مفهوم الهيمنة في العلاقات الدولية حديث الإستخدام حيث يرجع استخدامها في ادبيات العلاقات الدولية الى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو يشير في أحد معانيه الى قوة عظمى لها القدرة على توجيه النسق الدولي وفق قواعد معينة ومتفق عليها من خلال السيطرة والتحكم الذي يمتلكه. والهيمنة   تمثل اعلى درجات القوة التي تبلغها دولة ما بحيث تكون مسيطرة عن طريقها على كل الدول الأخرى في النسق الدولي، شريطة ان لا تملك أية دولة من الإمكانات العسكرية ما يسمح لها بمجابهة حقيقية مع الدولة المهيمنة.            

والدول العظمى واغلب الدول المتجاورة يخشى بعضُها البعضا ووجود قلَّة ثقة فيما بينها، ويكمن وراء  مخاوفها بأن تكون لدى دولة أخرى القدرات إضافة الى الدافع لمهاجمتها ويجتمع هذا الخطر مع حقيقة أن الدول تعمل في منظومة من الفوضى السياسية، وأنه لا يوجد مَن ينقذها إذا هددتها دولة أخرى. ومع ذلك , لا ينبغي للدول أن  تحاول الحصول على أقصى قدر من القوة لأن الجهد الذي يُبذل في نيل المزيد من القوة يمكنه بسهولة أن يأتي بنتيجة عكسية. ومن المؤكد أنه ينبغي لها ألا تسعى إلى الهيمنة وإنما يجب أن يكون هدفها الرئيسي أن تحرص على ألا تكتسب الدول الأخرى قوة على حسابها هي. والشاغل الأول للدول ليس الحصول على أكبر قدر من القوة وإنما الحفاظ على مكانتها في النظام الدولي.وينبغي  على الدول أن تتحكم في طموحها لإمتلاك  القوة وذلك بسبب سيطرة السلوك المتوازن، فالدول تقوم دائماً تقريباً بكبح الدول المنافسة التي تسعى أن تكون قوية بشكل استثنائي.ونظرية الاستقرار بسبب الهيمنة  تؤكد على أهمية وجود مهيمن في النسق الدولي، أما الاختلاف بين الواقعية والليبرالية فيكمن في صورة القوة المطلوبة. بمعنى أن النظرية الواقعية تفترض صورة القوة المادية العسكرية التي تمكنّها من فرض سيطرتها على دول النسق الدولي، مع كل ما يثيره ذلك مع مسألة ميزان القوة على اختلاف مشاربها. أن عدم التساوي في القوة قد يضمن السلام والاستقرار في النسق الدولي، لأن التساوي النسبي وجهود إعادة التوازن كان ً ناد رًا نسبيا توزيع القوة بين الدول كان شيئا يؤدي إلى الحرب. والنظام الدولي هو التوزيع للقوة بين الفاعلين الدوليين في  فترة زمنية معينة. ويعبّر النظام الدولي عن نمط أو أنماط سائدة للتفاعلات بين الوحدات الدولية، تعكس هذه التفاعلات علاقات تأثير وتأثر بين الوحدات. وتتكون عناصر النظام الدولي من الفاعلين الدوليين وهيكل يحدده توزيع القوة والمقدرات داخل النظام. إضافة  إلى  ذلك القواعد والإجراءات والمنظمات التي تنظم سلوك الفاعلين الدوليين, و العمليات أو الأنشطة التي تتم داخل النظام الدولي مثل الحرب الباردة  والعولمة. فمنذ انتهاء الحرب الباردة اعتمد النظام الدولي في شقيه الاقتصادي والأمني على القيادة الأمريكية  والذي حقق للولايات المتحدة تفردًا بقيادة تفاعلات النظام الدولي واستطاعت من خلاله تأمين مصالحها وتحقيق أهدافها من خلال مؤسسات اقتصادية وأمنية دولية وإقليمية تعمل وفق المعايير والقيم الأمريكية. والنظام الدولي الذي تأسس عقب نهاية الحرب العالمية الثانية صنيعة الدول الغربية؛ إذ أن المؤسسات الدولية، وآليات صنع القرار التي تم استخدامها في اطار هذا النظام كانت بمنزلة محاكاة لنماذج المؤسسات والقواعد السائدة في الدول الغربية، وتحديداً في الولايات المتحدة .

 إن التفوق العسكري يتوقف على السيطرة الدائمة. فالولايات المتحدة الاميركية من أجل الحفاظ على هيمنتها العسكرية في جميع أنحاء العالم، لم تمارس فقط السيطرة المباشرة عبر وسائل صريحة مثل شن الحروب أو الانخراط فيها وإنشاء شبكات من القواعد العسكرية العالمية، بل استخدمت أيضا وسائل ضمنية مثل أنظمة التحالف والقواعد والآليات لممارسة السيطرة غير المباشرة. كما طورت نماذج تدخل جديدة وتكنولوجيا عسكرية جديدة ومفاهيم عسكرية جديدة وفقا للوضع الجديد، للسيطرة على أي منافس محتمل ومنعه من أن يصبح قوة تنافس الولايات المتحدة أو تتحدى سيادتها. ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة على إستراتيجية تطبيق القانون الدولي بشكل انتقائي عندما يخدم مصالحها بينما تتجاهله عندما لا يقوم بذلك، وهو نهج ثابت للهيمنة الأمريكية. وأبرز مثال على ذلك في المجال العسكري هو تحريف اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي تستخدمها للحفاظ على هيمنتها البحرية من خلال تنفيذ إجراءات "حرية الملاحة" استنادا إلى معاييرها الخاصة.  كذلك بعد انهيار جدار برلين واصبح العالم يحكمه قطب واحد أتجهت الولايات المتحدة للهيمنة على المنظمة الدولية ومنها منعها اتخاذ قرارات تخدم الدول ونشر العدل.

    والأهداف الحقيقية وراء تأسيس الأمم المتحدة ووضع سياسة دولية جديدة بمعايير أخرى تخدم مصالح الجهة المنتصرة ،بعد ذلك مباشرة انعقد مؤتمر يالطة والذي جمع الرئيس الأمريكي روزفلت والوزير البريطاني ونستون تشرشل والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين.فحسب خبراء الجيوبوليتيكا انه كان من الأهداف المضمرة لمؤتمر يالطة هو توزيع العالم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي:الثلثان للأولى والثلث للثانية،حيث كان الاتفاق أنه لايجب تغيير العالم ولكن الأساس هوا لتوزيع وانه لاداعي الدخول في صراعات قد تضرب مصالحهما.   

وهنالك إختلاف على مفهوم الدولة الصغيرة وتعريفها، خاصة وأن هذا المفهوم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأبعاد عديدة تؤثر تأثيراً مباشراً عليه كالبعد العسكري والسياسي والاقتصادي والجغرافي والاجتماعي، وقد اعتمد البعض  إلى استخدام بعض المصطلحات والمسميات مثل الربيع العربي، والشرق الأوسط، والدول الفاشلة والدول العظمى، وذلك لخلق نوع من النظام الفكري السيكولوجي لنشر نوع من الفوضى بين دول العالم. لكن مما لا شك فيه أن معظم الدول الصغيرة تفتقر للعمق الجغرافي أي أن مساحتها الجغرافية محدودة نسبياً مقارنة بباقي الدول(مثال اسرائيل ! تمتلك السلاح النووي لكنها تفتقر للعمق الجغرافي )، لذلك تجد نفسها مضطرة أحياناً للدخول في تحالفات إقليمية أو اتفاقيات أمنية ودفاعية مع دول كبرى ذات نفوذ عالمي أكبر، الأمر الذي سينعكس حتماً على سياساتها الخارجية، وعلى تعاملها مع النظام العالمي. أما الأمم المتحدة، فقد عرّفت الدولة الصغيرة بأنها "كيان صغير جداً في مساحته، وعدد سكانه، وموارده البشرية والاقتصادية"، دون تحديد واضح لهذا الصِّغر أو الكِبّرْ.                                     

 يجب أن تمتلك قوة سياسية وقوة عسكرية وسلطة وطنية متفوقة، وتُعد مهمةً لقدرتها على صياغة قوانين ومنظمات دولية جديدة. بمعايير القوة العسكرية، لا يُعد الجيش المدافع الصامد كافيًا. يجب أن تمتلك الدولة قوةً بحريةً أو قوة جوية متفوقة. يفسر هذا لماذا تموضعت القوى المهيمنة جغرافيًا على الجزر وأشباه الجزر. يوفر موقع الجزيرة وشبه الجزيرة أمنًا إضافيًا، حيث تكون القوة البحرية ضرورية، والقدرة على إبراز القوات عسكرية. في بعض الحالات لا تكون القوى المهيمنة جزرًا أو أشباه جزر. على سبيل المثال، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية جزيرةً افتراضية. تمتلك الولايات المتحدة ساحلين ضخمين، ويُعد جيرانها حلفاء أقوياء موثوقين نسبيًا. وأيضًا، تفوقت الولايات المتحدة على بقية أجزاء العالم بفضل الاختراع الحديث للأسلحة النووية ووجود قوة جوية متفوقة تؤمِّن أمنًا شديدًا موثوقًا.            

ونتيجة عبث واشنطن بمقدرات الشعوب برز قطب آخر لفرض التوازن وهذا القطب هو الصين وروسيا والانظمة المحبة للسلام . وقد تبنَّت بكين بصورة مطردة سياسة خارجية أكثر حزماً ونشاطاً منذ عام 2010 تقريباً، على خلفية مطالبها في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي. ومنذ وصول “شي جين بينغ” إلى السلطة عام 2012، تُعسكِر الصين سياستها الخارجية في بحر الصين الجنوبي، وتُروِّج لمبادرة “الحزام والطريق” لدى بلدان في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. وتعد الصين من الأطراف الدولية الفاعلة في الساحة الدولية بسبب ما تمتلكه من القدرة البشرية والعسكرية والاقتصادية.                     

وتتمتع الصين بمقومات متعددة، ّ جعلت منها دولة في مصاف الدول الكبرى، فهي تتمتع بموقع ًجغرافي جيد  إستراتيجي مهم إقليميا،ً وهذا انعكس إيجابا ً في تكريس دور ريادي للصين، على الساحتين الإقليمية والدولية. إضافة الى القوة البشرية، والاقتصادية، والعسكرية، وكذلك  عضويتها الدائمية  في مجلس الأمن الدولي وبالتالي تأثيرها في القرارات الدولية. وثمة تغيرات أثرت على الساحة الدولية  مما غيّر موازين القوى، وبالتالي ظهور فاعلين آخرين غير الولايات المتحدة، وأصبح النظام السياسي الدولي يتجه إلى تعدد الأقطاب، خاصة وأن عناصر القوة أصبحت موزعة على أسس تلغي نظام القطبية الأحادية. وبذلك فإن الصين تمتلك ما يؤهلها للعب دور فاعل في الساحة الدولية ويمكنها من منافسة ً الولايات المتحدة تحديدا. صعود الصين عملية تاريخية ممتدة تستند لأسس حضارية وثقافية عميقة الجذور لا يمكن اختزالها في الصدارة الاقتصادية الراهنة للصين فقط، حيث ارتبطت الهيمنة الصينية بتمدد الامبراطورية الصينية . وعلى الرغم من أن التاريخ الامبراطوري للصين انطوى على صراعات داخلية واقليمية أدت لتقويض فاعلية الهيمنة الصينية، فإن الروابط الثقافية والحضارية بين الصين ودول الجوار في آسيا، أضحت من أهم المقومات الداعمة للعلاقات الصينية بدول جنوب وجنوب شرق آسيا، لا سيما وأن أفعال  الاستعمار الغربي في القارة الآسيوية، أدى لترك اثر سيء  بالانخراط الغربي في الوعي الجمعي للشعوب الآسيوية بمحاولة فرض الهيمنة والاستنزاف الاقتصادي. 

إنَّ الذين يُعادون  الصين ويحبون أميركا لأسباب موضوعية ,أولها أن محبي الغرب هم غالبية الحكام وليست غالبية الشعوب لأن أميركا ممثلة الغرب تتجاوز وتتواطأ في غالب الأحيان مع الحكام الفاسدين الذين يرون فيهم استمرارا لأحتلال هذه الدول. وقد وصلت الصين الى ما وصلت اليه اليوم من ريادة اقتصادية محمية بترسانة عسكرية يجعل الغرب يخاف منها ويعاديها هو والدائرون  في فلكه . الصين تُطبِّق أقسى العقوبات بحق لصوص المال العام وتجار المخدرات والفاسدين. واجتذبت الصين تدفقا مستمرا من الاستثمارات الأجنبية منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، إذ تسابقت الشركات لدخول سوق الدولة الأكبر في العالم من حيث عدد السكان الاستثمار في الأيدي العاملة منذ بدايات الثمانينيات جرى تشجيع الصينيين على الاستثمار في مجموعة واسعة من المؤسسات الصغيرة، في حين خففت الحكومة من الرقابة على الأسعار وشجعت الاستثمار الأجنبي. وركزت الصين على التجارة الخارجية بوصفها وسيلة رئيسة للنمو، الأمر الذي أدى إلى إنشاء مناطق اقتصادية خاصة أولاً في شينتشين (بالقرب من هونج كونج) ثم في غيرها من المدن الصينية جرت أيضا إعادة هيكلة الشركات غير الكفء المملوكة للدولة من خلال إدخال النظام الغربي في الإدارة بينما أغلقت الشركات غير المُربحة، ما أدى إلى خسائر هائلة في الوظائف.