" اعلنت الولايات المتحدة الأمريكية يوم امس عن توقفها لدفع مساعداتها المالية لصندوق الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين UNRWA ) ) معللة هذا الإجراء بكثرة الأموال التي تدفعها الحكومة الأمريكية . كما جاء في اسباب هذا التوقف عن الدعم المالي ، ان المنظمة الدولية اعترفت بعدد كثير من الأشخاص باعتبارهم لاجئين . كما جاء في الأخبار بان الفلسطينين ادانوا هذا الإجراء ، وتاسفت منظمة اللاجئين على إتخاذ امريكا لهذا القرار . كما ورد في الخبر بأن المنظمة تستلم سنوياً ما يعادل 947 مليون اويرو تقريباً ، تدفع الولايات المتحدة الأمريكية ثلثه تقريباً . إلا ان ما دفعته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2017 مثلاً كان بحدود 291 مليون اويرو فقط . اكثر من 700000 ( سبعمائة الف ) فلسطيني يستفيدون من هذا الدعم المالي لهذه المنظمة التي اسستها الأمم المتحدة عام 1949 لإغاثة اللاجئين الفلسطينين بعد قيام دولة اسرائيل ." ( عن جريدة ـ الأحد في فرايبورغ ـ في 02. 09. 2018)

بأية مشاعر يواجه الإنسان العربي هذا الخبر الذي يضع امة الثروات ، الأمة التي تملأ  بنوك العالم بمدخراتها المالية ، الأمة التي لم تتوقف عن التبجح بتدينها بدين لا يدع مجالاً للفقر بين اهلها ، الأمة التي خرجت تواً من نحر ملايين الخراف والأغنام التي لم تشبع بها بطون جياع ينتظرون مساعدات " اهل الكفر " ، الأمة التي لا تخجل بأن يستجدي ابناوها وبناتها واطفالها وشيوخها منذ اكثر من سبعين عاماً من امم لا تربطهم بهم تلك الروابط التي يطلقها العرب في الهواء من وحدة الدم والمصير ، الأمة التي تنام عروشها وكروشها على المذلة والهوان والإحتقار من قبل العالم الذي اصبحت عالة عليه في كل شيئ تحتاج اليه في حياتها اليومية ، الأمة التي ستظل عارية حتى من ورقة التوت إذا ما تخلت عنها مجتمعات " الكفر " التي لا ترى فيها إلا مجموعة مغفلين شاء القدر ان يضع كثيراً من الموارد الطبيعية تحت تصرفهم وهم لا يفقهون منها شيئاً غير ضمانة استمرار بقاء الكروش على العروش .

لقد وصل الإبتذال بامة العرب درجة اصبح معها الإنسان العربي الذي يعيش هذا الإبتذال سيان كان  راضياً به او ساخطاً عليه موضع سخرية شعوب الأرض التي لا ترى في هذه الأمة إلا الركوع الأبدي للتخلف الفكري والإستمرار على اجترار الماضي بعنجهية فارغة اعمت بصيرتها عن التطلع نحو المستقبل الذي تخطط له الأمم الحية التي تنتقل باجيالها المتعاقبة نحو كل ما يربطها بتطور الفكر الإنساني وبالتالي نحو الحياة المرفهة السعيدة الخالية من كل الخزعبلات التي يفرضها الجهلة والمتخلفون ، كما هم في امة العرب بكل ما تضمه مجموعاتهم الفقهية و" العلمية " التي لا تعرف من العلم غير الكفر بدوران الأرض وعلاج الأمراض ببول البعير وعزل نصف المجتمع الذي اتى برجالهم إلى هذه الدنيا .

يبدو ان امة العرب لم تعد تعرف الخجل حينما تعيش سبعين عاماً على استجداء الآخرين ، خاصة ما يسمونهم اعداءً لهم ، لينقذوا من تسببت سياسات حكامهم بتهجيرهم من اراضيهم وجعلهم يعيشون ليس في كنف اهلهم وابناء جلدتهم القادرين على ايواء اضعاف اضعافهم ، بل عالة على مجتمعات اخرى تنفق عليهم ما يحتاجونه لقوت يومهم . اين الضمير العربي الرافض لمثل هذه الإهانة . اين العقل العربي الذي لم تخلوا منه المجتمعات العربية بعد ، على قلته ، لكي يرضى بهذا الذل وهذه الإهانات التي توجهها الدول المانحة للاجئين الفلسطينيين بقطع المساعدات المالية عنهم ، وجبابرة الخليج واوباشه ينفقون المليارات سنوياً على منظمات ارهابية لكي تشيع الرعب والقتل والجريمة في العالم كله . اين الإنسان العربي الواعي الذي يرى كل هذه الإهانات ويسكت عنها ، في الوقت الذي يسرح ويمرح فيه صبيان البترودولار في ملاهي وبارات وكازينو قمار الغرب ، ينفقون الملايين على ملذاتهم الدنيئة غير آبهين ولا مفكرين بملايين الجياع الذين يستجدون الغير من البشر الذين لا تربطهم بهم اية صلة لا من قريب ولا من بعيد .

ليس فقط اللاجئون الفلسطينيون الذين ينتظرون ان  تمن عليهم الدول " الكافرة " بالمساعدات المالية ، بل ملايين اللاجئين الآخرين الذي يشكل العرب والمسلمون نسبة كبيرة منهم ، لم يلجأ احد منهم الى بلد عربي ، خاصة دول البترودولار التي بامكانها ان تضمهم جميعاً دون اي حرج . لكن الأمور تسير على عكس ما يمكن ان يقوم به اي انسان يحترم نفسه ودينه ويتمتع بهذه الإمكانيات المالية التي يتمتع بها خنازير الخليج وكل الحكومات التي جعلت خيرات بلدانها بايدي لصوص يمتصون دماء شعوبهم دون وازع من ضمير او رادع من خجل .

العقل العربي والإنسان العربي بحاجة الى ثورة فكرية عارمة تقضي على التخلف السائد اليوم الذي يقود المجتمعات العربية نحو المزيد من سخرية الغير واستهزاءه بشعوب لديها كل شيئ لكنها لا تستطيع ان تُنجز اي شيئ .

عرض مقالات: