حينما تفتقد الشعوب للضمان الإجتماعي وللعيش الرغيد وينتشر الفقر، تتصاعد الذئبية في نفوس البشر والبعض يريد أن يحقق لذاته عيشاً ومسكنا بشتى الطرق حتى ولو بالقتل والنصب على الآخرين والخيانة. في المسلسل الخماسي (جرعة خيانة) إنتاج 2022 تمثيل هيام مرعشلي وآخرين، نرى الخيانة بأبشع صورها، جرأة في طرح ما مدى إحراف السلوك الاجتماعي. في المسلسل شاب فقير معدم يريد أن يحقق الثراء بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان، فيتخذ دور (الجيكولو gigolo) وهذه تعني في الغرب في الستينيات والسبعينيات هو ذلك الرجل العاطل عن العمل الذي يستخدم قوّته الجنسية وجاذبيته في إشباع النساء الثريات بالجنس والغرام والهسيس فيمارس الحب معهن مقابل حصوله على المال من قبلهن، أما في شعوبنا إذا كانت الزوجة وخصوصا البغي تصرف على زوجها لأنه عاطل عن العمل فيسمى (الديّوث). بالمختصر هذا الجيكولو القويّ البنية والشهوة، أمله الوحيد أن يعرض نفسه على أكثر من إمرأة كي يجني المال الأكثر. في المسلسل نرى هذا الشاب يعمل كخادم لدى إسرة ثرية فيتعرف على سيدة البيت وهذه الأخرى تبحث عن الحب والجنس وإمتاع النفس وهكذا هو حال العوائل الإرستقراطية في شعوبنا . تقوم هذه المرأة بإغواء الشاب الجيكولو وهو بالأساس كان منتظرا أن يرمي شباكه عليها وهو يصغرها سنا بحيث أنها بمثابة أمه فتنشأ العلاقة بينهما فيقوم بإشباعها عاطفيا حد الإرتواء مقابل المال الذي تغدقه عليه . هذا الجيكولو كان مهوساً في علاقاته المحرّمة فيريد الثراء سريعا وبأقصر الطرق، فيتعرف على إبنة عشيقته التي هي بعمره فيغويها فتنشأ علاقة بينهما فيوعدها بالزواج وأيضا كانت تغدق عليه . ثم يتعرف على إبنة عم إبنتها وهي ايضا بعمره . وهذه الجريمة الكبرى حصلت قبل عام في مصر حين أغوى رجل شقيقتين وراح يمارس معهما الجنس دون دراية أحدهما بالأخرى مما إضطرت الأخت الكبرى بعد إكتشافها لهذه الجريمة أن تقتله بدمٍ باردٍ وحسناً فعلت في جعلها من نفسها القاضي والقانون والتنفيذ بحق هذا المجرم، وهكذا هي الشعوب التي يُفترض أنها تخاف الرب تفعل ما لا يصدقه العقل. ويستمر المسلسل بحبكته الرباعية (العشيق الجيكولو، الأم العشيقة وإبنتها العشيقة وابنة العم العشيقة) بحيث لا يمكنك تماسك نفسك من شدة هول الخيانات التي يفعلها هذا الجيكولو مع ثلاث نساء دون أن تعرف إحداهن بالأخرى مع الوعود الكاذبة التي يعطيها للفتيات مع الأم التي كانت تريد فقط المتعة والجنس والإيلاج فلا يمكنها أمام المجتمع أن تتزوج من شغيلها وخادمها الأصغر سنا منها وهي صاحبة شركة كبرى تركها لها زوجها الذي مات بجلطةٍ قلبية عندما رآها تخونه في بيته وعلى سريره مع خادمهم الجيكولو. يموت زوجها بمشهدِ قاسٍ فتفرح فرحا شديدا لموته وهي القاتلة له دون حسرة عليه ولاطرفة عين فلقد خلا الجو لها وعشيقها مع المال الكثير . الجرم لابد في يوم ما أن يُكتشف وتظهر الحقيقة في النور ، فتكتشف الأم من أنّ الجيكولو على علاقة بإبنتها وقد حبلت منه بالزنا . وهنا تصرخ وتقول (الاّ إبنتي) ، وهذا الكلام نفسه قاله لها زوجها حين إكتشف خيانتها مع الجيكولو في بيته فراح يسجل كل أملاكه بإسم إبنته فاعترضت زوجته على ذلك وقال لها ( الاّ إبنتي) . فبعد أن تكتشف خيانة الجيكولو مع إبنتها تعطيه موعدا غراميا قاسيا مدافا بسم الأفاعي. وأثناء النوم السريري تخرح مسدسها وترديه قتيلا مضرجا بدمه العبيط . وينتهي المسلسل والكل خاسر بما فيهما القاتل والقتيل والعشيق والمعشوقة في ظل شعوب لم تبادر حتى الآن في بناء ثقافة إجتماعية عادلة، ففي الغرب لا يمكن أن تجد الخيانة بين الزوج والزوجة الاّ ما ندر لآن كلا الشريكين إذا وجد نفسه لم يعد يحب شريكته وبالعكس يقول لها وبصراحة مطلقة: أنني لم أعد مغرما بكِ فيتوجب علينا الطلاق لأنني أحب إمرأة أخرى. ويتم الفراق التوافقي دون أدنى معضلة تحصل . بينما نجد اليوم قد إزدادت ظاهرة قتل الزوج من قبل زوجته وعشيقها في بلداننا لأسباب عديدة، وخصوصا في العراق وما يحصل تحت ظل الثقافة المستهجنة حاليا. نسبة الخيانة في شعوبنا حسب الإحصائيات عند الرجال تفوق الثمانين بالمئة وأقل منها بكثير عند النساء لأن الرجل لوخان يسمى بـ (الفحل) أما المرأة لو خانت تسمى (العاهرة). شعوب تفضل الخيانة والبقاء بجاهها وسمعتها المستورة على أن تصرخ ( علينا تغيير النظام المجتمعي وتقليده المقيت ) . فأين ثقافتنا المتردية من الثقافات الأخرى التي بنت صرحها وما من نكوص في هذا الأمر بل المضي نحو الأفضل والأرقى  .

عرض مقالات: