أكد الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن الحملة الانتخابية الحالية تشهد "إنفاقًا ماليًا غير مسبوق واستخدامًا واضحًا للنفوذ والسلطة"، ما يفقد العملية الانتخابية مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين المرشحين.
وقال فهمي في حديث لـ " طريق الشعب "، إن القوى التي لا تمتلك السلطة والمال تخوض الانتخابات في ظروف صعبة وتعتمد على إقناع الناخب بدل المال السياسي".
وأضاف فهمي إن "أنشطة متعددة سبقت انطلاق الحملة الانتخابية وتلتها، غير أن السمة البارزة لهذه الانتخابات هي الأموال الضخمة التي صُرفت في سبيلها، ما أوجد حالة من اللاعدالة الواضحة، ليس فقط من حيث الإنفاق المالي، بل أيضًا في استغلال المناصب والنفوذ ، وان العديد من المرشحين يشغلون مناصب عليا في الدولة، تتيح لهم موارد وإمكانات لا تتوفر للمرشحين الآخرين"، مشيرًا إلى أن "قانون الأحزاب كان من المفترض أن يُطبّق بشكل جدي لضمان حدٍّ أدنى من المنافسة العادلة، إلا أن الواقع يشير إلى غياب ذلك، خصوصًا مع مشاركة جماعات سياسية تمتلك تشكيلات مسلحة تستخدمها في الأطر الانتخابية، وأن بعض الأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة تدخل الحملة ولديها أعداد مضمونة من الناخبين، ما يمنحها تفوقًا مبكرًا ، على أن القوى التي لا تملك المال أو النفوذ أو السلطة تخوض الانتخابات في ظروف صعبة وتحديات كبيرة".
حملة الحزب الشيوعي الانتخابية
وتابع فهمي: "حملة الحزب الشيوعي العراقي تركز على القناعة والإقناع، بمعنى أننا نحاول أن نكسب الناخبين من منطلق قناعتهم بمشروعنا وأولوياتنا ومزايا مرشحينا"، مؤكداً أن "أغلب القوائم الأخرى التي تمتلك المال لا تلجأ إلى الإقناع بل إلى شراء الأصوات والذمم، وهنا يكمن الفرق الجوهري".
وأضاف أن "الحزب الشيوعي العراقي يتميّز في حملته بالتواصل المباشر مع المواطنين عبر حملات طرق الأبواب، وأن مجاميع من أعضاء الحزب تخرج إلى مختلف مناطق البلاد لتطرق الأبواب، وتعرض وجهات نظرنا وتستمع إلى المواطنين ومشكلاتهم".
وأشار إلى أن "هذه الحملة تُستقبل بترحاب واسع وتقدير خاص لمرشحي الحزب والمرشحين المدنيين عمومًا"، مبينًا أن "ممارسات بعض القوائم الثرية والقريبة من مواقع السلطة تسهم في تشجيع العزوف الانتخابي لأنها لا تقدم صورة توحي بالثقة أو نية حقيقية لمحاربة الفساد وإحداث تغيير في المسار السياسي".
وانتقد الرفيق "محاولة اختطاف العملية الانتخابية عبر المال السياسي وشراء الذمم بدل العمل على تعزيز الثقة والنزاهة والمصداقية من خلال طرح برامج انتخابية حقيقية".
التحالفات الانتخابية
وأوضح فهمي أن "الحزب الشيوعي العراقي يخوض الانتخابات الحالية عبر عدة قوائم وتحالفات، نظرًا لاختلاف طبيعة المحافظات العراقية وتنوع القوى السياسية فيها، وأن هذه التحالفات تهدف إلى توسيع الحضور المدني ومواجهة نهج المحاصصة والفساد المستشري".
وقال إن "الحزب يشارك في ثلاثة أطر رئيسية هي تحالف البديل في محافظات بغداد وديالى والنجف وكربلاء وواسط والديوانية، وتحالف فاو– زاخو في محافظتي البصرة وبابل، والتحالف المدني الديمقراطي في محافظة ذي قار".
وبيّن أن "هذا التنوع يعكس خصوصية كل محافظة من حيث توزيع القوى السياسية ومواقفها وأوزانها، وأن الحزب يسعى من خلال هذه التحالفات إلى بلورة مشروع سياسي واقتصادي بديل يعالج جذور الأزمات في البلاد".
مواجهة الفساد والمحاصصة
وقال فهمي إن "القوى المشاركة في هذه التحالفات تتفق على أهداف واضحة، أبرزها مواجهة منظومة الفساد التي أصبحت جزءًا من بنية النظام السياسي، إضافة إلى الحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار العراقي في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة".
وأشار إلى أن "نهج المحاصصة الطائفية جعل من الصعب تحقيق مواقف وطنية راسخة"، موضحًا أن "التباينات داخل الأحزاب المشاركة في الحكومة نفسها أدت إلى تشظي القرار السياسي، ما انعكس سلبًا على أداء الدولة وإدارتها، وأن أخطر ما أفرزته المنظومة الحاكمة هو سوء الإدارة الاقتصادية".
الأزمة الاقتصادية الراهنة
وأوضح فهمي أن "الثروات الوطنية تتركّز بيد قلة، فيما تتسع معدلات الفقر والأمية وتتراجع الخدمات الأساسي، وان إدارة الموازنة العامة تعاني من انعدام الشفافية، ومن خلل متزايد بين الإيرادات والإنفاق، حيث وصل العجز الفعلي إلى تريليونات الدنانير ومليارات الدولارات".
وأضاف أن "الحكومات المتعاقبة اعتمدت سياسات مالية توسعية أدت إلى تضخم الموازنة التشغيلية، حتى باتت النفقات الثابتة تستهلك الجزء الأكبر من الإيرادات النفطية، ما جعل الاستثمار العام شبه غائب، وأجبر الدولة على التوسع في الاقتراض الداخلي والخارجي".
وأشار إلى أن "الاقتراض الداخلي رغم أنه أقل خطورة من الخارجي، إلا أن له تداعيات اقتصادية مقلقة، أبرزها ضعف السيولة وارتفاع الأعباء على الخزينة العامة"، مؤكدًا أن "البلاد تواجه أزمة مالية متنامية بسبب سوء إدارة الموارد".
أزمات خدمية ومعيشية
وفي الجانب الخدمي، حذّر فهمي من "تفاقم أزمة المياه"، معتبرًا أنها "تمثل خطرًا استراتيجيًا على الزراعة والبيئة والحياة العامة"، ودعا إلى "استخدام الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية في التعامل مع تركيا وإيران لضمان الحصص المائية للعراق، إلى جانب تبنّي سياسات داخلية لترشيد استخدام المياه وتحديث تقنيات الري والسقي".
وقال إن "التمويل ما زال العائق الأساس أمام تنفيذ مشاريع التحلية والإرواء في المحافظات الجنوبية، خصوصًا في البصرة، رغم أن هذه المشاريع مدرجة ضمن الخطط الحكومية".
وأكد أن "التحديات لا تقتصر على المياه، بل تمتد إلى الصحة والتعليم"، موضحًا أن "هذه القطاعات الحيوية تعاني نقصًا حادًا في التمويل، ما ينعكس مباشرة على حياة المواطن وجودة الخدمات العامة".
سياسات مالية عادلة
وفي حديثه عن برنامج تحالف "البديل"، قال فهمي إن "التحالف يدعو إلى سياسة مختلفة في إدارة الدولة والمال العام"، مشددًا على أن "مشكلة العراق ليست في نقص الثروات، بل في سوء إدارتها".
