تحقيق: حيدر ناشي آل دبس
معاناة الأجراء اليوميين تكاد تكون الأكثر تعاسة بين العاملين في دوائر الدولة، فرغم الجهد الكبير الذي يبذلوه إلا أن المقابل المالي زهيد جداً ولا يتناسب مع مايقدمونه من خدمات، فضلاً عن عدم تمتعهم بأي مميزات وظيفية تضمن لهم الاستقرار. وبعد إصدار مجلس الوزراء قراره بشأن التعيينات الأخيرة في دائرة صحة ذي قار، سلطت طريق الشعب الضوء على الإجراءات المتبعة في التعيين، فكانت البداية مع النائبة عن الحزب الشيوعي العراقي هيفاء الأمين التي تحدثت قائلةً:
"إن وضع الأجير مقلق، بسبب عدم امتلاكه حقوقاً تمنحه الاستقرار، كالتأمين الصحي أو الاجتماعي، والتقاعد وغيرها من الحقوق، فضلاً عن المبلغ الزهيد جداً الذي يتقاضاه قياساً الى الجهد الذي يبذله، وبالتالي هناك أعداد هائلة من الشابات والشباب الأجراء في مؤسسات الدولة وهم مثل القنبلة الموقوتة في أي لحظة قد تنفجر مطالبين بحقوقهم، وهذا من حقهم طبعاً" وبينت الأمين النائبة عن تحالف سائرون: "أما التعيينات فالضوابط تظلم هذه الشريحة، حيث انهم يدخلون بمنافسة مع المتقدمين الجدد على الوظائف، ولم تؤخذ بنظر الاعتبار سنوات خدمتهم فتكون لهم الأولوية على غيرهم" ووضحت أيضاً "في هذه الوجبة من التعيينات التي جاءت لدائرة صحة ذي قار تغيرت الضوابط، إذ تم منح درجات مفاضلة للأجراء على غيرهم من المتقدمين الجدد، مما سيؤهلهم للمنافسة" وتساءلت السيدة النائبة عن "أسباب عدم إنصاف الأجراء رغم حاجة المؤسسات الحكومية اليهم؟ بحيث لا يمكنهم الاستغاء عن خدماتهم، يا ترى ماهو المانع الذي يحول دون تثبيتهم على الملاك الدائم وبمستحقات مقبولة، وامتيازات تتلاءم مع دورهم؟" وأشارت كذلك إلى ان "هناك إجحافا كبيرا بحق المرأة العاملة، إذ لا تعطى إجازة للولادة، ويتم الاستقطاع من راتبها الذي هو قليل أصلاً، وهذا ما ينافي قانون العمل، والطامة الكبرى ان القطاع العام هو من يخرق القانون، والعذر في ذلك بائس، حيث يتحججون بالتقشف الاقتصادي والحرب على الإرهاب، وهذه تبريرات شكلية لا تلامس الواقع، لان العراق دولة غنية ومواردها المالية وموازنتها تكفي لتوفير فرص عمل مستقرة للشباب" وذكرت الرفيقة الامين "عليك أن تتصور خريجاً يحمل شهادة البكالوريوس ووظيفته عامل خدمة، فالدولة للأسف تخسر الكفاءات والطاقات بسبب فوضى الادارة والمحاصصة التي نخرت مؤسسات الدولة، وتتحمل الكتل السياسية المسؤولية الكاملة عن ما حصل ويحصل في البلد، من خلال تفضيل مصالحها الخاصة على مصالح الشعب" ونوهت النائبة الشيوعية الى إنه "في جلسات البرلمان الاولى قدمت مذكرة لتفعيل القانون المتعلق بأجور العمال والذي ينص في احد بنوده على، أن يكون أقل أجر للعامل هو (350) الف دينار، ومؤخراً زرت عدداً من الدوائر ووجدت هناك عمالاً لم يستلموا أجوراً منذ أربع سنوات، وبعد التحرك والمخاطبة تم صرف مستحقاتهم لسنتين، ونعمل الان على استلامها كاملة، حيث ان هنالك فوضى في تطبيق القوانين، ولابد من ذكر ان عملنا القادم سيتركز على تشريع وتعديل القوانين المعطلة، وسنضعها على طاولة البحث لتقديمها إلى مجلس النواب لإقرارها".
التقينا بعد ذلك بالدكتور عبد الحسين الجابري مدير صحة ذي قار ليوضح إجراءاتهم في التعيين فقال:
"بعد أن صادقت وزارة المالية على الدرجات الوظيفية للحذف والاستحداث، أعُلنت الدرجات الشاغرة للتقديم عليها" وأضاف الجابري "نحن كدائرة صحة ذي قار وخلال لقائنا بالمسؤولين في المحافظة توجهنا باتجاه تعيين الأجراء اليوميين، ولكن ضمن الضوابط الوزارية، وقرار مجلس الوزراء المرقم (226) لسنة 2018 والتعليمات رقم (4)" وبين د. عبد الحسين "لقد أعطينا (10) درجات مفاضلة للأجراء اليوميين لكي يكون التمييز بينهم وبين المتقدمين الجدد لصالح الفئة الاولى".
ثم توجهنا بعد ذلك إلى الأجير (حيدر ناصر حسين) الذي تحدث عن معاناته هو وزملائه قائلاً:
"أنا أعمل أجيراً في مستشفى سوق الشيوخ، ويبلغ راتبي الشهري (120) الف دينار، وأحياناً كثيرة يصبح (90) الفاً، وهذا المبلغ زهيد جداً ولا يكفي لسد احتياجاتنا المعيشية، وأنا لديّ عائلة ومصاريفها عديدة" وبيّن أيضاً "نحن الأجراء نعمل طوال الشهر ولا توجد إجازات ان حدث طارئ، أو فترات للراحة، فإذا أخذنا يوماً واحداً يستقطعونه من راتبنا، أما نوعية الأعمال التي نقوم بها فلا يوجد من يتحملها وخصوصاً في مجالات التنظيف، حيث نشعر بالحيف لان الأجر لا يوازي ما نقوم به" وأشار كذلك الى "إننا مجموعة من الأجراء اليوميين ويبلغ عددنا (232) صدر قرار بتثبيتنا على الملاك الدائم قبل فترة، لكن تمت إعادة ملفاتنا بحجة عدم وجود التخصيص المالي، وفي هذه الوجبة الجديدة من التعيينات قالوا لنا سنعاملكم كغيركم ولا توجد مفاضلة مع غيركم وتخضعون للضوابط الموضوعة، فضلاً عن ان الضوابط تم تغييرها بما لا ينصفنا".
ولمعرفة المعايير المتبعة التقينا عضو مجلس محافظة ذي قار وعضو لجنة الصحة فيه الأستاذ ضياء غليم وبيّن:
"إن المعيار المتبع هو حساب النقاط للمتقدم على التعيينات وهي الزوجية ولها درجتين وكذلك الأرامل والمطلقات لهما درجة، ومعيار الشهادة والخدمة للاجراء باحتساب درجه لكل ثلاث سنوات من التخرج لغاية (9) سنوات فقط ودرجة لكل سنة خدمة، فضلاً عن (10) درجات تفضيل للأجراء وهذا الأمر من صلاحية المدير العام، وكذلك فإن ذوي الشهداء، والسجناء السياسيين لهم درجات خاصة يتنافسون عليها حسب قانون الشهداء والسجناء" وأضاف غليم "نحن في مجلس المحافظة سيكون دورنا مراقباً على تطبيق هذه الضوابط، وبخلاف ذلك ستتم محاسبة المخالف مهما كان منصبه".