متابعي حكاياتنا في هذا العمود يتذكرون أن أَبو جليل سمعه ثقيل وبصره ضعيف مما يضعه في مواقف يستغلها صديقي الصدوق أَبو سكينة ليمطره ـ ويمطرنا ـ بتعليقاته. فالحديث عن "هيبة الدولة" يتحول عنده "هيبة الدولمة" و"حل الأمور باللجوء الى ساحات القضاء العراقي" تكون عنده "هذه مشكلة سياسية فضائية، يمكن حلها بتصريح فضائي من أبو فلان وتصريح فضائي أخر من أبو علان في ساحات القضاء العراقي وأبوكم الله يرحمه". وحالما عرف أبو جليل بإستلامي رسالة من القارئة المتابعة "وداد م" أشارت فيها الى كوني خلال سرد حكايات عائلة "الكلام المباح" لا أعطي مساحة متساوية لبقية الشخصيات قياسا بالمساحة التي يحتلها أبو سكينة عادة. فراح يقدم ملاحظاته وتعقيباته على كل شيء نتحدث به، ظنا منه ان ذلك يمنحه الفرصة لمنافسة أبو سكينة، مما أجبر ابنه جليل الى تنبيهه كذا مرة.
اخذ موضوع تشكيل الوزارة المقبلة جل وقتنا في زيارتنا الأخيرة لبيت أبو سكينة. وكان جليل يعرض موقفه بضرورة ان تضم التشكيلية الوزارية شخصيات تكنوقراط تراعي التنوع في مكونات الشعب ولكن بعيدا المحاصصة الطائفية والاثنية، وان المطلوب من التشكيلة الوزارية المرتقبة استثمار الفرصة لتجاوز فشل الحكومات السابقة والشروع في عملية اصلاح على ارض الواقع مدعومة ببرنامج إصلاحي واقعي يقدم الخدمات الأساسية التي يحتاجها عموم أبناء الشعب ويحصر السلاح بيد الدولة ويكافح الفساد عمليا وبدون إطلاق الوعود والشعارات الرنانة. وعلقتُ شخصيا مازحا على الوقت والآلية الخاصة التي يحتاجها رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة لفحص ملفات اختيار الوزراء بعد ان وصل عدد المرشحين أنفسهم إلكترونيا كذا ألف لكل وزارة.
حين دخلت زوجتي ومعها سكينة وزوجة جليل بشكل صاخب بعد مشوار تسوق استهلك منهن كل النهار اذ ذهبن الى محلات افتتحت مؤخراً وأعلنت عن تنزيلات في بيع الملابس والاحذية، وعدن محملات بالأكياس مما اثار فرحة الأطفال.
كانت زوجتي تخاطب سكينة بصوت سمعناه جميعا: هذه فرصة ثمينة كان عليك استثمارها وكان يمكنك توفير الجهد والمال واتخاذ قرارك سريعا بجد ودون تردد.. قال لك بوضوح يمكنك ان تأخذي ثلاثة بسعر اثنين.
من مكانه سأل أبو جليل زوجتي بكل ثقة: ممكن نعرف هذا في أي حزب أو جماعة سياسية؟