وأوضح أن "استمرار نهج المحاصصة والتخادمات السياسية والفساد يجعل من حسن إدارة المال العام أمرًا شبه مستحيل"، مضيفًا أن "الإصلاح الحقيقي في الموازنة العامة يتطلب قرارات سياسية جريئة تُحمّل أصحاب الثروات والمداخيل العالية العبء الأكبر، لا أصحاب الدخل المحدود".
وبيّن أن "الدولة تلجأ اليوم إلى فرض الضرائب والرسوم لتغطية العجز المالي، وهو ما يثقل كاهل المواطنين والقطاع الخاص معًا"، مشيرًا إلى أن "أي مواطن اليوم يشعر بازدياد الضرائب والرسوم، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الإنتاج وقلة فرص العمل".
وأشار إلى أن "هذه السياسات تُضعف القطاع الخاص رغم الخطاب الرسمي حول دعمه"، موضحًا أن "الحزب يؤكد أهمية القطاع الخاص كشريك مساند للدولة وليس بديلًا عنها في القطاعات الحيوية".
تراجع التعليم والصحة
وأضاف فهمي أن "الدولة تبقى هي الفاعل الأساسي في تقديم الخدمات العامة، خصوصًا في مجالات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والبنى التحتية".
وانتقد "تراجع التعليم والصحة العامة"، مبينًا أن "الأسر العراقية، حتى محدودة الدخل، باتت تضطر إلى توجيه جزء من موازناتها للتعليم الخاص بسبب ضعف التعليم الحكومي"، مشيرًا إلى أن "الوضع في القطاع الصحي أكثر سوءًا، إذ يضطر المواطن إلى شراء الأدوية بأسعار مرتفعة ودفع مبالغ كبيرة للحصول على خدمة معقولة، حتى في المستشفيات الحكومية".
وقال إن "مبدأي التعليم المجاني والصحة المجانية أُفرغا من مضمونهما، وتحولت الخدمات الأساسية إلى سلع تُشترى بالمال، ما يعمّق الفوارق الطبقية والاجتماعية".
وأضاف أن "هذا الواقع ناتج عن تزاوج رأس المال مع النفوذ السياسي والإعلامي وحتى السلاح، ما أوجد منظومة مصالح متشابكة يتحمل أعباءها المواطن العادي".
إصلاح وبناء الدولة
وشدد فهمي على أن "كل تجارب الشعوب أثبتت أن التنمية لا تتحقق إلا عبر بناء دولة مؤسسات قوية"، موضحًا أن "النظام القائم على المحاصصة والتوافقات السياسية أثبت فشله في هذا الجانب".
وقال إن "منظومة المحاصصة والفساد غير قادرة على بناء دولة مؤسسات حقيقية، لأنها تعتمد على التخادم والصفقات المشبوهة، وغالبًا ما تُتخذ القرارات خارج إطار الدستور والقانون"، مضيفًا أن "أحد أهم ركائز الدولة الحديثة هو احتكار السلاح من قبلها، وان وجود السلاح المنفلت خارج إطار الدولة يمثل تهديدًا خطيرًا للأمن الوطني والسيادة، وتبريرات استمراره تحت ذريعة التحديات الأمنية لا يمكن أن تستمر، لأن الحل يكمن في مؤسسات الدولة لا خارجها".
وبيّن أن "إعادة بناء الدولة وتطوير مؤسساتها هو أحد المحاور الرئيسية في استراتيجية سياسات البديل التي يتبناها الحزب الشيوعي"، مؤكدًا أنها "تشمل إصلاحات اقتصادية واجتماعية متكاملة تهدف إلى تحقيق العدالة والاستقرار".
وأوضح أن "الحزب يدعو إلى تطوير القدرات الإنتاجية الوطنية، وخلق بيئة استثمارية ومناخ مؤسسي آمن يدعم التنمية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية باعتبارها شرطًا أساسيًا للاستقرار السياسي والاجتماعي".
العدالة والسكن الكريم
وأشار فهمي إلى أن "العدالة الاجتماعية تتطلب توسيع أنظمة الضمان الاجتماعي لتشمل الفئات الضعيفة وكبار السن والأيتام والنساء المعيلات وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلًا عن معالجة أزمات السكن والصحة والتعليم باعتبارها أولويات وطنية".
وأكد أن "ملف السكن يمثل التزامًا دستوريًا على الدولة"، داعيًا إلى "وضع استراتيجية وطنية للإسكان تراعي مستوى الدخل وتستهدف الفئات محدودة ومتوسطة الدخل"، مشيرًا إلى أن "المشاريع الحالية موجهة في الغالب للفئات الثرية".
كما دعا إلى "معالجة ظاهرة العشوائيات ضمن خطة وطنية شاملة تشترك فيها الدولة والقطاع الخاص عبر شراكات عادلة، تضمن توفير مساكن ميسّرة وبمواصفات مناسبة للفئات الشعبية الواسعة".
وختم فهمي بالقول: "إن البديل الذي ندعو إليه لا يقتصر على تغيير الوجوه، بل على بناء دولة العدالة والمؤسسات التي تحتكم إلى القانون، وتستثمر ثرواتها لخدمة الشعب، لا لخدمة مصالح ضيقة أو فئوية".
بورصة انتخابية!
أعلن مجلس محافظة واسط عن عزمه توزيع أكثر من خمسة آلاف قطعة أرض سكنية بعد الانتخابات مباشرة، في خطوة وصفها البيان الرسمي بأنها تأتي ضمن “الجهود الرامية لتوفير السكن وتحسين مستوى الخدمات في المحافظة”.
لكن، وكما هي العادة في مثل هذه التوقيتات الحساسة، يبرز السؤال البريء الذي لا يجد إجابة مقنعة لماذا جاء الإعلان الآن تحديداً؟
هل تأجيله إلى ما بعد الانتخابات كان سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي أو الوحدات السكنية؟! أم أن الاعلان هذا محاولة مكشوفة لتسجيل نقطة سياسية وانتخابية على حساب وعي الناخب وثقته بالمؤسسات المحلية؟
اللافت في الأمر أن المجلس لم يوضح أسس الاختيار وآليات التوزيع ولا الفئات المستهدفة، واكتفى بإطلاق وعد فضفاض يلامس حاجة المواطن الأساسية إلى السكن، في وقت تحولت فيه هذه الوعود إلى أداة دعائية مألوفة تستثمرها السلطات مع اقتراب كل موسم انتخابي.
هذا النوع من الخطاب الرسمي يكشف عن خلط متعمد بين الواجب الإداري والمكسب الانتخابي، إذ تُقدَّم المشاريع الخدمية وكأنها “هبة انتخابية” لا استحقاقاً دستورياً للمواطنين.
فالإعلان عن توزيع الأراضي في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن محاولات استمالة الناخبين، خصوصاً عندما يقترن بعبارات عن “تحسين الخدمات” و“رعاية المواطنين”، دون تحديد جدول زمني أو ضمانات تنفيذية واضحة.
تحل هذه الأيام الذكرى السادسة لانتفاضة تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩ المجيدة، ذكرى أيام الغضب الجماهيري والرفض والتحدي.
كانت انتفاضة تشرين صرخة مدوية بوجه الظلم والفساد والتعسف والمحاصصة، والاستهتار بحقوق المواطنين والتمييز بينهم، وضياع فرص ثمينة للبناء والإعمار، وإهدار المال العام، وتغوّل المليشيات، وثلم سيادة البلد واستقلاله، وفقدان القدرة على امتلاك ناصية القرار الوطني المستقل.
لم تكن انتفاضة تشرين لحظة عابرة، فقد جاءت تتويجا لتظاهرات واحتجاجات انطلقت منذ شباط ٢٠١١، وتراكمت أسبابها عبر سنوات عجاف من التهميش والإقصاء، ومن شيوع الفقر والبطالة وسوء الخدمات، وتفشي الفساد، وزيادة حدة التمايز المجتمعي والطبقي، وتعاظم سطوة الأقلية الحاكمة الملتحفة بالمحاصصة الطائفية والاثنية وتسييس الدين، والمستقوية بالسلاح المنفلت، والمتماهية مع أجندات خارجية على حساب قضايا الوطن والمواطنين.
لم تكن الانتفاضة تخص فئة معينة من مجتمعنا العراقي المتعدد، ورغم ان الشباب كان لهم القدح المعلّى فيها وفي انطلاقتها واستمرارها ما يزيد عن عام، فإن الملايين التي شاركت فيها ودعمتها، كانت من كل الأطياف والأعمار، ومن النساء والرجال. لذلك حملت بحق الهوية الوطنية الجامعة، التي جسدها شعار المنتفضين "نريد وطن".
وكسرت الانتفاضة حاجز الخوف، وأسقطت حالة اليأس والقنوط. فكان المواطنون يقبلون على ساحات الرفض والاحتجاج وخيام الصمود، أفواجاً وجماعات، رغم الأساليب الدنيئة التي استخدمت ضدهم، وجرائم "القناص" و"الطرف الثالث" المجهول المعلوم.
وأشهر القتلة في رعبهم وخوفهم من الشعب وإرادته وتصميمه على اجتراح المآثر، كل ما في ترسانتهم من القمع والتنكيل والخطف والاغتيالات والتصفيات وانتزاع البراءات، ومارسوا صنوف التشويه والكذب والافتراء. لكن إرادة المنتفضين وعدالة مطالبهم كانت أقوى من هذا كله.
ولأن تشرين كابوس مزعج يقضّ مضاجع المتنفذين، بعد ان عرّاهم حد النخاع، وأسقط ورقة التوت عنهم، وغدا رمزاً لا تمر ذكراه حتى تتصاعد أصواتهم نشازا، مرددة تهماً سبق للمنتفضين ان مزقوها بصمودهم وتضحياتهم الجمة، وبدماء كل الشهداء البررة. ولكن من أين للمرتعشين خوفاً على المصالح والنفوذ، أن يتعظوا بدروس هذا الحدث العظيم في تاريخ العراق المعاصر، وذلك التصويت الجماعي الرافض لمنظومة الحكم المحاصصاتية ونهجها؟
ورغم كل ترسانة معاداة انتفاضة تشرين، فهي تبقى الأمل المتجدد. فما أدى إلى انطلاقها من أسباب ودوافع، ما زال يعتمل إن لم يكبر ويتضخم بفعل الواقع المرّ المعاش. وهو ما يدفع المواطنين إلى مختلف أشكال الحراك الجماهيري، مطالبين بحياة كريمة آمنة خالية من التمييز، وبوطن يتسع للجميع.
ستة أعوام مرت على الانتفاضة، وما زالت السلطات تماطل في الكشف عن قتلة المتظاهرين، وهو استحقاق لابد أن يتحقق، ومطلب لا يسقط بتقادم الزمن. إضافة إلى ذلك ما زالت التهم الكيدية تلاحق الناشطين والفاعلين الاجتماعيين، وهي تُحرّك في مواجهة كل حراك جماهيري، فيما يفترض أن تتوقف حالا ويُبرّأ كل ما طالته هذه التهم الباطلة ويطلق سراحهم . كما ما زال العديد من عوائل الشهداء ينتظرون انصافهم، رغم كل الوعود التي أغدقت عليهم وما زالت تُغدق، ويبقى مطلب الكشف عن المفقودين والمغيّبين حاضراً.
واليوم أيضاً، يبدو أن المتنفذين لم يتعظوا بدروس وعبر الـ ٢٢ سنة الماضية، فاستمرار التعرض للتحركات الاجتماعية والمطلبية واستخدام العنف لقمعها، والسعي بأشكال مختلفة إلى تكميم الأفواه، لن يحمي المتنفذين ولن يزيد الأمور إلا تعقيداً. فمثل هذه الإجراءات تُراكم السخط، الذي قد ينفجر في أية لحظة، وينعصف كالمارد الجبار ويقلب الطاولة والموازين.
ان الانتفاضة بكل ما حملت من قيم نبيلة، وما أفرزت من دروس ثمينة، عصيةٌ على محاولات النيل منها من جانب الطارئين الساعين الى مصالحهم الضيقة. وستظل حافزاً قوياً لمزيد من العطاء، حتى تشرق شمس الحرية وينال المواطنون مطالبهم، وتلبى حاجات الأجيال الشابة بشكل خاص، ويضمن مستقبلهم في عراق آمن ومستقر، يتمتع فيه الجميع بحقوقهم على وفق تكافؤ الفرص.
من جانب آخر وإذ تشتد اليوم الحاجة إلى تغيير شامل بمشروع وطني عراقي، فإن الانتفاضة قالت لنا بوضوح أن هذا ممكن وليس مستحيلاً، شرط أن تكون البوصلة صحيحة وسليمة، وان يكون المطلب هدفاً لأوسع اصطفاف شعبي وسياسي، وهو ما يستحق استمرار العمل لتحقيقه وبناء مقوماته، ومراكمة النجاح، والارتقاء بالتنظيم وبأساليب العمل ووحدة الإرادة والعمل.
وبالرغم من إن الانتفاضة لم تحقق كامل أهدافها، فإن التضحيات السخية على طريقها، رسخت وعيًا متقدًا لدى شرائح واسعة من المجتمع، وأشرت بداية يصعب التراجع عنها، مهما قست الظروف وتعقدت الأوضاع.
وقالت الانتفاضة بنحو جلي، أن لا أمان ولا استقرار ولا تنمية، مع استمرار نهج المحاصصة، التي أصبح من المهم والملحّ التخلص منها ومن نهجها والمتشبثين به. فاستمرار حكم المنظومة القائمة لا يعني إلا المزيد من الأزمات والنكبات، ومن التدهور على شتى الصعد.
في الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا اليوم، والتحديات الجمة التي تواجهه، حريٌّ بقوى التغيير والمكتوين بالأزمات وتداعياتها، ان يعتمدوا العمل الحثيث والمنظم والمتصاعد، لانتزاع الحقوق وفرض إرادة الشعب وإنقاذ البلاد، وأن يجعلوا من المشاركة الواسعة في الانتخابات سبيلا الى ذلك، والى دحر منظومة المحاصصة، وإحلال البديل المدني الديمقراطي، وبناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
يتوجه التلاميذ والطلبة اليوم الى المدارس، حاملين معهم الأمل بعام دراسي حافل بالعلوم والمعارف والنجاح والتفوق، ولا تُعاد فيه سيناريوهات الاعوام السابقة، التي شهدت بالعموم تعثرات واضحة، وحوّلت الحياة الطلابية الى مختبر لتجارب المسؤولين المتنفذين.
وفي بداية العام الدراسي هذا 2025-2026، تبرز عدة ملاحظات وتساؤلات، منها ما يكاد يتكرر كل سنة، دون ان يجد اهتماما كافيا ولو بمحاولة البحث فيه.
ومن نافل القول، ان قطاع التعليم والتربية يعاني من طغيان نهج المحاصصة الطائفية والفساد، الذي استفحل حتى بات ينهش جسد القطاع، فصار متوقعا ان تزداد مخاطره في المستقبل القريب، اذا لم يتم التوقف جديا امام هذا الموضوع، وابعاد ما له علاقة بالمحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة عن منظومة التعليم والتربية.
ومن القضايا الملحة التي تخص وزارة التربية، ما يتعلق بوضع حد للدوام الثنائي والثلاثي في عدد كبير من المدارس: فهل هناك مقاعد مدرسية مناسبة وكافية؟ وهل ستوزع الكتب المنهجية على كل الطلبة والتلاميذ، ام ان مشكلة اقتناء المنهج ستبقى قائمة؟ ولماذا لا يجري ترميم بعض الصفوف والمدارس الا عند اقتراب العام الدراسي الجديد؟ وما علاقة المعلمات والمعلمين بصبغ الصفوف وترميم حدائق المدارس وساحاتها؟ ام ان هذا واجب آخر يناط بهم بسبب نقص التمويل؟ ولماذا يتخذ قرار تغيير المنهج الدراسي في وقت متأخر؟ وكيف ستعالج موضوعة الطلبة الذين شملوا بالامتحان النهائي (دخول عام)، هل سيمنحون دوراً ثانياً، ام ماذا؟
وفي حال أردنا طرح اسئلة اخرى تخص التعليم، فستبرز موضوعة الحريات الاكاديمية، والمناهج المتخلفة (بما في ذلك مناهج عهد الاستبداد الصدامي)، والاقسام الداخلية، والتعليم الاهلي ومشاكله، والحريات الطلابية وحرية البحث الدراسي (بضمنه موضوع السلامة الفكرية)، وصولاً الى الاستغلال الحزبي الضيق للجامعات والكليات، مروراً بالإجراءات والقرارات التي لا تصب في مصلحة التعليم ولا الطلبة.
وهناك أيضاً الخشية من استغلال التعليم والتربية لخدمة المصالح الانتخابية الخاصة، ما يعني ان القطاع سيدخل في المزايدات السياسية متى ما انتهت الانتخابات وتشكلت حكومة جديدة، وهو ما حصل في مرات سابقة، جرى فيها توزيع الحصص وفق هذا السياق.
ان واقع التعليم اليوم بمراحله المختلفة بحاجة الى مراجعة شاملة، نظرا لتأثيره الكبير ليس فقط على حاضر البلد، بل وعلى مستقبله وكامل عملية البناء والتنمية.
شهد يوم السبت ٢٧-٩-٢٠٢٥ عودة تدفق النفط المستخرج في إقليم كردستان إلى أسواق العالم، عبر خط انابيب النفط من كركوك إلى ميناء جيهان التركي.
جاءت هذه الخطوة لتنهي توقف التصدير، الذي تسبب في خسائر مالية تجاوزت ٢٤ مليار دولار خلال ٣٠ شهرا، ونجمت عن المماطلة في التوصل إلى اتفاق ينهي الخلافات حول تصدير النفط واحتساب عائداته وتقاسمها، وحصة الشركات العاملة في الإقليم منها.
وفيما يعتبر هذا الاتفاق الثلاثي بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم والشركات العاملة فيه، خطوة لازمة لتذليل توقف تصدير النفط وهدر المال العام، فإنه غير كاف ما لم يشفع بخطوات أخرى، وصولا إلى تشريع قانون دائم للنفط والغاز، كبديل للاتفاقات التي قد تتعرض إلى هزات، وفي المقدمة منها السياسية والمتعلقة بالعلاقة بين الطرفين.
وقد حظي الاتفاق بترحيب رسمي وشعبي ، لا سيما في الإقليم ، وبما يعزز الامل في وضع حد للتوقفات المتواصلة في صرف رواتب موظفي الإقليم ، الذين صاروا ضحية للخلاف بين بغداد واربيل ، وتضرروا نتيجة لذلك كثيرا. مثلما ادى التوقف إلى خسائر مالية للموازنة الاتحادية، وعلى صعيد الإقليم.
ان هذا الاتفاق يدلل من جديد على وجود إمكانية فعلية لحل المشاكل العالقة بين الطرفين ، ان توفرت الإرادة ، وإذا جرى الانطلاق من روح الدستور ، وجرى تفسير مواده لمصلحة العراقيين جميعا .
ونحن نتطلع إلى أن تكون هذه الخطوة، كذلك، فاتحة لمزيد من الشفافية والوضوح في السياسة النفطية، وفي الموارد المالية المتأتية من تصدير النفط، والتي يتوجب ان توجه فعلا إلى مشاريع تنموية حقيقية، تمس الحاجة اليها في مناطق العراق جميعا، بما فيها الإقليم.
إننا إذ نرحب بهذه الخطوة، نرى انها لابد ان تستكمل بخطوات أخرى، تعزز البناء الاتحادي الديمقراطي وفقا للدستور، وما تضمنه من تقاسم للصلاحيات والاختصاصات، بما فيها ما يخص النفط والكمارك، والوصول إلى فهم مشترك بشأن حقول النفط القديمة والجديدة. كذلك التوصل إلى صيغ موحدة للتعاقد مع الشركات في عموم العراق الاتحادي.
ولا بد ايضا من تأكيد أهمية وضرورة ان تكون الإجراءات التي يقدم عليها الطرفان ، منطلقة أساسا من المصلحة العامة ، واحترام حقوق المواطنين ، وان لا تكون على حسابهم في أي حال ، وفي أي ظرف .
وتبقى الاشارة إلى ضرورة الحرص على تنفيذ الاتفاق والمضي به إلى النهاية، وحل ما قد يعترض طريقه من إشكاليات، بروح الحرص على العلاقة المتبادلة وتنميتها.
هنا كل شيء جميل، حيث المدينة الأممية التي احتضنت مهرجان لومانتيه بدورته الـ (90)، في أيام 12- 14أيلول 2025 تحت شعار (لنعزز السلام العالمي)، وهذا ما تحتاجه البشرية اليوم خلافا لما تخطط له الدول الإمبريالية من أفتعال الحروب والنزاعات وتفتعل بؤر التوتر هنا وهناك خدمةً لمصالحها.
هذا المهرجان بسعته وفعالياته المختلفة وبالحضور الشبابي الطاغي والمتميز، يعيد الينا الأمل بالمستقبل ولغدٍ وضاء للبشرية، ويغرس الفرح في النفوس، وينعش الروح بالحياة السعيدة. هذه رسالة مهرجان لومانتيه، والتي هي تحد للإمبريالية ومخططاتها، ومن أجل السلام والمحبة بين الشعوب، وعالم خالٍ من الحروب ومآسيها، عالم العدالة الاجتماعية.
هذا المهرجان هو بحق عيد الفرح الباريسي الكبير، بل عيد كل الأحرار في العالم حيث مئات الآلاف من مختلف دول العالم يحيون المهرجان بفعاليات منوعة منها السياسية والتضامنية والثقافية والفنية والفولكلورية.
يقام المهرجان في مكان واسع تبلغ مساحته 60 هكتارا (600000 متر مربع) في ضواحي جنوب باريس، ليس غريبا أن يلتم الثوار والأحرار هنا فتاريخ فرنسا غزير بالثورات والنضالات من أجل التحرر والعدالة منذ الثورة الفرنسية الأولى 1789، لذا فأجواء التضامن هي السائدة هنا، حيث حضر ممثلو قوى التحرر والديمقراطية واليساريون عموما من كل انحاء العالم، يتكاتفون لنصرة الشعوب.
أضخم تضامن أممي مع قضية فلسطين
كان مهرجان لومانتيه لهذه الدورة هو أكبر تجمع أممي وبحضور ١٨٠ دولة متمثلة بحركات يسارية وأحزاب شيوعية من كل أرجاء العالم. وفي هذا العام له خصوصية بتضامنه مع الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية العالمية وأداتها إسرائيل التي ضربت عرض الحائط كلَّ القوانين والأعراف الدولية ضد الشعب الفلسطيني.
خيمة "طريق الشعب"
من المصادفات الجميلة ان تحتفل خيمتنا "طريق الشعب" بالعيد التسعين للصحافة الشيوعية العراقية مع الدورة التسعين لمهرجان لومانتيه، حيث تشارك خيمة الجريدة.. خيمة كل العراقيين في هذا المهرجان للمرة الـ 55، وكالعادة تفتتح فعاليات الخيمة عشية المهرجان بندوة سياسية، وكانت يوم الخميس 11 أيلول، وبعد أن التأم توافد الرفاق والأصدقاء والضيوف، وكان لقاء تعارفيا اجتماعيا لوفود المنظمات والشباب المشاركين في المهرجان، تم الإعلان عن بدء فعايات خيمة "طريق الشعب" من قبل الرفيق سعد عزيز مرحّبا بالحضور، ومن ثم بدأت الندوة السياسية التي أدارها الرفيق عدنان أحمد سكرتير منظمة فرنسا لحزبنا الشيوعي العراقي، الذي رحب بالضيوف جميعا لتواجدهم في فعالية افتتاح الخيمة، مستذكرا وجوها عزيزة اعتادت المساهمة في فعاليات الخيمة، غابت عن الحضور لأسباب صحية، وظروف الحياة.
ورحّب باسم الجميع بالرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وفسح له المجال للحديث عن آخر التطورات السياسية على الساحة العالمية والوطنية.
الرفيق رائد فهمي شكر الجميع على حضورهم هذه الفعالية المهمة، ومساهمتهم في خيمة "طريق الشعب"، والتي تمثل جميع العراقيين بكافة انتماءاتهم.
الوضع العالمي
تناول الرفيق التطورات العالمية وما تمارسه الدول الإمبريالية وبالذات أمريكا من سياسات، وما نشهده من تراجع في الأمن العالمي والممارسة العنجهية ودعمها اللامحدود لإسرائيل التي تمارس سياسة الإبادة الجماعية ضد غزة والفلسطينيين جميعا، وتدعم أو تغذي العديد من بؤر التوتر في العالم، كما في الحرب الروسية الأوكرانية، وتشحن الخلافات بين بولونيا وروسيا وكذلك في السودان، ودعم العدوان الصهيوني على غزة، وكذلك الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد قطر لاستهداف وفد قادة حماس الذي جاء للتفاوض، رغم ان قطر دولة تطبيع، وتعتبر ضمن المحور الأمريكي، منوها إلى أن قضية شعب فلسطين لا تنتهي بمقتل المناضلين.
كما تحدث الرفيق فهمي عن سباق التسلح والتهديد بالسلاح النووي، ما يعني ان العالم بسبب هذه السياسة يسير بطريق مجنون، فالإمبريالية من أجل مصالحها ترتكب كل شيء لا يهمها مصير الشعوب، فقد استغلت أحداث 11 ايلول 2001 لضرب افغانستان والعراق، وكذلك استغلت إسرائيل أحداث 7 اكتوبر للهجوم على غزة وقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء وآلاف الجرحى وتدمير المدن والمساكن، وما زالت الحرب مستمرة ضد الشعب الفلسطيني، ومخطط إسرائيل يمضي لأنه لا توجد حواجز لتحقيق مشروعها السياسي من خلال عملها العسكري. اليوم إسرائيل لم تعد تخضع لأي قاعدة اشتباك بل تقوم بتنفيذ ما تخطط له بدون رادع دولي.
العوامل الداخلية والخارجية
ونبه الى ترابط العامل الخارجي مع العوامل الداخلية، وضرورة مواجهة المخططات الأمريكية الإسرائيلية التي تريد إعادة ترتيب العلاقات الدولية، حيث يريدون اخضاع الدول الكبرى لإرادة أمريكا والاستيلاء على منابع الطاقة والمعادن، وتريد أمريكا أن تصبح إسرائيل هي القوة المهيمنة عسكريا، ومن ثم اقتصاديا وسياسيا في المنطقة، لكن سياسة التطبيع التي تحاول فرضها لسنين طويلة بقيت حتى اليوم فوقية ولم تتقبلها الشعوب، واليوم تطرح موضوعة الأديان الإبراهيمية كصيغة جديدة لكي تمرر تلك المخططات، لكن ما تقوم به إسرائيل أجّل حتى نهج التطبيع العلني السعودي، فإسرائيل لم تتردد بضرب الدوحة وبعلم أمريكا رغم وجود قاعدة عسكرية أمريكية فيها، واليوم تحاول واشنطن ربط الدول العربية بتحالفات أمنية ثنائية ليحل محل التواجد العسكري المباشر، وهذه الدول لا تجد أي رادع ضد إسرائيل ومرغمة على السكوت والقبول، فهي في حالة إحراج، فهذه الدول تضعف بنيويا، مثلا سوريا اليوم خرجت ضعيفة، والعراق يريدون ان يضعفوه بنيويا أيضا، وحتى مصر رغم علاقتها مع إسرائيل.
الوضع السياسي في العراق والظروف المحيطة ومشروع المقاومة
واستطرد الرفيق فهمي بالقول، انه بالنسبة لمواجهة هذه المخاطر والمشاريع الخارجية والدفاع عن حقوق ومصالح وسيادة شعوبنا وبلداننا ومقاومة المخطط الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية، ينبغي ان تكون أشكال العمل النضالي مختلفة، وان لا تقتصر على الشكل العسكري، وان لا تكون المقاومة مبنية على أسس طائفية، بل الحاجة اليوم الى ان تكون مقاومة هذه المشاريع ذات بعد وطني. هناك مقاومة مسلحة خارج نظام الدولة، وهذه المقاومة تضعف الدولة، لأنها تبقي الصراع الداخلي صراع هويات، بينما تتطلب المقاومة دولة قوية تمتلك نظاما وإرادة وطنية. الحسابات يجب ان لا تكون بعدد الدبابات بل بالإرادة الوطنية وتعبر عنها دولة ذات مشروعية سياسية واجتماعية واسعة، بعيدا عن الطائفية؛ ففي لبنان والعراق المقاومة خارج أطر الدولة، وهذا من شأنه إضعاف الدولة بنيويا، كما انها لا تشكل قاعدة توحيد للموقف الوطني المطلوب وتعزز النسيج المجتمعي الوطني.
وواصل الحديث: ان السلطة في العراق، اليوم، تتبنى سياسة المحاصصة، وهذا ما قلص القاعدة الاجتماعية للحكم، فالكيانات التي تمثل أحزابا انتقلت الى العوائل والشخصيات المتنفذة ما شجع على الفساد واستغلال موارد الدولة. وبالتحالف مع العامل الخارجي، وجدت هذه الجماعات فرصة لتكديس وتراكم الأموال، بل صاروا يتصارعون على الحصص لكنهم يتفاهمون على مسك زمام السلطة، فنشأت فئة أوليغاريشية، وأصبحت الديمقراطية شكلية وأختزلت بالانتخابات فقط، وبقيت العديد من الفصائل المسلحة تتحرك كدولة موازية للدولة: تملك السلاح والمال والإعلام وتستغل موارد الدولة وتسيطر على القوة الاقتصادية في البلد. لذا فنظام الدولة لا يمثل الإرادة الوطنية، والعراق غير قادر على حشد طاقاته البشرية والاقتصادية، لأنه بدون وحدة إرادة، فما يطرح من شعارات وأهداف رغم أهميتها لا تجد صداها بين الجماهير.
مشروعنا الوطني الديمقراطي ونهج قوى المحاصصة
وهنا، اشار فهمي الى طرح الحل الاستراتيجي وهو بناء الدولة على أساس المواطنة والمدنية الديمقراطية، وتفعيل روح المواطنة التي تشظت وأدت إلى ضياع وتراجع الهوية العراقية الوطنية، والتي تتطلب إعادة بنائها على أسس تحترم التنوع العراقي، ولأجل تحقيق هذا المشروع نحتاج إلى موازين قوى جديدة، لكن الطائفية السياسية تكرست على مدى عشرين عاما، فهناك صعوبات جدية رغم ان هذه المنظومة لديها مشاكل لكنها تلتحم من أجل مصالحها بالمحاصصة، فتسعى الى تأجيج النهج الطائفي من خلال الشعائر والمراسيم الدينية وغير ذلك، بالإضافة إلى الامتداد السياسي الخارجي لهذه القوى، ما يزيد من الصراع الاجتماعي وإثارة المخاوف داخل المجتمع، ويتحول الصراع إلى المستوى الثقافي والسياسي، ونعني بالثقافة الوعي الاجتماعي، فنجد في هذا الجانب تخصيصات الحكومة للثقافة ضعيفة جدا.
وقال ايضاً: نسمع خلال الفترة الماضية عدة أصوات تبشر بالتغيير الخارجي والمراهنة على المشروع الخارجي، يعني بيد أمريكا واسرائيل. لهجة هذا التغيير ليست وطنية، والقضاء على الفساد لا يأتي من خلال تغيير تقوده أمريكا بل الفساد نما بوجود ورعاية أمريكا وهذه القيادات الحالية. وبخصوص التغيير الخارجي الذي يريدونه، ماهي آلياته وما هي أمكانياته؟ اليوم الكونكرس الامريكي سحب التفويض الممنوح سابقا لإدارة بوش بالحرب على العراق، ما يعني ليس من حق ترامب الآن إعلان حرب، اليوم أمريكا تستخدم الحرب الناعمة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، فهي انسحبت من بغداد الى كردستان، ولهذا عدة معان، ولم ترسل سفيرا جديدا إلى العراق، لذا فأمريكا تبقى مؤثرة وتلوح بتهديد عسكري وهو موجود من خلال إسرائيل للضغط على الوضع الداخلي.
وعرج الرفيق فهمي على انتفاضة تشرين، التي هددت النظام، وكان يمكن ان تحقق مشروع التغيير، لكن بقيت قاصرة لظروف عديدة منها غياب القيادة الموحدة وقلة الوعي، ولا يوجد لديها برنامج سياسي مطروح، لكن عوامل اندلاع انتفاضة تشرين ما زالت موجودة، حيث توجد حركة احتجاجية لكن يغلب عليها الطابع الاحتجاجي المطلبي. السؤال هنا هل يمكن ان يتحول هذا الاحتجاج إلى فعل ثوري...؟ من المعلوم ان التراكم
الكمي يتحول لاحقا الى تغيير كيفي. الانتخابات رغم كل شيء هي الوعاء الوحيد الذي يمكن ان يستوعب القوى التي تناضل من أجل التغيير، رغم هناك صوت كبير في المجتمع والعديد من القوى السياسية لا تثق بالانتخابات، لعدة عوامل منها وجود السلاح بيد قوى بعض الفصائل المسلحة، التي ترشح للانتخابات برغم ان القانون يمنع ذلك، وتم تقديم طعن واعتراض من قبل البعض إلى المحكمة من أجل إبعاد هذه القوى عن السباق الانتخابي، وهذا مهم جدا لتشكيل ضغط كبير على المفوضية العليا للانتخابات، والتي للأسف تطبق القوانين بشكل انتقائي، كما هو حاصل بتطبيق قانون الاجتثاث. والبعض يصرح بأن الحرب ستندلع ولا توجد انتخابات، وهذا سيضعف الشارع تعبويا ويضعف العامل الداخلي الذي يناضل من أجل التغيير. للأسف العامل الخارجي اليوم أكثر تأثيراً من الداخلي، لأن الاخير متشظ، وارتبطت مصالح فئة الأوليغاريشية مع مصالح قوى خارجية.
واكد ان الحزب الشيوعي العراقي عمل جاهدا على لمّ صفوف القوى الديمقراطية التي تسعى إلى بديل وطني، ونجحنا جزئيا في تشكيل تحالف واسع، يلم تلك القوى لكن للأسف لم نستطع لم الجميع في هذا التحالف، وتواصلنا مع العديد من القوى وخصوصا التي تقود النشاط الاحتجاجي. ونسعى إلى تقوية الصلة مع الجماهير نسمعهم ويسمعوننا، وهذا مهم جدا، حيث يتطلب من الجميع موقفا متماسكا وبخطاب يجمع الروح الوطنية وأخذ الواقع بعين الاعتبار.
وذكر ان القوى المتحاصصة، تسعى اليوم، إلى استقطاب الاستثمارات في مجال الثقافة والتعليم والصحة، لذا نجد معاناة الناس من سوء التعليم والصحة والثقافة في تراجع، والطبقات الوسطى تواجه مشاكل معيشية.
أين الحزب من كل ذلك..؟ أولا للحزب سمعة جيدة وكبيرة تاريخيا في المجتمع، وحتى أعداؤنا لا يشككون في وطنية ونضال ونزاهة الحزب، لكن الطائفية اليوم تلعب دورا سلبياً في التأثير على الناس. علينا تبني مطالب الجماهير والدفاع عن مصالحها، وأن نسهم كل من موقعه بحشد الجماهير لدعم الحزب بالانتخابات القادمة، وان لا نتردد بذلك بأي حجة، ونترك النقاشات جانبا. اليوم تبذل كل الطاقات لخوض الانتخابات، كل رفيق يتحرك نحو الجماهير ويزيل التردد، لنوجه الجهود نحو كسب الناس لدعم الحزب. وكل الخطاب والكلام يذهب إلى هذه المهمة، اليوم يوم العمل.
بعد ذلك، فسح المجال للحضور لطرح الأسئلة والاستفسارات والتي أجاب عليها الرفيق مشكورا.
وكان بين الحضور رفاق من الحزب الشيوعي السوداني وحزب الشعب الفلسطيني، ورفاق من الحزب الشيوعي الفرنسي، وتحدثت عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني الرفيقة فدوى خضر، قائلة إن مهرجان لومانتيه هو المظلة الأممية الكبيرة التي تجمعنا كل سنة لنعبر بحرية عن أهدافنا وشعاراتنا وأفكارنا. كما تحدثت عن معاناة الشعب الفلسطيني الكبيرة اليوم وهي الأعنف بالمنظور الذي نمر به اليوم منذ عام 1967 وحتى 1948، ماذا يحصل اليوم لقد هجروا الجميع وتهدمت البيوت والأبنية، وهناك عملية تسليح المستوطنين، والهم الأكثر أنهم يحملون فكر إلغاء الآخر، فصادروا الأراضي. ما يحصل، اليوم، في غزة مأساة كبيرة فلا تعليم ولا رعاية صحية. بعد 7 أكتوبر تحملنا الكثير، لقد ناضلنا ولا نزال نناضل من أجل السلام، نناضل من أجل العدالة الاجتماعية والسياسية، نحن نناضل يدا بيد لوقف هذا النزيف. نحن معكم، مع الاستقلال والسيادة العدالة الاجتماعية.
************************************************
توالي الفعاليات في الخيمة
في يوم الجمعة 12 ايلول، بدأت الفعاليات بكلمة ترحيبية بالحضور من قبل الرفيق سعد عزيز، ومع عزف السلام الجمهوري العراقي (موطني) والوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء حزبنا وشهداء فلسطين، وأحتفاء بالعيد الـ 90 للصحافة الشيوعية العراقية، تم تقديم محاضرة عن (الصحافة الأنصارية) قدمها الرفيق داود أمين منشد، حيث تولى إدارة الجلسة الرفيق محمد الكحط الذي نوه الى إحتفال الخيمة بعيد الصحافة الشيوعية العراقية الـ٩٠، وتأثيرها على المجتمع العراقي في كافة المجالات.
وموضوعنا اليوم حول سمات وخصائص الصحافة الانصارية، فحركة الأنصار لم تكن فقط كفاحا مسلحا بل كانت لها نشاطات ثقافية واجتماعية وفنية وسياسية.
وكان الإعلام من أهم الوسائل التي تدعم العمل السياسي، بعدها قدم تعريفا بالرفيق داود أمين، ومن ثم فسح له المجال للحديث عن الثقافة والإعلام الأنصاري، مشيرا لجملة من المؤشرات التي ميزت حركة الحزب الأنصارية الممتدة بين ١٩٧٩ حتى ١٩٨٩ واختلافها عن حركة أنصار الحزب بعد ١٩٦٣ التي ارتبطت بالحزب الديمقراطي الكردستاني، إذ ان هذه الحركة ضمت مجموعة كبيرة من المثقفين والمبدعين والفنانين وأصحاب الشهادات العليا، لذلك لم يقتصر النضال على العمل العسكري، بل كثرت المحاضرات والأعمال المسرحية وتحرير المجلات الدفترية، ثم البث الإذاعي المركزي لصحافة الحزب كـ"طريق الشعب" وصحافة المنظمات الديمقراطية، ثم البدء بالبث الإذاعي الذي كانت مدياته تصل لمحافظات الوطن الجنوبية وإلى الكويت وسوريا وقبرص. وكان للأنصار إعلامهم الخاص ممثلا في إصدار صحيفة نهج الأنصار التي استمرت لما بعد الأنفال عام ١٩٨٨ وبهذا المعنى فأن الإعلامين المركزي والأنصاري كانا من نتاج الأنصار أنفسهم.
وبعد عدة فعاليات فنية وبعض الأغاني الجميلة التي قدمتها الشابة صدى الكيم، وكانت إحداها لدعم القضية الفلسطينية. وكان الفنان النصير الرفيق عباس عباس يقوم برسم لوحة فنية في الهواء الطلق، محاطا بالمعجبين.
وحال ورود بيان الحزب الشيوعي العراقي لمناسبة انعقاد مهرجان لومانتيه 2025، تمت قراءته في الخيمة من قبل الرفيق رشاد الشلاه.
في السادسة عصرا قدمت ندوة بعنوان (مستقبل الأقليات في العراق) تمت فيها استضافة الاستاذ خالد الرومي والرفيق كامل زومايا، أدارها الرفيق طه رشيد، الذي تحدث عن ضرورة ان تبنى الأوطان عن روح المواطنة، وقدم تعريفا بالضيفين، بعدها تحدث السيد خالد الرومي وهو عضو مجلس نواب سابق عن كوتا الصابئة المندائيين، عن معاناة بعض الطوائف في ظل الأنظمة الدكتاتورية، وما تعرضت له طائفة الصابئة المندائيين.
ثم تحدث السيد كامل زومايا عن مفهوم الأقليات ومعاناة السريان الكلدان والآشوريين، وهم أصل بلاد ما بين النهرين.
وقدمت (فرقة الخشابة البصرية)، ضمن الفقرة الفنية، العديد من الأغاني التراثية العراقية والعربية. هذه الفرقة تألفت من الفنانين: فلورا أوديشو وطارق الحيدر ومحمد البصراوي وحمزة الظفيري وعمار الخالدي، علما انه تعذر حضور جميع أعضائها.
وتوالت الفعاليات حتى بعد منتصف الليل مع أغاني الحزب وأغان وطنية وتراثية من خلال الـ DJ والتي تفاعل معها رواد المهرجان من مختلف الجنسيات.
اليوم الثاني للمهرجان.. السبت 13 أيلول
وفي اليوم الثاني للمهرجان، الذي بلغ ذروته، أعلنت إدارته نفاد التذاكر. وهذا حدث تاريخي، ويعتبر إنجازًا غير مسبوق.
واكدت الإدارة إنه في اليوم الأول استقبل المهرجان مئات الآلاف من الزوار، وكان حافلاً بحضور قياسي، مما يبرز أهمية مهرجان لومانتيه، كونه - أكثر من أي وقت مضى - مساحة فريدة في المشهد الثقافي والسياسي الفرنسي وحتى العالمي، ويؤكد الحاجة إلى الديمقراطية والتضامن والتبادل الثقافي بين الشعوب.
في خيمة "طريق الشعب" كان النشاط معهودا ودؤوبا لاستقبال الضيوف وتهيئة لوازم الفعاليات، كما كان هناك نشاط ولقاءات سياسية قام به رفاقنا من قيادة الحزب (الرفيقان رائد فهمي وسلم علي) مع العديد من ممثلي القوى السياسية، وممثلي قيادات أحزاب شقيقة. وقدم الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مداخلة في الخيمة الرئيسية (خيمة النقاشات والمحاضرات) تناولت آخر التطورات السياسية في الشرق الأوسط وحول القضية الفلسطينية، ولبنان وإيران.
تسليط الضوء على حياة المناضل العراقي الأممي نوري روفائيل
وبعد عدة فقرات فنية شهدتها الخيمة تم تقديم ندوة بعنوان (نوري روفائيل، مناضل عراقي تطوع دفاعًا عن الثورة الإسبانية) قدمها الأستاذ موفق داود القادم من أمريكا، فيما قدمه للحضور الرفيق طه رشيد معرفا به، ثم فسح له المجال بالحديث عن المناضل الأممي نوري روفائيل، كونه قد تابع أرشيف حياة روفائيل النضالية من عدة مصادر موثوقة بالتنسيق مع منظمات يسارية إسبانية ودولية عديدة، ليطلعنا على صفحات منسية لمناضل وشيوعي عراقي، وهو من مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي ومن أوائل الماركسيين، وتربى على الروح الأممية، وذهب للنضال المسلح مع الشعب الاسباني متطوعا، وليواجه مصاعب عديدة، وحتى عندما عاد إلى العراق كانت المخاطر ترافقه وهكذا حياة المناضلين في ذلك الزمان.
هذا وسيشارك الدكتور موفق داود في مهرجان يخلد هذا الثائر الأممي العراقي في إسبانيا يوم 21 أيلول/ سبتمبر، حيث سيزاح الستار عن النصب التذكاري في موقع تل كوتا 705 في كتالونيا شمال برشلونة، تقديرا لمساهمته في النضال من أجل الديمقراطية في إسبانيا والعراق.
وضمن فعاليات اليوم الثاني ساهم من جديد الفنان أحمد العاشق مع شعر قدمه الرفيق سعد عزيز بصحبة العزف على العود.
تضامن رائع من الحزب الشيوعي السوداني مع حزبنا
وفي مبادرة رائعة ومفاجئة وصل خيمة "طريق الشعب" وفد كبير من رفيقات ورفاق الحزب الشيوعي السوداني وهم يهتفون بحب وتضامن مع نضال حزبنا، ويحيون نضاله، وعبروا عن تضامنهم مع المرأة العراقية والطبقة العمالية العراقية، مع الأهازيج والتحايا للطبقة العاملة. وفي المساء كانت المفاجئة الكبرى حيث جاءت الفرقة الفنية ( الكورال) للحزب والتي تتألف من 6 رفيقات لتغني في خيمة "طريق الشعب" أجمل الأغاني الثورية والوطنية والتضامنية السودانية حيث تكاتفت الأيدي تعبيرا عن العلاقة المتينة بين حزبينا، وكان تفاعل الحضور رائعاً وبهياً.
المسيرة النسوية لرابطة المرأة العراقية
أصبح شبه تقليد كل عام تنطلق المسيرة النسوية، لكن لهذه الدورة خصوصية، لما مورس من عنف وقتل وقمع ضد المرأة العراقية، بالإضافة إلى إقرار قانون جائر يفقد المرأة حقوقها التي اكتسبتها بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، بعد مسيرة نضالية طويلة ليأتي حكام اليوم ليعيدوا عجلة الحياة إلى الوراء، وبدلا من سن قوانين تحفظ وتصون كرامة المرأة نراهم يريدون العودة بها إلى سنوات الاستعباد والجواري. انطلقت المسيرة النسائية من أمام خيمة "طريق الشعب"، رغم الجو الممطر الذي رافق انطلاقها، وساهم فيها العديد من الحضور والحاضرات، حيث طافت شوارع المهرجان، وهي ترفع شعارات تطالب بالدولة المدنية وبالمساواة وحرية التعبير وحرية المرأة وضمان الحياة الحرة الكريمة للجميع. انتهت المسيرة وسط الهتافات والاهازيج والدبكات أمام الخيمة، ومن ثم داخلها، مؤكدة على مواصلة النضال من أجل نيل المرأة العراقية حقوقها كاملة.
خلية النحل
لقد خيمت أجواء الفرح والتفاؤل بين الرفاق والأصدقاء في خيمة "طريق الشعب"، فهم يعملون بلا كلل من أجل إنجاح برنامج الخيمة وسط روح الألفة والمحبة والإنسجام بين الجميع، وكانت أصوات الأغاني العراقية الأصيلة تصدح، وساهمت عدة مرات الطفلة صدى بتقديم مختلف الأغاني.
وجاء دور فرقة الخشابة من جديد، حيث قدمت عدة أغان على وصلتين حيث أطربت الجميع. ومن ثم قدّم الفنان شافي الجيلاوي عدة أغان عراقية شجية، انسجم معها الحضور.
اليوم الثالث والأخير للمهرجان.. الأحد 14 أيلول
مع ساعات الفجر الأولى شهد المهرجان وخيمتنا نشاطات متعددة، فقد تواصلت لقاءات قيادة الحزب مع صحيفة لومانتيه، وأحزاب شقيقة ويسارية عديدة. واستمرت الفقرات الفنية العديدة، ومع الأغاني الوطنية والتراثية.
ثم عقدت ندوة تضامن مع الشعبين الفلسطيني والسوداني، شارك فيها الرفيق فتحي الفضل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، والرفيقة فدوى خضر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني. وأدار اللقاء الرفيق رشاد الشلاه الذي رحب بالضيفين العزيزين، مؤكدا تضامن الحزب الشيوعي العراقي مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، حيث تحدث الرفيق الفضل عن أوضاع السودان وخيراته التي تتدافع من أجلها عدة قوى وما هذه الدوامة التي يمر السودان بها، بسبب التدخلات الإقليمية والدولية.
وأكد أن العامل الخارجي داعم لحل الأزمات لكن ما نواجهه هو تعقد العامل الداخلي، وأن المهم الآن هو إيقاف الحرب وتهيئة الأرضية لعمل جماهيري لترسيخ النظام المدني الديمقراطي.
الرفيقة فدوى خضر قدمت تحية من القدس ومن الرفاق في عدة أماكن، ونوهت بأن كل الوطن العربي اليوم مهدد وليس فقط شعبنا في غزة الذي وقع في مخالب نظام صهيوني مجرم يمارس الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والخوف من الأسوأ وهو التهجير الإجباري. وبعدها جرى حوار مع الحضور حول العديد من القضايا المصيرية.
ومن الفقرات المهمة هي مبادرة رفاق الحزب بتقديم شهادات تكريمية وتقديرية من "طريق الشعب" لبعض رواد الخيمة ومن العاملين النشيطين فيها في كافة المجالات الخدمية والفنية والاعلامية، وقام الرفيق رائد فهمي بتسليم الشهادات الى الرفيقات والرفاق والصديقات والأصدقاء، والذين بدورهم شكروا قيادة الحزب على هذا التكريم.
ولا ننسى العديد من اللقاءات والنشاطات السياسية والتضامنية لقيادة حزبنا الرفيقين رائد فهمي وسلم علي، طيلة أيام المهرجان. ومن هذه الفعاليات، لقاءات الرفيق فهمي مع أحزاب شقيقة، فقد التقى خلال المهرجان بوفد قيادي من الحزب الشيوعي السوداني ضم الرفيقين فتحي الفضل وصديق كبلو..
هكذا كان مهرجانا رائعا في كل التفاصيل: الفعاليات والتنظيم حيث يلتقي فيه جميع اليساريين والشيوعيين من أنحاء العالم وأيضا اعداد كبيرة جدا من الضيوف الرائعين والودودين جدا.
الجميع هنا سعداء، مبتسمين دوما، شكرا لحزبنا الشيوعي العراقي، وللابطال الرفاق المناضلين العاملين في الخيمة، التي اجتمع فيها شيوعيو العراق المغتربون في شتى أنحاء العالم، لعرض تجاربهم النضالية والاستفادة من خبراتهم، من أجل أن يكون اليسار أقوى أكثر.
وفي صباح الأحد ١٤ ايلول شارك حزبنا في لقاء مع مجموعة من الأحزاب الشقيقة، ناقش التطورات في منطقة الشرق الأوسط وتداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، بدعم مطلق من الإدارة الأمريكية، ومهمات الأحزاب الشيوعية وقوى اليسار.
كما شارك في هذا اللقاء ممثلون عن الحزب الشيوعي الفرنسي وحزب الشعب الفلسطيني والشيوعي اللبناني والشيوعي السوداني وحزب توده ايران وحزب التقدم والاشتراكية المغربي والحزبان الشيوعي البريطاني والفرنسي.
مسك الختام
بما أن لكل بداية نهاية، فوسط أجواء الفرح والبهجة حلت لحظات الوداع. انتهت أيام المهرجان الرائعة، ولا بد من الوداع على أمل اللقاء مجددا. نعم، سنظل نحلم وننتظر اللقاء من جديد في المهرجان القادم، في عيد جميع الأحرار والمناضلين من أجل التحرر والسلام والعدالة الاجتماعية.