وأنا أشاهد إحدى القنوات الخليجية ، ظهر إعلان عن إطلاق قمر اصطناعي إماراتي "زايد". هذا يعني دخول الإمارات مجال التكنولوجيا الفضائية بشكل كبير جدا ، إضافة إلى ما وصلت اليه خبراتهم في مجال التقنيات من مستوىً عالٍ بفضل المتابعة والاهتمام الكبير الذي يوليه مسؤولوهم في مجال التربية والتعليم على وفق أحدث العلوم!
الإمارات لم يتجاوز عمرها نصف قرن ووصلت إلى ما وصلت إليه، والعراق عمره يصل إلى آلاف السنين تاريخيا ، وكدولة يقارب القرن، حيث كان مهدا للعلوم والفنون والآداب ، كيف آلت أموره الآن الى ما هي فيه من تردٍ وخراب!
استمعت قبل يومين وأنا عائد للبيت كلاما يدمي القلب ضمن برنامج كانت تبثه إذاعة المربد في البصرة، من خلال اتصالات المواطنين وطرحهم أمورا تخص التعليم والمدارس، حيث قال احد المتصلين إنّ أبناءه لم يستلموا كتب المناهج لحد الآن ، وكلما يراجع إدارة مدرستهم يقول له المدير إن الدراسة لم تبدأ بعد، وحالهم كحال الجميع في المدرسة! و آخر قال: إن أبناءه لا يريدون الذهاب إلى المدرسة كون إدارتها تطردهم إذا كانوا مرتدين تيشيرتات بيض. الإدارة لا تقبل إلاّ القميص الناصع البياض ، وأشار في حديثه إلى الفقير والموظف: ماذا يصنع حيال هذا الطلب؟!
وهناك إدارات تطلب من تلاميذها مبالغ تتراوح بين 2000 و 5000 دينار من كل طالب لغرض صبغ بناية المدرسة وغرف الصفوف، وأخرى تفرض عليهم شراء بعض كتب المناهج من السوق بحجّة ان الكمية الموجودة في المدرسة لا تكفي الكل. وبعض التلاميذ يضطرون الى شراء ملازم تلخيص وحل المناهج من المكتبات الأهلية ،لأن مدرسيهم لم يقوموا بالتدريس على الوجه الأكمل ،، وغيرها من أمور تجعل الطالب ينفر من الدوام ولا يرغب في الدراسة أبدا!
هذا الكلام وما سمعته جعل عينيّ تدمعان ألما وحسرة على ما آلت إليه أمورنا، فسوء حال التربية والتعليم وترديهما على المستويات كافة ينعكس سلبيا حاضرا ومستقبلاً ،حيث نجد أغلبية الطلبة والخريجين لا يحسنون الإملاء والنحو، وخطهم رديء جداً ، إضافة إلى ضعف مستوياتهم العلمية واللغوية !
قلة المتابعة، وانعدام الحرص، والإهمال، واستشراء الفساد، وانشغال المسؤول بأمور بعيدة عن واجباته ، إضافة إلى تدهور المستوى المعيشي، وسوء الخدمات، وأزمات السكن والماء والكهرباء وغيرها، كلها أدت إلى ما وصلنا إليه الآن!
إذا أردنا أن نكون كالإمارات مثلا ــ هناك قول للشيخ زايد عام 1971 جاء فيه: سأجعل مدينتَي أبو ظبي ودبي مثل بغداد والبصرة ــ يا للأسف ،، علينا أن نعي مسؤوليتنا الملقاة على عاتقنا ونتذكر قَسَمنا على خدمة الوطن والشعب ، لا خدمة جيوبنا ومكوناتنا وطوائفنا!
المحاصصة والفساد هما السبب الرئيسي في ما وصلنا إليه من مستويات ، ما جعلنا نتحسّر على ماضٍ نقرأ عنه ونسمع به من تطور في التربية والتعليم وغيرها!
توقفوا لحظة وتأملوا في ما وصلنا إليه، وضعوا كل شيء في ميزان الضمير الإنساني الحي ، ثم ابدأوا بالعمل!