تعتبر الانتخابات في الدول الغربية البرجوازية احدى أهم أشكال ممارسة الديمقراطية على مستوى الشعب، وهو ما يميزها عن غيرها من أنظمة الحكم في العالم، والذي يتوقع منه أن يكون داعماً لحقوق المواطن في البلد ويضمن تحقيق العدالة الاقتصادية والقانونية والسياسية الأساسية.

تعتبر السويد بالذات مثالاً على هذه الديمقراطية التي لها سمعتها العالمية.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن لعبة الانتخابات البرلمانية في هذه الدولة، التي تعتبر فيها الرفاهية احدى أركان استقرارها، هو كيفية إدارة الصراع الطبقي الذي أدى تدريجياً الى تردي وضع الشعب (العمال، العاطلون، العمال المؤقتون والذين زاد عددهم، عمال الخدمات، المتقاعدون وكبار السن ... الخ) بلعبة سياسية ليست خافية على عين المراقب السياسي.

عندما كانت الحكومة ذات توجه اشتراكي ديمقراطي يساري كان هناك فائض في الميزانية والبنية التحتية. وكانت الخدمات العامة متوفرة بدرجة جيدة في التسعينيات، وهناك الكثير من البرامج لإعادة تأهيل العاطلين لتلبية حاجة السوق من العمالة.

لكن عندما وصل اليمين للسلطة من خلال اعلامه الضخم وعد الناس بخفض الضرائب، والذي سيوفر للمواطن العادي دخلاً اضافياً بحدود 40 دولار شهرياً مما دفع الكثيرين لانتخابهم. لكنهم نسوا بان خفض الضرائب للأغنياء كان بالملايين.

ومن جهة أخرى استخدمت الحكومة اليمينية الفائض في الميزانية لسد النقص في واردات الدولة ووفرت لها فرصة بان تسن قوانين لصالح رأس المال والشركات الكبرى من تسهيلات متنوعة محلية وأجنبية بالمليارات.

كما قامت بتغييرات في القوانين السارية المفعول منذ سنين لصالح الرأسمال بإلغاء بعض الضرائب كلياً أو تقليصها واستغلال أغلبيتها البرلمانية لذلك، مثل ضريبة الشركات التي مقرها ليس في البلد، مما كلف الدولة مليارات إضافية.

وبعد حدوث عجز في الميزانية اتجهت الدولة التي كان لديها فائض الى الاقتراض من الخارج (طبعاً لصالح الرأسمال العالمي). وعنما أحس الناس بسوء الخدمات التدريجي من الصحة والتعليم والسكن انتخبوا الاشتراكي من جديد ليتسلم ميزانية فيها عجز وبطالة أكبر، لكي يبني من جديد الاقتصاد الذي سرقه من حكموا قبله قانونياً.

وهكذا تعاد الدورة من جديد بشكل مسلسل يحس به من عاش في هذا البلد عدة عقود ويرى النتائج الملموسة التي يكاد لا يصدقها، بسبب درجة التغيرات السلبية في السويد خلال ثلاثة عقود من الزمن.

فبدلاً من طبيب العائلة أصبح قطاع الصحة وكذلك التعليم العام خاصاً، وهو المنتشر مقابل الزيادة الطفيفة ودفع المواطن أضعاف ذلك بسبب جهله بلعبة الديمقراطية البرجوازية التي تمارس في هذه الدول.

ويجري سن قوانين تضعف من قدرة النقابات وحقوق العمال التي حققوها بنضالهم في العقود السابقة وآخرها زيادة ميزانية الدفاع بالمليارات لصالح شركات الأسلحة بعد دخولهم حلف الناتو الذي قررته الحكومة اليمينية دون الرجوع الى الشعب.

عرض مقالات: