الصراع في بلادنا صراع من أجل الحقوق والحريات ودولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، لا صراع هويات.

هناك خطورة تكمن في محاولات حرف الصراع السياسي والاجتماعي المحتدم في البلاد وتشويه طبيعته، ودفعه في اتجاهات طائفية او قومية متعصبة، بما يؤزم العلاقات بين التيارات السياسية: الدينية من جهة والمدنية من جهة أخرى، ويؤدي الى توترات لا ضرورة لها، تؤذي البلاد والسلم الأهلي.

فجوهر المطالب الشعبية ينحصر في تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية، وتأمين فرص عيش كريم للملايين من أبناء الشعب، الذين يقاسون الامرّين في سعيهم للحصول على قوت يومهم، ولتوفير التعليم لابنائهم والعلاج لمرضاهم والسكن لمستوطني الوف العشوائيات، المحيطة بالبيوت والقصور الباذخة.

لقد ظل المحتجون المتظاهرون والمنتفضون وما زالوا يطالبون بوطن. وطن لا يتحكم في مصائره الفاسدون والفاشلون المتماهون مع منتهكي استقلال البلاد وسيادتها، على حساب الوطن وكرامته وسلامة شعبه. وطن يتم فيه التعامل مع الجميع، على اختلاف انتماءاتهم وهوياتهم الدينية والمذهبية والطائفية والقومية والعقائدية، كمواطنين تضمن لهم الدولة  الحقوق والحريات التي ينص عليها الدستور، خصوصا حرية التعبير والتظاهر السلمي وتوفير ظروف آمنة للتمتع بهذه الحرية، كذلك لممارسة الشعائر والطقوس الدينية ولاحترام التنوع في المجتمع العراقي.

وتلك هي المشتركات التي تجمع تظاهرات بغداد والبصرة والناصرية والنجف والسليمانية وغيرها من المحافظات.

ان العراق اليوم يواجه تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى، وعلى طريقة التعامل معها وإيجاد الحلول لها يتوقف راهن البلاد ومستقبلها وآفاق تطورها.

وقد حظيت انتفاضة تشرين الباسلة منذ لحظة انطلاقها بدعم شعبي منقطع النظير، وتضامن مع مطالبها بالتغيير والخلاص من منظومة المحاصصة والفساد وإقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، وبإجراء الانتخابات المبكرة باعتبارها الطريق السلمي والدستوري لإحداث التغيير المنشود. الامر الذي يوجب تهيئة المستلزمات لضمان عدالتها ونزاهتها، ولتمكين المواطن من الاختيار وفقا لإرادته الحرة، من دون عنف واكراه.

ولابد من التنبيه إلى أن كل ما من شأنه الالتفاف على إرادة الشعب وجر البلاد الى توترات واستقطابات طائفية وقومية ومناطقية، ستكون له عواقب وخيمة على السلم الأهلي والاستقرار في البلد، وقد يفتح الأبواب على صراعات لا نهاية لها، ولا خاسر فيها اكثر من الوطن والمواطن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• ما كتبه الرفيق رائد فهمي على صفحته في الفيسبوك

عرض مقالات: