برلين – طريق الشعب

منذ أسبوعين، يتظاهر الإيزيديون العراقيون أمام مبنى البرلمان الاتحادي الألماني. وبدأ عدد منهم إضرابا عن الطعام استمر لعدة أيام. وفي 16 من الشهر الحالي، نقل سبعة إلى المستشفى. جغرافيا يعيش الايزيديون بشكل أساسي في شمال العراق وجنوب شرق تركيا وشمال سوريا. وتعرضوا ويتعرضون من قبل القوى المهيمنة، الى اضطهاد ديني وقومي مزدوج. لقد  جسد إرهاب داعش أبشع صوره، حيث تعرضوا لإبادة جماعية، وعمليات اختطاف واغتصاب بشعة ودمرت مناطق سكناهم.

في عام 2014، غزت ميليشيا داعش الإرهابية جبال سنجار في شمال العراق، حيث يعيش الايزيديون منذ قرون. وأستعبد الارهابيون النساء والفتيات، وجندوا الأطفال قسرا، وقتلوا آلاف الرجال. ومنذ ذلك الحين، غادر أكثر الايزيديين مناطقهم التاريخية..

إبادة جماعية

وفي كانون الثاني 2023، اعتبر البرلمان الاتحادي الألماني، جرائم داعش ضد الإيزيديين في شمال العراق وسوريا، جرائم إبادة جماعية. وصوت النواب بالإجماع لصالح القرار. ويعد البرلمان الألماني، أول برلمان دولة أوروبية كبرى يعترف بالفظائع التي ارتكبت ضد الإيزيديين.

وجاء في القرار أن "البرلمان الألماني ينحني أمام ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها تنظيم داعش". وبذلك يعترف البرلمان بأن الجرائم التي ارتكبتها داعش تشكل “إبادة جماعية بالمعنى الذي تضمنته اتفاقية الأمم المتحدة، ويجب ان تصبح مهمة الجميع رفع مستوى الوعي العام وتذكر الإبادة الجماعية للإيزيديين، لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". واكد قرار البرلمان على، ان "أكبر جالية إيزيدية في العالم تعيش في ألمانيا"، وانه من "المهم أن يقرروا مصيرهم". وعلى الرغم من ان طبيعة القرار ليست الزامية، الا ان الموقف عد تاريخيا، ويشكل أرضية واضحة لتقديم مطالب سياسية ملموسة للحكومة الاتحادية الألمانية. وكانت برلمانات هولندا وبلجيكا وأستراليا قد أصدرت بالفعل قرارات مماثلة.

المطالبة بتضامن أكبر

وعلى الرغم من مبادرة العديد من منظمات حقوق الانسان ومنظمات الدفاع عن اللاجئين والعديد من نواب البرلمان الألماني، وخصوصا من حزبي اليسار والخضر، الا ان اللاجئين الايزيديين، سواء الحاصلين على حق اللجوء او المهددين بالترحيل، يرون ان الجهود المبذولة اقل من مستوى الخطر الوجودي الذي يتعرضون له، خصوصا بعد انجرار أحزاب التحالف الحكومي الحاكم الى ضغوط اليمين المتطرف، ممثلا بـ „حزب البديل من اجل المانيا"، في الإسراع بترحيل المزيد من طالبي اللجوء الى بلدانهم الاصلية، او الى بلدان ثالثة.

 لهذا طالب النائب عن حزب الخضر ماكس لوكس وزير الداخلية الالمانية نانسي فيزر بوقف عمليات الترحيل. ويقول النائب: "أي شيء آخر غير مقبول بالنسبة لدولة تشعر بأنها مرتبطة بضحايا الإبادة الجماعية"، مذكرا أيا ها بأجماع البرلمان على اعتبار ما تعرض له الايزيديون ، حرب ابادة جماعية.  وانه، بوجود قرابة 200 ألف يزيدي، تعتبر ألمانيا الدولة التي تضم أكبر جالية إيزيدية في العالم.

ويخشى المعترضون على ممارسات وزارة الداخلية من إمكانية ترحيل أكثر من مائة أيزيدي إلى العراق، ولذلك يعبرون عن انتقادات حادة على نحو غير عادي لوزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر، وتأتي هذه الانتقادات من أحد نواب حزب الخضر المشارك في الحكومة: "يجب على السيدة فيسر أن تعيد النظر في تصرفاتها غير المقبولة"، ويدعو إلى الوقف الفوري لترحيل الإيزيديين إلى العراق: „ يجب أن تجد الحياة الايزيدية الحماية في ألمانيا بعد الاعتراف بالإبادة الجماعية. وقال لوكس لمجلة شبيغل: “لا أفهم لماذا نغض الطرف عن التمييز ضد الإيزيديين في العراق من قبل الاحزاب الاسلاموية”.

صفقات مع الحكومة العراقية

بحلول نهاية أيلول، تم بالفعل ترحيل 1063 من طالبي اللجوء المرفوضين من ولاية برلين.  وجاء ذلك نتيجة لطلب تقدم به نائب من(حزب البديل من أجل ألمانيا) اليميني المتطرف إلى مجلس نواب ولاية برلين. وهذا يعني أن الأكثرية في المجلس والمكونة من الديمقراطي المسيحي الحاكم في الولاية، والاجتماعي الديمقراطي حزب المستشار الألماني تشولز، قد استجاب لمطالبات المتطرفين، ورحل عدد أكثر بكثير من الذين رحلتهم حكومة ولاية برلين السابقة في العام الفائت، البالغ عددهم 897.

ويأتي تزايد أعداد المرحلين من ولاية برلين، منسجما تمامًا مع توجهات التحالف الحاكم في المانيا من أحزاب: الديمقراطي الاجتماعي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر. وتريد وزيرة الداخلية نانسي فيزر أن يتم إقرار مشروع قانون في مجلس الوزراء هذه الايام. ، يبنى على تشديد كبير لقانون اللجوء، من خلال توسيع نطاق إمكانية احتجاز طالبي اللجوء والمهاجرين، وتسهيل عمليات تجريمهم قانونا. ويأتي طرح مشروع القانون، استجابة لشكاوى من الولايات الفيدرالية بشأن المستويات العالية من التوتر الناجم عن ملف اللاجئين. ومن أجل التمكن من توظيف المناقشات المتعلقة بالهجرة، والتي أصبحت مشحونة بطابع عنصري، منذ هجوم حماس على المستوطنات الصهيونية، ولحرمان طالبي اللجوء من حقوقهم، تم منح المنظمات المدافعة عن حق اللجوء يومين فقط للتعليق على المسودة.

في بداية العام، نفت الحكومة الألمانية وجود اتفاقية رسمية للهجرة مع الحكومة العراقية، ولكن تقارير بثتها قناتا التلفزيون الألماني (ان دي ار) و(في دي ار)، أكدت بالفعل نية التعاون الوثيق بالإضافة الى التوقيع. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الالمانية قد أصدرت تحذيرات بشأن السفر إلى العراق وأن تركيا تقصف المناطق الكردية في شمال البلاد، إلا أن الاتفاقية بدأت تتحقق الآن بالنسبة لعدد متزايد من العراقيين. ووفقاً لوزارة شؤون اللاجئين والهجرة في ولاية شمال الراين وستفاليا، فقد تم ترحيل سبعة إلى العراق على متن طائرة مستأجرة في نهاية ايلول، ولم توجه إلى أي منهم تهم جنائية.