الحضور المميز والانصات والتفاعل الجاد كانت مميزات ندوة استذكار شهيد الثقافة كامل شياع التي نظمت في خيمة مهرجان طريق الشعب في يومه الثاني, اذ كان الراحل شخصية المهرجان بمناسبة ذكرى رحيله العاشرة , واسهم الباحثون الدكتور كريم شغيدل والخبير القانوني زهير ضياء الدين والكاتب طعمة العكيلي في تقديم دراسات ومقالات على مدى اكثر من ساعة وادار الندوة التفاعلية الكاتب والاعلامي عماد جاسم الذي استهل اصبوحة الاستذكار بالقول: اكثر من عشرة اعوام مرت على مقتل الانسان الحلم والحلم الانسان، كامل الرفعة والتواضع والصدق كامل شياع والاصوات المطالبة بالتحقيق ما زالت ترتفع ومعها النداءات باتخاذ الإجراءات العادلة والكشف عن ملابسات حادث مقتل الرجل الانظف والاكثر انفتاحا في وزارة الثقافة, وها نحن اليوم في مهرجان طريق الشعب نعيد طرح التساؤلات عن ملابسات القتل واسباب توقف التحقيقات.
ويبدو ان البكاء في عراق النكبات بات الوسيلة المثلى لتلقي طعنات الظلاميين من القاتلين وهم يواصلون الاجهاز على منابع الجمال ببرودة دم وبيقين كبير بعدم المتابعة من اي جهة وها نحن نرى عيون كامل شياع محملة بالعتب والاسى والدهشة لخنوع مؤسسات الدولة من لعب دور حقيقي في الكشف عن قاتليه.. بعدها تحدث الدكتور كريم شغيدل عن ما يميز شخصية الراحل من دماثة الاخلاق وحسن المعشر وحبه الكبير للعراق ونضاله من اجل ترسيخ ونشر ثقافة التنوير مستعيدا ذكرى سماعه خبر الرحيل في صباح السبت المشؤوم, مشيرا الى انه كان على موعد معه لتدارس مشروع يهدف للارتقاء بواقع الانشطة الثقافة وتجسير آليات التواصل مع المنظمات الثقافية والجمعيات المدنية . فيما تطرق الباحث القانوني زهير ضياء الدين الى جريمة الاغتيال المنظمة في العراق وتوقف عمليات التحري وكشف الملابسات وغياب اي نوع من الجدية والمهنية من المؤسسات الامنية والقضائية لملاحقة قتلة كامل شياع الذي اطلق عليه الرصاص من كواتم في اشهر شوارع العاصمة وفي وضح النهار, مضيفا ان جرائم القتل لا تسقط بالتقادم ولا ضير في تكرار المطالبات لإعادة فتح ملف القضية التي انهت حياة احد اعمدة الثقافة العراقية وصاحب المشروع التنويري في وزارة الثقافة التي عمل فيها مستشارا في احلك الظروف مواجها ثقافة التطرف وباعثا الامل في نفوس محبي الجمال..
واستعاد الكاتب والفنان طعمة العكيلي ذكرياته مع الراحل في سنوات تعارفهما الاولى وكيف كان عاملا محفزا في تشجيع الفنانيين لإقامة معارض فنية رغم الظروف الأمنية, فقد كان مثابرا في مساعدة المثقفين ودؤوبا في حضور الندوات والمهرجانات, معتبرا ان القاتلين اختاروا اهم ايقونة من ايقونات التمدن ويبدو انه الخوف من اشعاع فكره الذي بات مثار اعجاب الوسط الثقافي والابداعي العراقي عموما..
وتخللت الجلسة العديد من المداخلات والملاحظات من الجمهور الحاضر ركزت على منجزه الفكري والفلسفي واهمية اعادة طبع اعماله وضرورة رفع دعاوى للمحاكم الدولية لاستئناف عمليات التحقيق في جريمة مقتل الحلم العراقي واحد اهم منابع الجمال الذي اتقن محبة الجميع وكسب ودهم واحترامهم..
وختم مدير الجلسة ندوة الاستذكار بتلويحة محبة واستعادة مشهد الجريمة ( ) :.. القاتل لم يلق التحية التي توقعتها فقد كان يسابق الزمن لتنفيذ الاوامر! امطرك بالرصاص.. كأنه ينتقم من رأس يكنز وداعة الكون وفكرا يخطط لبهجة الاجيال.. ابتسامتك بقية عصية على الذبول وعيونك المفتوحة التي كانت تختزن سؤالا لهذا القاتل.. هل تعرفني؟ وقد تنبأت بموتك في احدى رسائلك ووصاياك.. وقلت قد اكون هدفا لقاتل لا يعرفني! على مرمى حجر من دمك المسفوك على اسفلت محمد القاسم.. اقترب مني ضابط السيطرة متسائلا عن هوية المقتول الذين تنحبون قرب جثته! كتمت صرخة الاستنكار.. واختصرتك بالملاك! لم يفهمني.. مثلما لم تفهمك الحكومة التي عملت معها.. لكني على يقين ان قاتليك تيقنوا انك الخطر الذي يسعى لطمس ظلامهم.. وأنت المفكر المبدئي, الذي ستبقى تناضل لتقديس العقل واعلاء شأن الجمال.. وستكون الامل المرتجى.. والمحب الوطني الذي تنكر لكل اغراءات التحزب والامتيازات..