السماوة – عبد الحسين ناصر السماوي

"المسحراتي" أو "المسحرجي" كما يسميه العراقيون، هو شخصية رمضانية شهيرة ظلت حاضرة في قلوب أبناء الشعب، خصوصاً كبار السن.  وهو أيضاً شخصية فلكورية لا تزال تجوب الشوارع والأزقة السكنية ليالي رمضان من كل عام، فتوقظ الناس من النوم، ليتناولوا وجبة السحور، على الرغم من التطور الذي طرأ على الواقع، وتوفر الساعات المنبهة وأجهزة الموبايل التي بالإمكان توقيتها لتوقظ النائمين برناتها في الوقت المحدد.

ويستأنس الناس بحضور "المسحرجي"، ويعتبرونه صاحب فضل عليهم، كونه ينبههم إلى حلول وقت السحور.

وظل "المسحرجي" مستمرا في عمله منذ سنين طويلة، وهو لا يزال يمارس مهنته في مدينة السماوة، شأن بقية المدن والمحافظات العراقية، حاملا طبلته التي يقرع عليها قرعات متناغمة على إيقاع رمضاني مفعم بالذكريات، تنتهي بكلمات اعتاد الناس على سماعها منذ أيام زمان "سحور.. سحور.. سحور.."، لتعطيهم إشارة بوقت السحور قبل شروق الشمس.. الوقت الذي تنتهي فيه مهمة "المسحرجي".

الحاج كاظم عطية المهتم بشؤون التراث، وهو أحد أبناء مدينة السماوة، تحدث لـ "طريق الشعب" عن "المسحرجي"، مشيرا إلى انه يعد جزءا مهما من التراث الشعبي القديم المرتبط بشهر رمضان، موضحا انه كان في السابق لكل زقاق في مدينة السماوة "مسحرجي" خاص، يقرع على طبلته ويوقظ الناس من نومهم ويدعوهم إلى تناول السحور.

وأضاف قائلا ان لـ "المسحرجي" تسميات عدة، ففي جنوب العراق يطلقون عليه "أبو طبيلة"، وفي الوسط "المسحرجي"، وفي البلدان العربية يكنى بـ "المسحراتي"، فيما يسميه أبناء دول الخليج بـ "قرقيعان".

وأوضح عطية ان هناك أناسا عديدين تناوبوا على القيام بمهمة "المسحرجي" ابا عن جد في مدينة السماوة، وان قسما منهم كانوا يقومون بهذه المهمة تبرعا، ويعملون ضمن حدود مناطقهم السكنية، مضيفا ان من الأشياء الجميلة التي يشاهدها الناس في الوقت الحاضر، هو قيام مجموعة من الأطفال بمرافقة "المسحرجي"، والترديد معه "يا صايم وحد الدايم".

وأكد ان مهمة "المسحرجي" ليست سهلة، خاصة في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة في البلد، لافتا إلى ان البعض منهم تعرض للقتل على ايدي الإرهابيين والتكفيريين المتطرفين الذين يستهجنون هذه المهنة.

وبحسب عطية فإن الناس في العادة لا تعرف "المسحرجي" من يكون، لأنه يمر أمام منازلهم بعد منتصف الليل، حينما يكون الظلام لا يزال مخيما، وانهم يتعرفون إليه صبيحة أول أيام عيد الفطر، بعد أن يطرق أبواب البيوت قارعا على طبلته، ومطالبا بـ "العيدية" وحلوى العيد (الكليجة).