برزت جمهورية هنكاريا كدولة محورية في محيطها الاقليمي والاوربي والدولي وعلى وجه التحديد بعد فوز يمين الوسط  حزب الشعب (فيدس) بالتحالف مع الديمقراطي المسيحي منذ عام 2010 ولحد الان ولأربع دورات انتخابية متتالية تجاوزت نسب التحقيق أكثر من ثُلثي مقاعدِ البرلمان الهنكاري مما عكس هذا النجاح والتطور على رؤية التحالف في مواقفه وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية إن كان على نطاق الاتحاد الاوربي او الانفتاح على الواقع الدولي الجديد ومستجداته ومتغيراته وتطوراته ومصالح هنكاريا من هذا الواقع او على الصعيد الداخلي ورؤيته الاصلاحية .

ومنذ انضمام هنكاريا الى حلف شمال الاطلسي – الناتو- في 12 مارس من عام 1999 ودخولها الى الاتحاد الاوربي في الاول من ايار عام 2004 تذبذبت تلك السياسات بحكم تقلبات السياسات ومتغيراتها في الفترة الممتدة من عام 1998 ولحد عام 2010 حيث اتضحت سياسة التحالف الحاكم في المرتكزات الاساسية ، الاقتصادية ، السياسة الخارجية ،واقع الاتحاد الاوربي وسياساته وتوجهاته وعملية الاصلاح ، وقضايا التنمية، والموقف من الصراعات الدولية والاقليمية ، والوضع الداخلي الهنكاري ، وأبرز المؤشرات في البنية الاقتصادية والاجتماعية لهنكاريا ، فعلى الرغم من ان هنكاريا لا تتجاوز مساحتها الجغرافية 97 الف كيلومتر مربع وتعداد سكانها لا يتجاوز 9،71 مليون نسمة وان الناتج المحلي الاجمالي في عام 2021 كان 326 مليار دولار وان حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي  في عام 2021 كان 18.728دولار ، النمو في الناتج المحلي بلغ في نفس ذلك العام 7.1 بالمائة وهو اعلى نسبة بالقياسات ، النمو الاقتصادي في الاتحاد الاوربي ونتيجة لانعكاسات جائحة كورونا عكست بصماتها على الواقع الاقتصادي والنمو والركود والتضخم وكان من اهم وأبرز المهمات الملقاة على الحكومة الهنكارية هو تعزيز هيكلية الاقتصاد الوطني لهذا سعت الحكومة على تنوع مصادر الاقتصاد وعلى وجه التحديد في مجال الاستثمارات والتصدير وتحديث بنية الاقتصاد والقوانين التي تساعده على قدوم الاستثمارات وحققت بذلك نتائج جيده وعلى وجه التحديد في الانفتاح على اقتصاديات العالم الاكثر نموا وتطورا منها الصين وكوريا الجنوبية والهند وبلدان اسيا الوسطى والبلدان العربية والخليجية منها على وجه التحديد وليس اخيراً لقاء وزير الخارجية والعلاقات الاقتصادية الخارجية الهنكاري مع المسؤولين الايرانيين وتوقيع عقود في مجال صناعة الادوية والمواد الغذائية والمياه والصناعات البلاستيكية مع شركات هنكارية رائدة وبتكنلوجيا هنكارية 100 بالمائة، فعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية والمقاطعة التي فرضها الاتحاد الاوربي على روسيا في ضوء النزاع الحاصل بين اوكرانيا وروسيا ألا أن الموقف الهنكاري كان متميزاً بهذا الصراع وينحو نحو حل سلمي لهذا الصراع وبرزت بشكل واضح وجه التقاطعات في مواقف وسياسات الاتحاد الاوربي والناتو وسياسات التعددية القطبية والانفتاح على المجتمع الدولي لهنكاريا من تلك السياسات في العلاقات الدولية آخذين بنظر الاعتبار تأثيرات الجغرافية الاقتصادية والسياسية والتي تؤثر بشكل كبير على عملية تطور العلاقات الاقتصادية والسياسية حيث كان وجه بوصلته الاتجاه القطبي نحو الشرق والغرب في آنٍ واحدْ ، صحيح أن هنكاريا جزء مؤثر وفاعل في الاتحاد الاوربي وعضو في حلف الناتو وجزء من الاقتصاد الغربي حيث الاستثمارات الغربية في مجال الصناعات الثقيلة كصناعة وتجميع السيارات الالمانية ومنها على وجه التحديد ( مارسيدس- بي ام دبليو – اودي) وصناعة وتجميع السيارات اليابانية (سوزوكي) الا ان ذلك لم يمنع هنكاريا من التركيز على مصالحها الاقتصادية وهويتها الوطنية لهذا ظهر هذا التباين بشكل واضح من التركيز على مفهوم مصالح هنكاريا وهويتها الوطنية ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية.

المؤشرات الاقتصادية الهنكارية لعام 2024 تشير الى صعود في مرحلة النمو الاقتصادي نتيجة الانفتاح الاقتصادي والاستثمارات على العالم الخارجي وانخفاض العجز في الميزانية بالقياس الى الناتج المحلي الاجمالي وانخفاض نسبة الدين العام الى اقل من 68 بالمائة بعد ان تجاوز عن 80 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي وانخفاض في نسبة التضخم الى اقل من    10بالمائة وتسعى الحكومة في عام 2024 الى اقل من 5بالمائة وزيادة في الميزان التجاري والتصدير وزيادة حجم الاستثمارات الاجنبية وعلى وجه التحديد في مجال الصناعات الثقيلة حيث بلغت الاستثمارات في هذا الجانب أكثر من 13 مليار يورو منها صناعة السيارات الكهربائية الصينية التي سوف تغطي انتاجها مناطق واسعة من العالم لانخفاض كلفتها الانتاجية وكفاءتها النوعية العالية والانفتاح على الهند واسيا الوسطى في مجال الطاقة والزراعة والمياه والسياحة وقد ادى ذلك إلى تحسن في مجال الدخل الحقيقي للفرد ونمو الاستهلاك الداخلي والسعي نحو الاستثمار الخارجي بالنسبة للمستثمر الهنكاري الباحث عن مناطق جديدة للاستثمار في العالم .علماً بأنَّ الأرباح المتحققة للمستثمر الاجنبي العامل في هنكاريا بلغت اكثر من 6 مليار دولار، كل هذه المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد الهنكاري نشط وحيوي ويتكيف مع الواقع وقابل للمرونة والتطور وركزت السياسة الهنكارية بأن المفتاح الاساسي للتنمية والتطور هو التعليم الذي يستجيب مع حاجات التطور وسوق العمل حيث بلغت نسبة الاستخدام إلى اكثر من  85 بالمائة .

ومن المعالم الأساسية للسياسة الهنكارية هي الحفاظ على هويتها الوطنية ومصالحها الاساسية التي لا تتقاطع بالضرورة مع وجودها في الاتحاد الاوربي وفي عضوية حلف الناتو وتجلت تلك المواقف في عالم مضطرب المواقف والمصالح من الحرب الروسية الاوكرانية حيث ظلت هنكاريا محافظة على موقفها من هذا الصراع والحرب ودعوتها الى السلام والمفاوضات واشارتها الواضحة باستحالة هزيمة روسيا اضافة الى معارضتها الواضحة للعقوبات الاقتصادية على روسيا التي فرضها الاتحاد الاوربي وعلى وجه التحديد في قضايا الطاقة والمفاعلين النوويين اللذين بناهما الروس للأغراض السلمية حيث انعكست تلك العقوبات على اقتصاديات الاتحاد الاوربي والحقت ضررا كبيرا اكثر من العقوبات على الاقتصاد الروسي.

لهذا فشل الاصلاح والمعالجة الاقتصادية في دول الاتحاد الاوربي في ضوء سياسة الحرب المفتوحة على الاتحاد الروسي اضافة الى ان الاتحاد الاوربي ترك بلدان دول البلقان الحديثة باتجاه تقديم الدعم اللا محدود الى اوكرانيا.

ركزت هنكاريا في سياستها ومصالحها الوطنية في الموقف من الهجرة المفتوحة التي فرضها الاتحاد الاوربي، ان هنكاريا والحزب الحاكم يعتبر القيم العائلية التقليدية حجر الزاوية في سياسته الاجتماعية والتي تتقاطع مع سياسة الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة في هذا المجال.

ان هنكاريا تعتبر ان عام 2024 للاتحاد الاوربي عاما هاما ومفصليا لاسيما ان هنالك انتخابات قادمة التي ستحدد الاتجاهات المستقبلية والمتغيرات السياسية والاقتصادية اكان على نطاق اوربا او الوضع الدولي.

ان سياسة مؤسسات الاتحاد الاوربي في العلاقة مع الجانب الهنكاري تميزت بالحدة والضغوط حيث ماطل الاتحاد عن دفع المستحقات لهنكاريا المتبقية والتي تجاوزت ال 20 مليار يورو بحجة عدم مطابقتها لمعايير مؤسسات الاتحاد الاوربي.

تنبع سياسة هنكاريا بالأساس من مصالحها الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية انعكس ذلك مكاتب صندوق النقد الدولي حيث لم تعد هنالك حاجة لوجوده وممارسة الضغوط وفرض القيود والشروط التي تضر بمصالح هنكاريا وأخيراً لم يجري استقبال عضوين بارزين في الكونكرس الامريكي في لجنة علاقات حلف الناتو للضغط على هنكاريا لانضمام السويد إلى حلف الناتو حيث صرَّح وزيرُ الخارجيةِ الهنكاري إذا كان مجيئهم لإملاء ماذا نفعل فعليهم ألا يجدوا آذاناً صاغيه.

عرض مقالات: