يتطلع الوطنيون من أبناء شعبنا العراقي عموماً، وبخاصة قوى التغيير الديمقراطي وفي المقدمة منها " تحالف القيّم المدني " إلى همة المتضررين الفقراء، ضحايا نظام المحصاصة الظالم، هؤلاء الذين يشكلون الأغلبية، أن يكسروا حاجز المقاطعة الذي يكبلهم ويسلب فعلهم الثوري، ومن ثمة يدفعهم إلى ترك الساحة للقوى المتنفذة لتنفرد بها، مما يجعل الواقع الاقتصادي والسياسي المرير ينغمر في حالة تراكمية متداعية كما يظل سيداً للموقف. ان هذه المرحلة تكاد تكون حافة الهاوية التي مابعدها إلا الضياع، ولا أفق لحال البلد غير التقسيم.

وكما سبق وأن وصفنا الانتخابات بانها ليست بالكماليات السياسية، إنما الوسيلة السياسية الوحيدة المتاحة للتبادل السلمي للسلطة مع انها تعرضت وسوف تتعرض للتلاعب والتزوير من قبل القوى الحاكمة التي تمسك بادارتها تبعاً لتشكيل المفوضية على قاعدة المحاصصة، التي تعتمد الرشى السياسية للكتل الصغيرة بغية إبعادها عن رصيف المعارضة، وكل المعطيات المرئية والملموسة تزيد القناعة بأن أفق سلامة الانتخابات ملبدة بعوامل الاختراق، ويشم منها رائحة معطوبة. غير أن هذا لا يدعو إلى أن نجفل من ذكر التزوير والتلاعب متناسين ان لدينا القدرات الكامنة في القوى الممتنعة والمتحركة، التي بإمكانها جعل المتنفذين المتسلطين بواسطة خمسة بالمئة من الاصوات، ان يذهبوا بادراج رياح نهوض الاغلبية الوطنية بعد رص الصفوف والمشاركة الفاعلة بالانتخابات.

إن النضال من أجل أخذ الحقوق لا يتلاءم معه مفهوم " ابعد عن الشر وغني له " هذا الذي أقل ما توصف به المقاطعة. ماذا ينتظر من يقاطع غير دوام الحال المائل الحالي . هل يتصور عاقل أن اوساطاً كانت تحلم بابسط وظيفة حكومية، واصبحت اليوم تمسك بزمام السلطة وتستحوذ على المال والنفوذ والسلاح، أن تتنازل وتسلم فردوسها لخصومها وتعود إلى قاع واقعها السابق؟؟ إذا كان هذا العاقل يفكر هكذا، فعليه ان يعيد حساباته ألف مرة. وان يبعد عن تفكيره الحلول التي ستأتيه من عبر البحار.. لا يشاهد بالافق السياسي العراقي وجود طريق للخلاص الا بوحدة القوى الرافضة لنظام المحاصصة وبنهوضها الشعبي الواسع سواء اكان ذلك بالاندفاع نحو صناديق الاقتراع او النزول بزخم اعلى من زخم انتفاضة تشرين الباسلة لشارع الحراك المطالب بالتغيير الديمقراطي.

لابد من لفت الانتباه بان القوى المتسلطة المتحاصصة، لكونها ملتحفة بغطاء " ايدلوجي " تتبناه اوساط اقليمة. الامر الذي جعلها متماه معها إلى ابعد المسافات السياسة والاقتصادية وحتى السيادية، التي هي بالعادة تشكل خطوطاً حمراء لدى الشعوب الاخرى، مما اتاح لها ان تجد متكأ وسنداً.. اذن نعود إلى القول ماذا ينتظر المقاطع للانتخابات التي تحرك مرجل انبعاث الحماس الوطني سيد الحلول واسترجاع الحقوق المشروعة المصادرة. ومن نافلة القول ان الانتخابات ستشكل مقتلاً لنظام المحاصصة شريطة ان تتوفر نهضة انتخابية متماسكة وشاملة. توفر سلامة امنها من السلاح المنفلت، ومن التلاعب والتزوير المتوقع. 

عرض مقالات: