سيف زهير

كشف عدد من الطالبات والطلبة في الجامعات الأهلية، مؤخرا، عن خبايا كثيرة عندما تحدثوا عن ضغوط غير اخلاقية تمارس عليهم لدفع ما بذمتهم من مستحقات مالية متلكئة بسبب الأزمة الاقتصادية، أو امكانية تعرضهم مقابل ذلك للرسوب وحجب النتائج الامتحانية ومنعهم من الحضور داخل الغرف الالكترونية لمواصلة الدراسة وفق توجيهات وزارة التعليم العالي.

الكلاس روم مقابل الاقساط

الشكاوى تعددت تجاه الكثير من الادارات الجامعية الأهلية، بشأن منعها الطلبة من مزاولة دراستهم في الغرف الالكترونية (الكلاس روم)، ما لم تحصل على اجورها في المقابل.

الطالب في جامعة الامام الصادق الأهلية – كلية القانون، علي حسين، أوضح أن "إدارة الجامعة قامت بإخراج الطلبة من الغرف الالكترونية (الكلاس روم) ولم تستثني حتى الذين سددوا اقساطهم كاملة في وقت سابق. واشترطت إكمال دفع الأجور من الجميع وفقا لمبدأ (لا تعليم الكرتوني دون تسديد الاقساط) وهو مبدأ مجحف ولا يراعي قدسية التعليم، ويوجب على وزارة التعليم أن تبدي رأيها بشأنه".

وعلى ذات النسق في التعامل، تشير الطالبة في جامعة الاسراء الأهلية، نرجس عباس، إلى أن "الجامعة ومقرري اقسامها يواصلون الضغط على الطلبة للحصول على الاقساط في هذا الظرف الاستثنائي، ويهددون المتلكئين بالإقصاء من تطبيق الكلاس روم التعليمي، فيما وصل التهديد إلى امكانية منع الطلبة من دخول الامتحانات النهائية".

وتضيف قائلة: "العديد من الطلبة اجتمعوا برؤساء الاقسام وطلبوا منهم تخفيض القسط السنوي حتى ولو بنسبة 10 في المائة، ولكن الرفض كان قاطعا ومستندا على حجة التزام ادارة الجامعة بتسديد اجور العاملين والتدريسيين".

ذرائع غير مقنعة

وارتباطا بهذه الذرائع التي تقدم من قبل بعض العمادات، يعلق الاستاذ فخر الدين محمد، وهو تديسي في احدى الجامعات الأهلية في محافظة كربلاء، مبينا أن جامعته "لم تدفع مستحقات ادخار العام الماضي المستقطعة من رواتب التدريسيين والموظفين، وكذلك لم تدفع رواتب أشهر كانون الثاني وآذار ونيسان الماضية، رغم انها تسلمت جزء كبير من أموال الطلبة للعام الدراسي الحالي، وبررت هذا التأخير بذريعة عدم التزام الطلبة بدفع الأجور"، فيما استغرب "صمت وزارة التعليم العالي عن هذه الافعال المنافية للأخلاق والتي تنتهك حقوق التدريسيين في الجامعات" على حد قوله.

سياسة واحدة

المشاكل هذه لم تخص محافظة واحدة أو منطقة محددة، وإنما تكررت من مكان إلى آخر، مبينة بشكل أو آخر، طبيعة ما يجري في مؤسسات التعليم الأهلي.

لذلك ليس غريبا ما يضيفه الطالب في كلية المستقبل الجامعة الأهلية، في محافظة بابل، علي داود، بأن "الكلية لا تنفك عن المطالبة بدفع الاجور الدراسية، تحت ذريعة ضرورة توفير السيولة لدفع مستحقات التدريسين والعاملين، ومقابل هذا، أصرت عمادة الكلية على عدم تزويد الطلبة بالايميل الجامعي الذي يعد حقا من حقوق الطلبة لضمان دخولهم إلى صفوف التعليم الالكتروني".

ويؤكد داود، أن "الكلية لم تلتزم بقرار الوزارة بعدم محاسبة الطلبة على الاقساط وإعطاء المادة على شكل ملفات pdf مع فيديوهات للشرح. وخلافا لذلك هددت الطلبة بالرسوب في درجات السعي، والمنع من دخول الامتحان النهائي، دون اي رحمة".

وبنفس هذه الوتيرة، تنوعت وسائل الضغط على الطلبة لجباية الأجور الدراسية منهم في جامعات مختلفة منها جامعة الرشيد الأهلية في العاصمة.

ويؤكد ذلك طالب القانون في هذه الجامعة، علي محمد، ويقول: "قدمت الإدارة عروضا مخجلة لترغيب الطلبة بالدفع وكأنها قضية مترفة وليست ضائقة كبيرة"، لافتا إلى أن "أحد العروض كان لمدة أسبوع ويتضمن خصما بنسبة 5 في المائة للطلبة الذين بقي بذمتهم الجزء الثاني من القسط، وأما العرض الآخر فتضمن خصم بنسبة 10 في المائة للطلبة الذين لم يدفعوا أي مبلغ يذكر"، مشددا على أن "هذه السلوكيات تجعل من حرمة الجامعات وكأنها محال تجارية وتبين جشع أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين فيها من خلال اصرارهم على تنمية روح المقايضة لدى الطلبة في ظل الازمات".

واستكمالا لهذه السلسلة المثيرة للجدل من قبل الادارات الجامعية، يبين الطالب في جامعة دجلة الأهلية، هادي صلاح، أن "إدارة الجامعة لم تتساهل مع الطلبة بشأن الاقساط وأصرت على استلام مستحقاتها وفق دفعتين كبيرتين. وقامت بمنع الدرجات الامتحانية عن الطلبة وجعلت تسليمها مشروطا بتسليم الاقساط".

تخفيض للحكومي واستثناء للأهلي؟

وحسنا فعل وزير التعليم السابق عندما قرر تخفيض أجور الدراسات المسائية الحكومية بنسبة 25 في المائة كمبادرة تضامنية. ولكن التخفيض هذا تجاهل أجور الدراسات الأهلية، وكأن الصنفين يعملان في كوكبين منفصلين، ولا علاقة لهما ببعض.

أما الوزير الحالي، فالمتحدث باسمه، حيدر العبودي، لم يأتي بجديد عندما أعلن أن الوزارة قدمت مقترحا إلى الجامعات الأهلية بشأن آلية سداد الأجور الدراسية وتخفيض مبالغها بنسبة 30 أو 50 في المائة، بينما أكد في تصريحه (مرتان)، أن الفكرة كمقترح لا أكثر، والجامعات تتمتع بحرية الاختيار دون فرض، وكأنه يخاطب الجامعات بحذر في وقت يتطلب نوعا من الصرامة ومراعاة ظروف المواطنين دون أي مجاملة خلال الأزمات.

قانون التعليم الأهلي ليس نهاية المطاف

وخلافا لمن يخلو مسؤولية وزارة التعليم من التدخل بوضع الجامعات الأهلية، لخصوصية صلاحياتها وفق قانون التعليم الأهلي، يعتبر سكرتير اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، علي شغاتي، أن هذه الذريعة ليست صحيحة.

ويبين شغاتي أن "قانون التعليم العالي الأهلي رقم (25) لسنة 2016 اتاح لوزارة التعليم الاشراف والتقويم للحفاظ  على مستوى كفاءة اداء الجامعات الأهلية واخضاعها للتعليمات والضوابط المعمول بها حكوميا. حيث أسندت المهمة هذه إلى (مجلس التعليم الأهلي الجامعي) الذي يدار برئاسة مسؤول جهاز الاشراف والتقويم العلمي في الوزارة واطراف اخرى وزارية وعمادات الجامعات والكليات الأهلية والمختصين، على أن يكون هذا المجلس كأعلى هيئة علمية وادارية تشرف على التعليم الاهلي".

ويتابع القول، أن "مهام المجلس هي اقتراح خطة التعليم الاهلي وشروطها، اضافة لعدد الطلبة المقترح قبولهم سنويا، فضلا عن المصادقة على المنهاج الدراسي ومقدار الأجور الدراسية السنوية، وترفع جميع هذه الأمور إلى وزارة التعليم للمصادقة عليها. وهنا يجب على المجلس مراجعة الاجور الدراسية لهذا العام وخفضها والابتعاد عن تقديم الاعذار والذرائع".