طريق الشعب
تميزت الدورة 32 من مهرجان المربد الشعري الذي اختتم مساء السبت الماضي على "قاعة الفراهيدي" في فندق شيراتون وسط مدينة البصرة، بعد أربعة أيام حافلة بالفعاليات الشعرية والفنية والثقافية، عن دورات الأعوام السابقة من نواحٍ عدة. أهمها احتفاء المهرجان، ولأول مرة، بشاعر لا يزال على قيد الحياة، وهو الشاعر البصري كاظم الحجاج، الذي يشكل تجربة مميزة متفردة في الشعر العراقي.
ودعي إلى المهرجان في دورته هذه التي أقيمت برعاية وزارة الثقافة وحكومة البصرة المحلية والاتحاد العام للأدباء والكتاب واتحاد الأدباء والكتاب في البصرة، قرابة 250 شاعرا وأديبا عراقيا من مختلف المحافظات ودول الخارج، وأكثر من 80 شاعرا وأديبا عربيا وأجنبيا، من السعودية والكويت وعمان والبحرين ولبنان وسوريا واليمن ومصر والأردن وفلسطين والسودان والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وإيران واليابان والدنمارك وطاجاكستان وفرنسا وتركيا. وكانت دولة الإمارات ضيفة شرف، حيث دعي وفد منها يتصدره رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب الشاعر حبيب الصائغ.
وحضر حفل افتتاح المهرجان الذي أقيم الأربعاء الماضي على قاعة المركز الثقافي النفطي وسط البصرة، وزير الثقافة الأسبق الرفيق مفيد الجزائري وممثل رئيس الوزراء حسين الهنداوي ووكيل وزارة الثقافة طاهر الحمود ومحافظ البصرة اسعد العيداني، والقنصل الامريكي تيمي ديفيس، إلى جانب عدد كبير من الشعراء العراقيين والعرب والأجانب.
واستهل الحفل الذي تناوب على إدارته الشاعران عمر السراي ومعن غالب سباح، بعرض كلمة تسجيلية متلفزة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم، جاء فيها ان «وجودُكم هنا في البصرة التي أنجبت أو احتضنت أبا الأسود الدؤلي والأصمعي والجاحظَ والفراهيدي وسيبويه والحسنَ البصري وبشار بن برد، حتى بدر شاكر السياب ومَن كان معه أو جاء بعده من شعراء التجديد الشعري خلال القرن العشرين، هو وجود حيوي بين عبق التاريخ وجمال التطلع إلى حاضرٍ تستحقه البصرة»، مضيفا قوله "«كثيراً ما كانت هذه المسؤولية الشعرية مصدر مشكلات للسياسيين والسياسة. ما أكثر ما تعسفت السياسة في ذلك، كلما طغت واستبدت وضاقت ذرعاً بالحرية والأحرار».
بعد ذلك ألقيت كلمات في المناسبة من قبل وكيل وزارة الثقافة طاهر الحمود، ومحافظ البصرة أسعد العيداني، ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب حبيب الصائغ، ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب ناجح المعموري، ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة د. سلمان كاصد.
وتضمنت الجلسة الأولى للمهرجان، التي افتتحها الشاعر المحتفى به كاظم الحجاج بقصائد قصيرة مختارة، 5 قراءات شعرية، تلاها تقديم "نشيد المربد" الذي كتب كلماته الشاعر كريم العراقي ولحنه عماد مجيد العلي، ثم فقرة موسيقية غنائية أدتها فرقة الخشابة البصرية، ولوحات فنية وأوبريت لدائرة السينما والمسرح.
وتضمنت فقرات المهرجان وفعالياته خلال أيامه الأربعة، جلستين نقديتين عن تجربة الحجاج الشعرية، وجلسات شعرية صباحية ومسائية. وكان من بين الفعاليات الفنية عرض مونودرامي شعري بعنوان "موجز أنباء الموت" مأخوذ من قصيدة "إلى بدر شاكر السياب" للشاعر حبيب الصايغ، وحفل موسيقي لفرقة "إشراق" الموسيقية، وعرض فني بعنوان "رحلة بين زمنين"، عبارة عن قصائد ممسرحة للشاعر الحجاج، وهو فكرة إياد الإمارة وإخراج د. عباس الجميلي، ومعارض فنية لجمعية الفنانين التشكيليين ومديرية التربية ومعهد الفنون الجميلة في البصرة، ومعرض لكتب دار الشؤون الثقافية العامة.
وشهد حفل الختام الذي أقيم مساء السبت الماضي، والذي أداره الفنان محمود أبو العباس، قراءات شعرية لشعراء عراقيين وعرب وأجانب.
وألقى الناقد علي الفواز البيان الختامي للمهرجان، ومما جاء فيه ان المهرجان "اتسم بمشاركة عربية واسعة، الأمر الذي يخلق جوا من التفاهم والتلاقح الفكري والاطلاع على ثقافة الآخر عن قرب"، مضيفا قوله ان أهمية هذا المهرجان تتمثل في تأكيد أهمية الشعر وقوته، وفي توجيه رسالة إلى العالم اجمع، مفادها ان "العراق استعاد عافيته ليصبح بلدا كما عهدناه".
وأعرب الشاعر كاظم الحجاج في كلمة له خلال حفل الختام، عن شكره للمحتفين به، لافتا إلى ان هذا التكريم "هو تكريم وداعي بالنسبة لي كوني ودعت منصة الشعر بعد 28 مشاركة لي في المربد، وإصدار خمس مجاميع شعرية على مدار خمسين عاماً".
وفي الختام وزعت شهادات التقدير وألواح الإبداع على الشعراء المساهمين في المهرجان.