صدر مؤخراً كتاب الكتروني جديد للخبير التأميني مصباح كمال، بعنوان: نقاش حول دمج شركات التأمين العراقية (مكتب التأمين العراقي، 2024). سبق وان أصدر الكاتب عدة كتب حول شركات التأمين العراقية، ضمن منشورات مكتبة التأمين العراقي الإلكتروني، بعضها متوفر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين وغيرها من المواقع الالكترونية. كما نشر الكاتب أيضا عددا كبيراً من المقالات بهذا الخصوص، تتضمن تقيم المسيرة التاريخية لشركات التأمين العراقية العامة في العراق، نقدها بإيجاباتها وسلبياتها، واستقراء ذلك عبر مراحل تطورها، ومدى ملاءمتها للحالة التي تمر بها السياسة الاقتصادية العراقية، وذلك بهدف تحفيز وتشجيع العاملين والمعنيين بقطاع التأمين للمساهمة في النقاشات وإغناء الحوارات، وإستخلاص نتائج إيجابية تساهم في مسيرة تطوير هذا القطاع، عبر تحفيزه ومشاركته النشطة والفعالة في عملية التنمية الاقتصادية ــ الاجتماعية المستدامة في العراق.

 يحتوي الكتاب على (110) صفحة، مقسم الى: إهداء، تقديم، مشروع دمج شركات التأمين، تعليقات وردود على مقال مصباح كمال” مشروع دمج شركات التأمين العامة"، عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة، نظرة على التعاقد مع شركات استشارية لدراسة موضوع دمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية. ويحتوي على كم من المعلومات والبيانات، وعدد آخر من مقالات الكاتب المنشورة سابقاً، والمدخلات والتعليقات من بعض المختصين والمعنيين في حقل التامين على هذه المقالات، وكلها موثوقة بالمصادر التي تخص موضوع الكتاب.

 أستطاع الكاتب ان يعرض موضوع عملية مشروع دمج شركات التأمين بشكل منهجي تحليلي ومعرفي، ومناقشته من جميع جوانبه الإيجابية والسلبية، وترك المجال للأخرين من المعنيين بهذا الموضوع، للمشاركة الواسعة في إغناء محتويات الكتاب، والوصول الى نتائج إيجابيه ومرضية من عملية الدمج و/أو من عدمه.

 يرى الكاتب، بأن مبررات اندماج الشركات العامة التي يمتد تاريخهما لأكثر من نصف قرن، يجب ان تستند

الى مدى حاجة السوق العراقي للتأمين الى ذلك، مع توفير دراسة بخصوص الشركتين موضوع الدمج وهما شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية، ضمن الحالة الاقتصادي العراقية اليوم. وبهذا الخصوص، يقول: ان الاندماج ليس مطلوباً في الوقت الحاضر لهذه الشركات، وان الدوائر الرسمية المعنية لم تستأنس برأي شركة إعادة التامين العراقية (وهي شركة عامة) بذلك، ومدى تأثيرها على مستقبل هذه الشركة.

  ومن رأي المؤلف انه من الاجدر دمج شركات التامين الصغيرة الخاصة المتعثرة في اعمالها أو غير الممتثلة للقواعد الرقابية، وذلك لان شركتي التأمين العامتين لا تعانيان من مصاعب مالية وإدارية وفنية وقدرة على التنافس مع بعضها ومع شركات التامين الخاصة. ولكن ربما يهدف الدمج الى تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد العراقي، وذلك تمهيدا لخصخصتها، على غرار ما تهدف اليه الحكومة من إعادة هيكلة الشركات العامة وخصخصتها بسبب خسارتها الاقتصادية.

 اشار الكاتب، بأن وزارة المالية/ ديوان التأمين سبق وان احالت مسالة دراسة الجدوى الاقتصادية لاندماج شركات التأمين العامة في حينه الى جامعة بغداد/ كلية الإدارة والاقتصاد، لإعداد مشروع لهذا الدمج بشكل أكاديمي ومهني. ويبدو ان الجامعة قد انجزت دراستها لمشروع الدمج، إلا ان هذه الدراسة لم تنشر لحد اليوم، ليتسنى للمختصين والمعنيين بأمور التأمين الاطلاع عليها، والاستفادة منها في تقديم وجهات نظر بصددها، والمشاركة الجادة في المناقشة واغناء محتوياتها.

 خلافاً لذلك أهمل مجلس الوزراء الدراسة التي كلفت بها جامعة بغداد وأمرت شركة التأمين الوطنية بالتعاقد   

  وهي شركة عالمية في مجال تدقيق الحساباتErnst & Young مع شركة إيرنست ويونغ  

وتقديم الخدمات الاستشارية، لها فروع عديدة في العالم. وليس هناك معلومات منشورة عن التوجيهات         

  لمشروع اندماج الشركات العامة، حتى يتم مناقشتها، لذا ما علينا سوى أن ننتظر ونرى ما سيسفر من       

دراسة هذه الشركة الاستشارية، هذا بافتراض وجود شفافية لدى مجلس الوزراء للكشف عن مضامين هذه

الدراسة.

 ختاما، يجد القارئ معلومات تفصيلية في محاور الكتاب عن الجوانب القانونية والإجرائية لدمج شركات التامين والمحفزات التي تدفع الشركات للاندماج.

  بما أنى لست متخصصاً في مجال التأمين، ولكن متابعا من خلال قراءتي لما يكتبه الكاتب مصباح كمال عن شركات التأمين العراقية وغيرها من المواضيع التأمينية على موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ومجلة الثقافة الجديدة، فعلية وبقدر تعلق الامر بموضوع الكتاب، أرى من الضروري الاخذ بنظر الاعتبار الجدوى الاقتصادية من عملية دمج شركات التأمين العامة على أساس البعد النقدي والاجتماعي معًاً، وليس فقط البعد النقدي، كما هو وفق الايديلوجية "اللبرالية الجديدة"، التي تهدف الى خصخصة شركات القطاع الخاص وانتهاج اقتصاد السوق.

 إن هذه الشركات العامة تستطيع (ومن دون الدخول في التفاصيل) ومن خلال إيجاد رؤى واضحة وشفافة ومعللة لعملية التنمية الاقتصادية ــ الاجتماعية المستدامة، ذات ابعاد نقدية واجتماعية معًاً، ان تساهم في تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والرفاه والتقدم الاقتصادي للبلاد. ويقصد هنا بالبعد الاجتماعي، مساهمة شركات التامين العامة من خلال تخصيص جزء من صافي أرباحها بعد دفع الضريبة، لتغطية نفقات بعض الأنشطة الاجتماعية المتنوعة لحاملي بوليصة التامين، منها على سبيل المثال لا الحصر: زيارة المتاحف، المشاركة في معارض الفنون التشكيلية، بطاقة اشتراك في النشاطات الرياضية المتنوعة، المشاركة في المحاضرات التي تعدها الشركات مجانا في مجال البيئة، والامراض، والعائلة، وغيرها.

 وأخيرا، اثني على دعوات الكاتب المتكررة في مقالاته وكتبه الى القراء المختصين والمعنيين للمشاركة الفعالة في النقاش من خلال كتابة مقالات وتعليقات على ما ينشره هو وزملاؤه في الشأن التاميني في العراق، والتي تساهم بلاشك في تطوير قطاع التامين في العراق.

 أثمن عاليا جهود الكاتب الزميل مصباح كمال على كتابه القيم، وأشد على ايديه لمزيد من العطاء المثمر، مقرونة بدوام الصحة.

   لتحميل الكتاب كملف بي دي اف على الرابط الادنى

  .1http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2024/01/Merger-of-Iraqi-Insurance-Companies.pdf

 * المقال منشور على موقع  شبكة الاقتصاديين العراقيين، بتاريخ 01/02/2024

** صباح قدوري، دكتوراه في فلسفة الاقتصاد الكمي/ محاسبة التكاليف، باحث أكاديمي متقاعد في النظام المحاسبي.

  

عرض مقالات: