عندما نستذكر الجيل القديم في زمن الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي نجد أن الأعم الأغلب لهم الولع والديمومة على القراءة والإطلاع لما يدور من حولهم يتجولون في أروقة الصحف والمجلات والكتب والقصص والتمتع بروائع الكتب في العالم العربي والعالمي كان جيلا متطلعا ومثقف ذاتيا ومستوعبا ومكملا للدراسة المنهجية كان جيلا يقرأ ويتعلم ويطبق في حياته اليومية أستطاع أن يؤسس مجتمعا وأسرة ذات مواصفات عالية في التربية والتعليم لكن بمرور الزمن ونتيجة التطورات المعقدة والثورات العلمية والتكنولوجية وتحت ضغط ما يسمى بالحداثة المستوردة من الخارج استطاعت أن تفرض أسلوبها على عموم الأجيال والتأثير عليه نتيجة المناهج المدروسة من قبل الغرب ومؤسساته المشبوهة والخبيثة  استطاعت أن تبعد الجيل الجديد عن كثير من الممارسات التي تربى عليها آبائهم وأجدادهم حيث كان الجيل القديم يسمى بالجيل الذهبي يقصد المكاتب وشراء الصحف الورقية والمجلات بنهم الثقافية منها والعلمية التي تغذي فكره وتنعش ذاكرته وما زال محافظا عليها إلا القليل منهم الذي ركب الموجة في بحر لجي من التغيرات غير المرغوب والمرحب بها أثرت على شخصيته وفكره وفقد الحس الثقافي تحت وطأة المؤثرات الفكرية والصحف والمواقع الإلكترونية حيث أصبحت بديلا عن الكتب والصحف الورقية كونها سهلة المنال وغير مكلفة وخصوصا من الشباب الذي ما زال متمسكا بالقراءة والثقافة وأصبح يبحث عن المعلومة الجاهزة ويعتمد على الصور بدلا من القراءة والصراع محتدم بين الجيل الذهبي القديم والجيل الجديد في فهم بعضهم البعض وعدم قدرة الجيل القديم بممارسة دوره في التربية وتمرير ما يحمله من قيم وأخلاق وما يحمله من فكر في التربية والعقلية لتنظيم وإدارة الحياة اليومية إلى أحفاده الذين يخوضون صراعا قويا شرسا مع الحداثة المغلفة بالخباثة والسوء والتدمير لشخصية الفرد التي أسست نظام الإزاحة الجيلية وأحدثت شرخا كبيرا بينهما في الفهم والتطبيق للحياة الجديدة وأحدثت جيلا متخلفا عقليا ونفسيا وأخلاقيا وعقائديا يقابله جيل قديم يحاول رفع مستوى الجيل الجديد إليه بعقليته وفكره لكن الفشل كان حاضرا وسائدا كون المعادلة غير متكافئة بين قطبي الصراع بل أصبح الجيل القديم يتأثر شيئا فشيء بالمتغيرات الجديدة وبمواقع التواصل الاجتماعي مما جعل الجيل القديم يخوض الصراع وحده ليعيش تحت بند قانون ( لا أمر لمن لا يُطاع ) وتحت ذريعة مقولة مفادها ( لا تربوا أبنائكم على ما تربيتم عليه كون زمانهم غير زمانكم ) لهذا بقي الآباء والأجداد يعانون صعوبة في التربية على القيم والمبادئ والأخلاق والدين وعدم تقبل أفكارهم كون التأثيرات الجانبية من التحولات الاجتماعية والمفاهيم والأفكار الجديدة التي استوطنت في عقول وشخصية وتصرفات الجيل الجديد تقع تحت بند الثقافة المصطنعة التي لا تلائم مفاهيم مجتمعنا الشرقي الإسلامي وديننا وعقيدتنا لهذا لزاما علينا نحن كجيل قديم وأجداد أن لا نستسلم للأمر والواقع المفروض علينا ونحاكي الكثير من العقول والأفكار الجيل الجديد وحسب متطلبات التغيرات وتأثير الواقع بقدر المستطاع ومسك العصا من الوسط من غير أن ينفلت الجيل الجديد من بين أيدينا ونحاول أن ننزل إلى مفهوم وعقل أبنائنا ونطبق ما نريده بطريقة بسيطة وبحسب أدوات معرفية جديدة من خلال تطبيق برامج منهجية تعدها وسائل بحثية ودراسات حديثة لمعرفة شخصية الطفل والشاب برؤى وتربية حديثة حتى لو كانت بعيدة عن ثقافتنا العربية والأخذ بأحسنها وتجنب الباقي الذي يمس شخصيتنا العربية والإسلامية لتحصين الباقين والحفاظ على نشأت الأطفال والحفاظ على فطرتهم النقية .

عرض مقالات: