في آذار من هذا العام، 2024، تحل الذكرى التسعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي. ومنذ بداية تأسيسه كشف هذا الفصيل الفتي، الملتهب حُباً للوطن وبسطاء الناس أوراقه على صفحات جريدته الأولى السرية (كفاح الشعب) حيث دعا في عددها الأول الى تصفية القواعد العسكرية الأجنبية وإلغاء معاهدة 1930، والى يوم عمل من ثماني ساعات وتوزيع الأرض على الفلاحين. وسرت في الشارع الوطني والأزقة الفقيرة والمعامل والحقول علامات رضا واستبشار، ولاح في العيون وميض عزم ووعد، فيما أجفل الحاكمون نفورا وخشية، وانكبوا على اسلحتهم يشحذونها. وتحول الأمل منطلقا لعمل واعد منظم لا يكل، مفعم بنكران الذات والتضحية والعطاء الثر، حيث راح الحزب يستقطب كل يوم مزيدا من الساخطين على المستعمرين واحتكاراتهم النهّابة ونظامهم الملكي شبه الاقطاعي – شبه الرأسمالي، وتواصل متصاعداً دون انقطاع رغم موجات القمع والعسف والإرهاب.

    هكذا اذن في الحادي والثلاثين من آذار 1934، دون ان نغفل ما سبق هذا التاريخ من نضالات متعددة الصُعد، بدأ الرواد الأوائل ملحمتهم الثورية الكبرى يوم كانت الطبقة العاملة في العراق وليدة طرية العود ، تتلمس طريقها للتو إلى الحياة. كوكبة مقدامة من الشيوعيين بدأت مسيرة النضال والبلاد تئن تحت سياط الإقطاع وحراب بريطانيا الاستعمارية وقواعدها وجيوشها ومعاهداتها الجائرة والنظام الملكي والإقطاع، وناهبي ثروات شعبنا نفطاً وقمحاً. في ظل تلك الظروف انبثق الحزب الشيوعي العراقي كحركة سياسية من صميم حركة شعبنا الوطنية وحركة طبقته العاملة الفتية وكادحيه، يتبنى الفكر الاشتراكي العلمي ويسترشد بالماركسية وبمنهجها المادي/الجدلي/التاريخي.

 الربط المبدع بين النضال الطبقي والنضال الوطني

    من المنشور المحرض، إلى الكلمة الداعية، إلى التنظيم الصلب والشعارات الصائبة، نما الحزب  الشيوعي وكبُر فكبر به الوطن، وكبرت به الطبقة العاملة العراقية وحلفاؤها من الفلاحين وجماهير الكادحين وشغيلة اليد والفكر عموما. ومنذ ذلك الحين راح الشيوعيون العراقيون يوسعون تحركهم وسط الجماهير متصدرين كفاحها السياسي والاجتماعي ومبلورين لها الشعارات والتكتيكات الملموسة طبقا للظروف الملموسة. وفي مرحلة النضال تلك، ربط الحزب بإبداع بين النضالات الطبقية، نضالات العمال ضد أرباب الأعمال والشركات الاستعمارية، وكفاح الفلاحين ضد الإقطاع وجوره، بالنضال في سبيل التحرر الوطني والاستقلال الناجز ومن اجل الديمقراطية. هنا بدأت الثمار بالنضج منذ الأربعينات، مروراً بالخمسينات من القرن العشرين. وخلال هذه الفترة توالت المعارك التي كان للشيوعيين العراقيين دور ريادي فيها: وثبة كانون المجيدة في 1948، انتفاضة تشرين 1952، وانتفاضة الحي الباسلة عام 1956، اضرابات عمال النفط في كاورباغي وحديثة، واضرابات عمال السجائر والموانئ والسكك، وانتفاضات آل زيرج ودزه ئي، وعشرات غيرها من المعارك الطبقية والوطنية المجيدة والنزالات المشهودة التي مهدت لانتصار ثورة 14 تموز 1958 ثم ما تلى ذلك من معارك وصدامات وحراك مجتمعي توج في انتفاضة تشرين المجيدة عام 2019.

    وبمواجهة هذه النشاطات وضعت مختلف الانظمة، وسادتها وحماتها في الخارج، قطع رأس الحزب الشيوعي العراقي على جدول الأعمال. فمثلا يوم واجه قادة الحزب الأماجد، فهد وحازم وصارم، بصمود المشانق في قلب بغداد عام 1949، حلّت بالحزب فجيعة كبرى سرعان ما تحولت بعد عشر سنوات الى فعل ثوري. فقد كانت الجماهير على موعد مع ساعة الصفر في فجر الرابع عشر من تموز 1958، حيث اندلعت الثورة التي لعب الحزب الشيوعي دوراً بارزاً ومشهوداً في الإعداد لها والمساهمة فيها والدفاع عنها.

    إن دروس ثورة الرابع عشر من تموز 1958 غزيرة سواء في اندلاعها وتطورها وأيضا في انتكاسها. ومن بين كل دروس هذه الثورة ثمة درس مهم هو انها انتصرت لأنها اعتمدت على وحدة القوى الوطنية والديمقراطية التي ناهضت الحكم الملكي وناصرت الثورة وساهمت في نهوضها.. في حين كان من بين عوامل انتكاستها هو الصراعات التي نشبت بين هذه القوى حيث عجز العديد منها عن فهم طبيعة المرحلة التي دشنتها الثورة وترتيبها – أي تلك القوى- ترتيبا خاطئا للتناقضات بتغليب الثانوي منها على الرئيسي. علما ان النزعات الدكتاتورية لبعض قادة الثورة وعدم رهانهم على الجماهير الشعبية وتردداتهم كان من بين العوامل التي ادت الى انتكاسة الثورة وتتويج ذلك بثورة الردة في الثامن من شباط 1963.

    ان انقلاب شباط المشؤوم حدّد مسارا جديدا للصراع اتخذ طابعا دمويا وقيامات وحروب داخلية وخارجية لا تنتهي. بيد أن "مهندسي" الانقلاب لم يتمكنوا من تحقيق أحلامهم، فقد تولى الحزب الشيوعي العراقي قيادة المقاومة الجماهيرية الواسعة للانقلاب الفاشي الدموي. ورغم استشهاد الرفيق سلام عادل، سكرتير الحزب، والعديد من أعضاء اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، والمئات من كوادره وأعضائه، واعتقال عشرات الآلاف من أعضاء الحزب ومؤازريه، ومن الوطنيين والديمقراطيين، تمكن الحزب، رغم الجراح، من مواصلة النضال ليقف مرة أخرى في الخط الأمامي من المعارك الوطنية والقومية والطبقية. وفي عام 1978 جرب الدكتاتوريون الجدد، الذين عادوا إلى السلطة بانقلاب قصر في 17 تموز 1968، أن يعيدوا سيناريو الماضي الأسود وان بحذاقة ومكر هذه المرة. غير أن أساليبهم لم تستطع أن ترغم الجماهير على الخنوع والاستسلام. فرغم شراسة الإرهاب ووحشية القتل ودهاء التضليل وشراء الذمم، لم تتحقق أحلامهم المريضة بتصفية الحزب الشيوعي العراقي. ماذا كانت النتيجة؟ رغم قساوة الظروف وحجم التضحيات، ووسط برك الدم، نبتت زهور حمراء، ومن هذه الزهور نمت بندقية ثائرة. فخاض انصار الحزب الكفاح المسلح في ربى جبال كردستان، الى جانب اخوانهم البيشمركه من القوى الاخرى. وفي غضون سنوات قلائل تحول الحزب إلى قوة فاعلة تلعب دوراً بارزاً في الحركة الوطنية والديمقراطية، حتى غدا قطباً للمعارضة المناهضة للدكتاتورية.

 شهداؤنا وشهيداتنا... قناديل تنير الطريق لمن واصلوا ويواصلون المسيرة

    في الرابع عشر من شباط من كل عام تحل ذكرى استشهاد قادة حزبنا، الرفاق الأماجد يوسف سلمان يوسف (فهد)، زكي بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم). ويقف هذا اليوم، منارا هادياً نستمد منه الصلابة والبطولة والعزم في تحدي الإرهاب والصعاب ومواصلة النضال.

   تخفقُ الرايةُ الخفاقة.... وتحت ظلالِها الحمراء، يتوهجُ اسم مؤسسِ حزب الشيوعيين العراقيين (فهد) الذي أرَّخ باستشهادهِ زمنا بطوليا يليق بكل مناضل نذر نفسه للوطن واجتراح المأثرة. يتواصل قرع الأجراس للأبطال.. إن الموكبَ يتواصل..... وفي الذاكرة يعيد التاريخ توهجه ولنقرأ الأسماء ولنحدق في دمِ العناوين: سلام عادل سكرتير اللجنة المركزية لحزبنا، قادة الحزب: جمال الحيدري، جورج تلّو، محمد حسين أبو العيس، محمد الجلبي، حسن عوينة، طالب عبد الجبار، حمزة سلمان، عبد الرحيم شريف، محمد صالح العبلي، عبد الجبار وهبي، كامل قزانجي وتوفيق منير ومئات الواهبين بل الآلاف غيرهم.

    مسيرةٌ حافلةٌ بالفداءِ والتضحيةِ، طويلةٌ بطولِ العراقِ وعرضهِ، تشهدُ عليها محطاتُ النضال المعمدةِ بدم بطلاتنا وأبطالنا. لنحدق في الملامح.. ونتفرس في الوجوه، وننطق بالأسماء.. لنقرأ قائمةً أخرى بأسماء أولئك الذين استشهدوا في السجون، من بين ذلك شهداء مجزرتي سجن بغداد وسجن الكوت وانتفاضة الحي الباسلة: دنحا يلدة، نعمان محمد صالح الاعظمي، هادي عبد الرضا، موسى سليمان، احمد سليمان، احمد حسون، صبيح مير، وحيد منصور، احمد علوان، عبد النبي حمزة، رؤوف صادق الدجيلي، مهدي الشيخ حسين الساعدي، المربي يحيى قاف، الشيخ عبد الواحد وياسين سلّو وعلي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس.

    وللموصل الحدباء شهداؤها، الذين أخذتهم أعواد المشانق ومنصات الرمي بالرصاص وضحايا الاغتيالات، من بينهم: وعد الله النجار، ساطع إسماعيل، محمود إبراهيم وعبد الله الشاوي ومئات الواهبين بلا حدود من اجل الحزب والوطن.

    ولنقرأ الملحمة الشيوعية من جديد. ففي احد فصولها كركوك مدينة الشعلة الأبدية نُفِذَ حكمُ الإعدامِ بعشراتِ من الورودِ الشيوعيةِ من بينِهم: الشيخ معروف البرزنجي، عبد الجبار بيروزخان، مجيد حسين، فالح الجياري، عبد الله توفيق القرداغي، فتاح محمود، سالار توفيق، علي البرزنجي وغيرهم كُثر.

    تتوهجُ الذكرى.... تواصل قافلة أخرى من القامات الشيوعية مسيرتها مكللة بالغار....تمرُ في شوارعنا ومعهم تاريخاً حافلاً ونضالاً مجيداً: عايدة ياسين (ام علي)، شاكر محمود، ستار خضير، كاظم الجاسم، فاضل عباس المهداوي، وصفي طاهر، ماجد محمد أمين، سعيد متروك، نافع يونس، محمد الخضري، عبد الخالق البياتي، خزعل السعدي، محمد الدجيلي، جواد عطية، فكرت جاويد، عواد الصفار، الياس حنا كوهاري، صبيح سباهي، متي الشيخ، عدنان البراك، صاحب احمد المرزة، فاضل الصفار، حميد الدجيلي، عبد الأحد المالح، بشار رشيد، سهيل شرهان، وليد الخالدي، أبو كريّم، خضر كاكيل، أم سرباز، عميدة، أنسام، موناليزا، منعم ثاني، أبو آيار، وشهداء عموم معارك الحركة الأنصارية المجيدة وما أكثرهم، وشهداء النظام الدكتاتوري الإبطال وما أكثرهم وشهداء السنوات الأخيرة من ضحايا حروب الطوائف والميليشيات وجرائم القاعدة وفلول البعث الصدامي، وفي مقدمهم القائد الانصاري وعضو المكتب السياسي للحزب الرفيق (سعدون) وكامل شياع وهادي صالح (أبو فرات) وفاضل الصراف وأبو ثابت والعشرات من الرفيقات والرفاق الخالدين في ذاكرة شعبنا وحزبنا دوما. 

