تكرهُ نفسَها،
أعني لا تنسوا تغذّوا الصباحَ الأخير
في أقصى الظلام.
دمُنا الزيتُ الباقي .
أبصاركم لذاك الضوء وأرواحَكم له.

تعلمتم تصوغون المستقبل
وأنتم اليوم الصاغةُ الكبار في التاريخ.
أجملُ ما يُرى أنكم تكملون الطريق
والبنادق تبحث عنكم.
في الخارج، كل شيء الى موات
فينا، كل شيءٍ يزدهر من جديد
ما أجمل زنبقة الله الوهّاجة
تعيش في العصورْ !
.............
لا بأس أن تكون الحجرةُ سوداء
ويكونُ المستقبل مضيئاً. هذا هو الصوابْ.
وأنتِ، سيّدةَ الصبر،
...........
عفوَك، ولا بأس. لا طريق غير هذا الطريق
وقد اخترناه!
هذي الجموع على الأرض منذ قرون تطلب عوناً ،
فتقدّمنا،
شجعانَ تقدّمنا
أردنا أن ننقذَ الشرفْ
وهو هذا الطريق الوحيدُ الذي رأيناهُ ..، لنصل !
وداعاً!

وبهذه الأفكارِ صوفيٌّ أنا
أسعى الى فردوسنا الرباني
هي هذه خِرَقي وهذا ما اقو
تُ به ومثلهُمُ إيماني
جسدي كما الأجساد، هذا جلدُه
وقياسُه وكما ترون مكاني
أنا لستُ من حبسوهُ في زنزانةٍ
فحقيقتي تخفى عن السجّانِ
روحي توَهَّجُ في مسيرات الشعو
بِ ، تدور شعلتُها مع الأزمانِ

"مقاطع من القصيدة - الملحمية"

عرض مقالات: