طريق الشعب
إحتضن الفندقان الفخمان (الشيراتون والميريديان) في بغداد أواخر الأسبوع الماضي، إقامة وضيافة ونشاطات قوافل من الأدباء العرب والعراقيين القادمين من المحافظات للمشاركة في اجتماع الاتحادات الأدبية العربية ومهرجان الجواهري الـ ١٢ اللذين أقامهما اتحاد أدباء العراق.
فقد بدأ صبيحة الثلاثاء ٢٦/ ٦ الاجتماع الدوري للمكتب الدائم لاتحاد الأدباء والكتّاب العرب والذي يعقد في بغداد لأول مرة بعد قطيعة استمرت لعشرين عاماً تقريباً، وحمل الاجتماع إسم مظفر النواب، ورافق الاجتماعات الإدارية عقد مؤتمر فكري مصاحب بعنوان (ثقافة التنوع ضد ثقافة العنف) بجلستين وبمشاركة عدد من الباحثين العرب والعراقيين، وعلى هامش الاجتماع الدوري بادر نادي الصيد وكلية اليرموك الجامعة الى استضافة الوفود الآتية من (سوريا، لبنان، فلسطين، الكويت، الامارات، عُمان، اليمن، مصر، السودان، ليبيا، تونس، الجزائر، موريتانيا) في ليلتين كانتا مترعتين بالغناء والجالغي البغدادي، وفضلا عن هذه الأجواء الساحرة فقد وفرت دائرة العلاقات الثقافية العامة للوفود الشقيقة فرصة زيارة المتحف الوطني العراقي للتعرف عياناً على حضارة الآلاف من السنين.
وانطلق صباح الخميس ٢٨/ ٦ مهرجان الجواهري الثاني عشر حاملاً أيضاً إسم الشاعر مظفر النواب، فوقف الحضور الحاشد في المسرح الوطني تحيةً لنشيد "موطني" وبدا واضحاً غياب الحضور الرسمي فيما كان سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي في مقدمة الحاضرين، ثم بدأ حفل الافتتاح بمستهل نثري باذخ الثراء والتأثير للشاعر عمر السراي الناطق الإعلامي باسم الاتحاد وساعدته في العرافة الإعلامية مروة أحمد المظفر.
وشملت فقرات الافتتاح عرضاً لفلم وثائقي بعنوان (وتريات جواهرية) الذي قوبل بالتصفيق لمراتٍ، ثم قرأ الطفل الموهوب صادق علي الغريفي ابن سوق الشيوخ قصيدتين للجواهري، وبعدئذ قرئت كلمتان أولاهما كانت للشاعر د.حبيب الصائغ الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتّاب العرب حيّا فيها العراق المثقف المضياف، وثانية الكلمتين كانت للشاعر ابراهيم الخياط الأمين العام لاتحاد أدباء العراق والذي دعا فيها رئيس الوزراء المقبل أن يختار وزيرا للثقافة يليق بتأريخ العراق وحضارته وثقافته وطالب أن يكون لاتحاد الأدباء دورٌ وقول في اختيار وزير الثقافة المقبل.
بعدئذ بدأت القراءات لشعراء العراق الكبار د.محمد حسين آل ياسين وموفق محمد وكاظم الحجاج مع عدد من الشعراء العرب الضيوف، ليختتم الافتتاح بحفل لفرقة ناظم الغزالي بقيادة الفنان نجاح عبد الغفور.
وتوالت الجلسات الشعرية صباحاً ومساءً فبلغ عددها ستاً وقرأ فيها عشرات الشعراء من العرب والعراقيين قصائدهم، وأقيمت إحداها صباح الجمعة ٢٩/ ٦ في شارع المتنبي مع جولة باليخت في نهر دجلة الخالد.
وأقيمت حفلتان فنيتان لليلتين من ليالي المهرجان في القاعة الكبرى لاتحاد الأدباء أحياها المطربون كريم الرسام وطلال علي وعبد الحسين اللامي وفرقة المربعات البغدادية، كما هيأ اتحاد الأدباء للوفود الشقيقة زيارة مراقد الكاظمين وأبي حنيفة والشيخ الكيلاني وشوارع المنصور وفلسطين والكرادة والشورجة فضلا عن المقاهي الثقافية البغدادية.
وطوال الأيام الأدبية الأربعة، أصدر اتحاد الأدباء جريدة يومية باسم (وتريات جواهرية) وكانت متميزة بشكلها ومضمونها وتغطيتها وقد خصّها الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بكلمة ومما جاء فيها: (المهرجان هو ليس فقط إستعادة للجواهري تأريخاً ونضالاً وإبداعاً، بل هو تنشيط للحركة الثقافية العراقية).
وهكذا عاشت بغداد عدة ليال أدبية حافلة بالشعر والغناء والحوار والموقف، ليال تستحق بجدارة أن تضاف الى لياليها الألف الزاهرة.