    تقرع الأجراس للأبطال والبطلات، ويتمجدُ التاريخ وعند مثل هذه الحدود، يكبر الشهيد الشيوعي، ليغدو شهيدَ وطنٍ، وابن شعبٍ بأسره. لنفسح الطريق للبطلات والابطال ممن ابقوا باستشهادهم بيارق الحزب والشيوعية مرفوعة في سماء العراق.. إن القوافل تتواصل.. وتسحب وراءها تاريخ الحزب الناصع.. مزكى بالدم.. والمحبة. فلقد أزهر الدم الشيوعي .. وعلى شجرة النضال العظيمة أعطى وما زال يعطي ثماره.. ان القوافل ما انقطعت .. وان التاريخ - طال الزمن أم قصُر- سيمجد كل هذه الالوف المؤلفة.

    تسيرُ المواكبُ، تسحبُ ورائَها الزغاريدَ، وقرع الطبول، وآخر الكلمات التي أوصى بها الشهداء لرفاق ورفيقات النضال: إن للعراق شهداؤه، وضريبة النضال المقدسة..من كردستان إلى الفاو.. من خانقين حتى الانبار.. أبطال وبطلات تلتف أيديهم وقلوبهم على طريق الشعب ومن اجل أهدافه النبيلة في الكرامة والخبز والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

    ليكن يوم الشهيد الشيوعي والذكرى التسعون مناسبات لوقفةِ إجلالٍ وإكبارٍ أمام تلك الدماء الكريمة التي أضاءت الدروب، ومحطات لتكريس مبدأ المعرفة والاختيار الصائب والموقف الأصح. ولا نستثني أحدا ممن سلكوا دروب الكفاح والمحبة والاستشهاد فلا مواقع متباينة للأبطال والشهداء والشهيدات... فهم قامات متساوية..إن القامات واحدة .. والنبرات واحدة.. والدماء بلون واحد.. بهم وهم يمرون بيننا، على هاماتِهِم، ما تزال بعد أكاليلُ البطولة والفخرِ والتضحية.. وفي شفاههِم لم ينقطع النشيد... وعلى أصابعِهم دم زهور معتقة. نباهي بهم الأمم والشعوب وندري أن مواسمَنا تكتملُ بأسمائهِم، ومن جدارةِ هذا الذي قدموه تشتد طاقة النموذج، وتصبح قابلة للتبني. فقد أودع الشهداءُ رفاقهم ورفيقاتهم كلمة السر وتعاهدوا على أن " الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق " ومشوا إلى خلودهم عزّلاً إلا من إرادة حب الحياة من أجل " وطن حر وشعب سعيد ".

    واليوم، في تسعينية الحزب، نحمل مشاعل الشهداء والشهيدات، قادة حزبنا الأماجد فهد وحازم وصارم ورفاقهم، سلام عادل والحيدري والعبلي وسعدون، والمئات من الواهبين بل الآلاف من الكواكب اللامعة من أبطال وبطلات حزبنا والحركة الوطنية والديمقراطية العراقية، نسير على دروبهم المضيئة، ونلتقي الأحياء ممن واصلوا رفعَ الراية لتبقى خفاقة. نطوفُ المعاملَ وأرض النخيل، وحقول الذرة والحنطة، والأهوار، نخوضُ في لجّةِ الماضي والآتي، في قرانا وبيوتِ العمال والفقراء التي تتطلع الى الفجر، ولم تعرف الكهرباء، استوطنتها الأمراض، وفتك فيها المستغِلون، وسماسرة المدن. هناك في الريف وفي المعامل والمحتشدات الجماهيرية، حمل شهداء الحزب الشيوعي العراقي راياته وطافوا بها في قلوب الفلاحين الفقراء والعمال البسطاء، علموهم أبجدية القراءة والنضال، وقادوهم وسطَ رياحِ الظلامِ، وهم يحملون مشاعلَ الحزبِ وكلماته، ويناضلون من اجلِ فجرِهم، الذي هو فجرُ إخوانِهم من الكادحين والفقراء وشغيلة اليدِ والفكر.

    واليوم، في هذا العام، 2024، تزهرُ الدماء الشيوعية، على شجرة النضال العظيمة التي أعطت وما تزال تعطي ثمارها. وها هي بصمات قوافل شهداء حزبنا تلوح في كل ساحات النضال، وكل نُصبه. إن دمائَهم وتضحياتهم تُضيء جميع المكاسب التي أحرزت، وعلى عناوين كل الانتصارات التي تحققت، وأجسادهم التي درأت موجات الغدر المتتالية ومحاولات قمع الحزب على مرّ عصور ذهب منفذوها الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.

    أجل.... شهداؤنا هم تاريخنا الناصع دوما... إن الدماء التي أرخصوها هي خلاصة المحبةِ، والوعي، والإرادة الصادقة، والشجاعة وروح الاقتحام.. إنهم بشائر الخير لأنهم حافز في ضمائرِ رفيقاتِهم ورفاقهم ممن يواصلون المسيرة اليوم، رغم كل الصعاب وحتى الاخفاقات احيانا، على خطاهم كما كانوا بالأمس حين يشتد الليل نراهم نجوما للأفق الرحب. إنهم اليوم، كما كانوا دوما، علامات خُضر في الطريق المجيدة المفضية إلى " وطن حر وشعب سعيد ". بهم وبهنّ يشمخ الحزب... وبمن ظلّوا خلّصاً على المبادئ العظيمة تتواصل المسيرة من اجل السيادة والاستقلال وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد، بعيدا عن نظام المحاصصات الطائفية - الاثنية.

    المجد كل المجد لشهداء وشهيدات حزبنا......... لكل شهداء الحركة الوطنية.... لكل شهداء الشعب والوطن..!

رحل الطغاة وبقي الحزب نخلة باسقة

    في 4/9/2003 رحل النظام الدكتاتوري إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه، والقي القبض على رأسه في جُحر مظلم. أما الحزب الشيوعي العراقي فبقي، رغم عمق الجراح، مرفوع الهامة في سوح النضال، نخلة باسقة تمتد جذورها في أعماق ارض العراق التي رواها آلاف الشهيدات والشهداء على طريق التحرر والديمقراطية والتغيير الشامل والعدالة الاجتماعية.

    إن إحياء هذه الذكرى المجيدة، في هذه اللحظات التاريخية، في معركة البدائل من اجل بناء عراق حر ومستقل ودولة مدنية ديمقراطية عصرية، يحمل أكثر من مغزى. ولعل أعظم مغزى يكمن في أن اعتي الرجعيات والدكتاتوريات والقوى والساسة قصيري البصر والبصيرة، التي توهمت، جميعها، أنها قادرة على اقتلاع جذور الحزب الشيوعي العراقي الممتدة عميقاً في وجدان الشعب وكادحيه وبسطاءه، واستخدمت، لتحقيق غاياتها هذه أبشع وسائل الإرهاب، كانت تكتشف، في كل مرة، أنها عاجزة عن إسكات صوت الشيوعيين العراقيين لأنه صوت الشعب والحقيقة والديمقراطية والسلم المدني، وعن فلِّ إرادتهم لأنها إرادة الشعب وكادحيه، عماله وفلاحيه وشغيلة اليد والفكر والمثقفين الوطنيين والديمقراطيين وكل من يهمهم بناء عراق يتسع للجميع.

    في عام 2024، عام الذكرى التسعين، يتجدد الامل بعراق جديد، عراق خال من الازمات والفساد وخيبات الامل والتهميش والإقصاء والاستعصاءات الدائمة وتناسل الازمات ومكائد حيتان السلطة وحروب المتحاصصين من القوى المتنفذة.   

المجد... كل المجد للذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي...

عرض مقالات: