يتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراح لغرض انتخاب أعضاء مجالس المحافظات على مستوى الوطن. لقد شاب عمل هذه المجالس الكثير من مظاهر الفساد وسوء الإدارة مما أفقد المواطنين الثقة في جدوى وأهمية هذه المجالس في حين أن المجالس المحلية من ضمنها أو ما يقابلها مجالس المحافظات في العراق تلعب دورا أساسيا في تقديم كثير من الخدمات في البلدان المتقدمة وتعتبر حلقة مهمة في البناء الديمقراطي لأي بلد متحضر. حيث تشمل هذه الخدمات والصلاحيات التي تقع ضمن مسؤوليات عمل هذه المجالس من ضمن أمور أخرى خدمات النظافة العامة، والتخطيط العمراني وتحديث وصيانة البنية التحتية، وتطوير النقل العام في المنطقة أو المحافظة المعينة وغيرها من المهام.

وفي ظل التطور العصري واعتماد الرقمنة والاقتصاد المعتمد بدرجة رئيسية على بنية تحتية رصينة لمنظومة الاتصالات والإنترنت فإن هذه المجالس أخذت تلعب دورا مهما في ضمان توفير خدمات الاتصالات ومن ضمنها الإنترنت لمواطني هذه المناطق من خلال الاستثمار في شبكات القابلو الضوئي خاصة للمناطق النائية وقليلة السكان والتي لا يرى القطاع الخاص فيها اي جدوى اقتصادية في مد شبكات القابلو الضوئي.

إن الواجب الوطني لمن سوف يتصدون لهذه المهمة في مجالس المحافظات ومن ضمنهم وأولهم مرشحو قائمة قيم المدنية بأن يتبنوا رؤية تؤهل محافظاتهم في أن تكون نموذجا للتحول الرقمي وأن تدخل القرن الواحد والعشرين من خلال ردم الفوارق الرقمية. هذا يتضمن بالدرجة الأولى تبني مشاريع تطوير البني التحتية للاتصالات وفي المقدمة منها التخطيط وبناء منظومة القابلو الضوئي والذي سوف يسهل عمليات الاتصال لكافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنازل وحتى الأفراد. بالطبع هذا لا يعني بالضرورة هيمنة القطاع العام على تقديم خدمات الاتصالات بل يعتبر فرصة لخلق أرضية رصينة تسمح بتعاون مثمر بين القطاع الخاص والقطاع العام باتجاه تقديم خدمة اتصالات أفضل إلى كافة القطاعات والمواطنين ضمن الرقعة الجغرافية والتي قد يكون القطاع الخاص وحده غير قادر على توفيرها كونه قطاع معتمد على مبدأ الربح.

من الضروري التذكير بأن مثل هذه المشاريع هي ليست غريبة عن مجالس المحافظات وما يماثلها حتى في الدول الرأسمالية المتقدمة. ففي كندا، على سبيل المثال، هناك كثير من المناطق البعيدة والمترامية الأطراف جغرافيا والتي من الناحية الاقتصادية تعتبر غير مجدية للقطاع الخاص لمد القابلو الضوئي إلى تلك المناطق حيث تشرع المحكومات المحلية في الاستثمار في البنية التحتية للقابلو الضوئي ومدها إلى أبعد النقاط وخاصة في المناطق القروية والمناطق التي يصعب الوصول لها أو أن الاستثمار يكون فيها غير مجد مما يفسح المجال لمجهزي الخدمة من القطاع الخاص بأن  يستفيدوا من هذه البنية التحتية لإيصال خدماتهم الى المنطقة المعنية وبمشاركة مع الحكومات المحلية والتي هي تعتبر المستثمر والمالك لهذه البنية التحتية . وبهذا يتحقق دخلا إضافيا لهذه المجالس المحلية من جهة ويوسع من رقعة تجهيز خدمة الإنترنت لتلك المناطق من جهة أخرى والتي بدورها تنعكس على التطور الاقتصادي والاجتماعي لتلك المنطقة.

 إن المطلوب والمؤمل من مرشحي قائمة قيم أن يتبنوا هذه الرؤى في تحديث وتطوير البنية التحتية للاتصالات في محافظاتهم من أجل أن يردموا الفوارق الرقمية بين مراكز المدن وأطرافها وكذلك أن يتبنوا التشريعات والمشاريع التي من شأنها توسيع رقعة خدمة الإنترنت وبأسعار مقبولة. إن الشروع بهكذا مشاريع وقبل ذلك التخطيط لها يعتبر دعامة أساسية لتنويع الاقتصاد ودعمه في كافة المناطق وفي جوهره هو عملية تعاون مستمر بين الحكومة المحلية والحكومة المركزية أي الفيدرالية لتمويل هذه المشاريع وهو أيضا له بعد في توسيع قاعدة المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص مما يخلق فرص عمل أكثر ويرتقي بالواقع الاجتماعي في المحافظات والقصبات والنواحي المحرومة من خدمة إنترنت جيدة ويسهل الوصول الى المعلومة في هذه المناطق.

إن أي حديث عن استثمارات وتنويع القاعدة الاقتصادية في اي محافظة يفقد محتواه في حال غياب بنية رقمية صحيحة تشتمل من ضمن أمور أخرى على بنية تحتية رصينة للاتصالات وتغطي أكبر ساحة ممكنة وأكبر نسبة من المستخدمين وبالنتيجة الارتقاء بالواقع الخدمي والاقتصادي لتلك المحافظة وهذه من أولويات برنامج تحالف قيم المدني.

عرض مقالات: