لا شك بأن الانتفاضة المباركة التي بدأتها الجماهير في الفاتح من أُكتوبر ، قد أرهبت عروش الفاسدين والطائفيين والعنصريين ، أعداء الشعب والوطن .

خلال الأيام الستة الماضية ، سقط على يد قوات الإسلام السياسي وميليشياته المنتشرة في أغلب المحافظات الوسطى والجنوبية والتي ( أبلت بلاء حسنا !! ) كما صرح به طالح الفياض والقادة الأمنيين ورئيس الوزراء الأعوج والمعوج عبد المهدي .
ونتيجة لبطش وهمجية وسادية وحقد هؤلاء المتعطشين لتلك الدماء الزكية التي سفكت على أياديهم القذرة المجرمة !..

ونتيجة لهذا الإرهاب المنهجي المغولي ، المعادي لتطلعات شعبنا ونزوعه نحو الحرية والديمقراطية والسلام والتأخي ، والذي ذاق ذرعا من هذا النظام ، من كذب ورياء ونفاق وتظليل وخداع ، من هؤلاء الفاسدين المتربعين على دست الحكم من 2006 م والى اليوم !..

فقد سقط نتيجة استخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والهراوات ، من قبل القوات الغير أمنية والمثيرة للشغب وللكراهية ، هؤلاء أعداء الحياة .

نتيجة هذه الممارسات القمعية والإرهابية والبطش البربري ، والذي يتنافى مع كل الأعراف والقوانين ومع حقوق الإنسان والدستور العراقي ، الذي منح حق التظاهر السلمي للمواطنين باعتباره حق طبيعي !..

فقد سقط نتيجة ذلك أكثر من 120 ضحية وأكثر من 7000 جريح ومصاب ، ومئات المعتقلين ، والذين يتعرضون لمختلف أنواع الإهانات والتعذيب ، ويحتجزون في أماكن غير صحية وعدم اتساع تلك المعتقلات لأعداد المعتقلين ، فقد أُصيب الكثير منهم بالاختناق والغثيان ، ونقل البعض منهم الى المستشفيات لسوء حالتهم الصحية .

واليوم يخرج علينا القادة الأمنيون في الداخلية والدفاع والأمن الوطني وهم يستعرضون وبشكل يدعوا الى الضحك والازدراء ، والى الحزن والبكاء في الوقت نفسه ، لما ذهب إليه هؤلاء من قلب للحقائق ، وروايات وحكايات لا وجود لها على أرض الواقع ، وجميعها تأتي لتبرئة ساحة الحكومة وما اقترفته من جرائم كبيرة مخزية ، والتي لو حدثت في أي منطقة من هذا العالم لدى ذلك الى سقوط النظام بوحل جرائمه وما ارتكبه من أفعال مشينة تشبه ما قام به النظام العراقي ، وقدمت الحكومة استقالتها فورا ، ووضعت نفسها بين يد القانون !..

حكومة السيد عبد المهدي والسلطات كافة يحاولون جاهدين ، بتقديم رشا للمتظاهرين ، من خلال منح البعض منهم قطع أراضي ومنح مالية ووظائف في الجيش والشرطة ، ومساكن وهبات وبعثات دراسية في خارج البلد ، ومرتبات لمن ليس له مورد مالي ؟؟!..

كيف لهم أن يغدقوا على هذه الملايين ( كل هذه الهبات ومن أين أتو بتلك الأموال ، ولم لم يعطوها للناس قبل تلك المظاهرات !) .

لماذا لم يتطرقوا الى الخدمات وغيابها وخططهم لتحسينها وتوفيرها الى هذه الملايين ؟؟.. ، من تعليم وصحة وماء وكهرباء ومدارس ومستشفيات ، ومعالجة أزمة البطالة التي وصلت حد لا يمكن القفز عليه والتستر على حقيقته ، التي وصلت نسبتها 50% في بعض المحافظات .

الحاكمين يعلمون علم اليقين ، هناك ملايين من العاطلين ومن دون أن يحصلوا على ما يعينهم للاستمرار على قيد الحياة ، وملايين مثلهم كبطالة مقنعة في المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ، وأدائهم لا يزيد على نصف ساعة إنجاز يومي للعاملين في هذه الدوائر والمؤسسات ، وهناك تضخم مريع في الملاكات ، والذي يفيض عن الحاجة الحقيقية والفعلية لتلك العمالة !..

ناهيك عن التوقف شبه الكامل في القطاعات الاقتصادية والزراعية والتجارية وقطاع الخدمات والسياحة وفي الأنشطة المختلفة للدولة ، ولم يتمكن النظام الحاكم منذ 16 عام ودخول أكثر من ترليون دولار لخزينة الدولة كعائدات ، ولكن ذهبت تلك الأموال الى جيوبهم وحولوها الى أرصدة وعقارات ومولات خارج العراق وخارجه ، ولم تعود على الشعب بأي فائدة !..

المشكلة في العراق ومنذ سنوات في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وأزمة إدارة الدولة ، [ نتيجة غياب الدولة وتغيبها ، وغياب القانون والدستور والأمن والعدل والمساواة ! ] .

المشكلة تكمن في الفشل المطلق للنظام السياسي ، بمعنى أن مشكلتنا ليست غياب الخدمات والعمل والأيدي العاطلة وغياب الخدمات وحسب ، المشكلة الجوهرية والأساسية هو النظام السياسي ،وتغييب الدولة والقانون .

هذا النظام يعتمد على المحاصصة وتقاسم المغانم ، واعتبار الدولة غنيمة وكعكة يتقاسمها هؤلاء الفاسدون ، وينتهجون في سياساتهم على الطائفية والعرقية والمنطقة والعشيرة والمذهب والحزب وليس على أساس الوطنية والمواطنة ، والتسلط واحتكار صنع القرار بين المتنفذين من أحزاب الإسلام السياسي ، الذي يحكم العراق ويتحكم بشعبه ومقدراته منذ عقد ونيف .

السؤال يأتي سريعا !..

كيف نزل على هؤلاء المتنفذين والفاسدين الوحي وكل هذا الكرم الحاتمي الذي أبدوه اليوم ؟.. ، وجاؤوا بهذا العطف والإنسانية الغير معهودة والغائبة عن عقولهم ونهجهم وفلسفتهم كل تلك السنوات ؟.. كيف ؟..

عندما تمت محاصرتهم والتف الحبل على أعناقهم ، وخرجت الجماهير تقض مضجعهم وتضيق الخناق عليهم ، ولم يكن لديهم مفرا ولا مقرا ومهرب ، وأدركوا بأن الله حق !..

وذهبوا الى أسيادهم في خارج الحدود ، للاستشارة والعون وإمدادهم بطوق نجات وتخليصهم من غضب الجماهير ، من حلفائهم الأمريكان والإيرانيين ، فأشاروا عليهم بأن يتبعوا سياسة العصى الغليظة والجزرة الصغيرة ، لإيهام الناس بصدق نواياهم وتوجهاتهم وإقناعهم بالتوقف عن التظاهر والمطالبة بالحقوق والحريات وبنظام عادل يساوي بين الناس .
متوهمين وتخونهم ذاكرتهم ، ونسوا تلك التظاهرات والاعتصامات من عام 2011 م وحتى اليوم ، وكانوا يتجاهلونها وينعتوها بشتى التهم والتخوين ولم يستجيبوا الى أي منها ، ولم يتوقعوا اليوم ولم يدر في خلدهم بأن الجماهير ستلفظهم وتنتقم من أدائهم وفسادهم وما ارتكبوه من جرائم .

أقول لهؤلاء ولكل من يساندهم ، أو كان بوقا لهم ووعاظ هؤلاء الفاسدين والطائفيين ، بأن حبل الكذب والرياء والنفاق ما أقصره وأوهنه ، وسوف لن ينقذكم هذا الترقيع المبتذل والمكشوف ، هذه والبهلوانيات ، وإنقاذ هذا النظام من السقوط حتى لو تدخلت إيران بكل ثقلها ، والتي هي الأخرى ترتعد وتخشى ثورة شعبنا وانعكاسه على الجماهير الإيرانية ، والشعب الإيراني الذي يعيش أسوء نظام قمعي وإرهابي مقيت .

وهنا لابد من التوقف عند سائرون والتيار الصدري ومواقف السيد مقتدى الصدر ، والتي هي في مد وجزر ، وبتحول من نقطة الصفر الى 180 دوجة ويعود الكرة من 180 درجة الى نقطة الصفر !..

لا أدري أي فلسفة وأي نهج بسير عليه سائرون والتيار الصدري ؟؟ ..

وعلى ماذا يستند في تنقلاته هذه ، وكما عودنا في تغير مساره وتحولاته بين فترة وأخرى وبين يوم وأخر ؟ ...

مدينة الثورة أو الصدر بالأمس 6/10/2019 تم انتهاك الحرمات فيها وديسة الكرامات وسفكة دمائهم ورملت وثكلت نسائهم ، وقتل من شبابهم 15 ضحية وبدم بارد والجميع يتفرج على نحر تلك الضحايا من قبل القوات الأمنية والميليشيات !..

لماذا كل هذا الصمت ؟..

متى تحرككم ضمائرك يا شرفاء العراق ؟.. وتستشيطون غضبا وحزنا وثئرا، لكل تلك الدماء الزكية من شبابكم ؟..

هذا الكلام موجه الى جميع الخيرين والوطنيين في سائرون وغير سائرون !..
هل ستمر تلك الجرائم دون مسائلة ودون عقاب ؟..

أين ذهبت دعوة زعيم التيار الصدري ، التي طالب بها بإقالة الحكومة والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة ، تسبقها حكومة مؤقتة لإدارة البلاد لحين إجراء الانتخابات ، وتصحيح مسار العملية السياسية ومفوضية الانتخابات وقانون انخاب جديد ؟..

أين تلك الوعود ؟؟..

لماذا يتم قطع الأنترنيت ومداهمة القنوات الفضائية وتحطيم مكاتبها ، والذي أدى الى قطع البث لتلك القنوات مثل دجلة والرشيد و NRT
لِمَ أصيب النظام القائم ( ورجالاته وسماسرته والمتطفلين على السياسة ! ) بالرعب من نقل الحقيقة أو جزء يسير منه من قبل تلك القنوات والتواصل الاجتماعي ؟؟...

لِمَ أنتم خائفين ومرعوبين كل هذا الخوف ، من غضب الجماهير وما سيقومون به ؟..

ما هي حجم الجرائم والسرقات التي قمتم بها ، وما جنته أيديكم كل هذه السنوات ، فأصابكم الفزع والرعب ، نتيجة قرب يوم الحساب ودفع [ الأجر والثواب كمكافئة على كل ما فعلتموه بهذا الشعب !! ] ؟..

أقول لكم وبكل ثقة وببصيرة وتبصر ، وإدراك بأن يوم الحساب أت لا محال .

إن دماء الشهداء معلقة في رقاب كل الخيرين والشرفاء ، من بنات وأبناء شعبنا ، ويجب أن لا تمر تلك الجرائم دون عقاب ، وفاء لتلك التضحيات الجسام ، والعمل الحثيث بتوثيق كل تلك الجرائم ، والكشف عن مرتكبيها ، ومعاقبة المسؤولين عن تلك الجرائم ، وعلى رأسهم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ، ووزراء الدفاع والداخلية والأمن الوطني والميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي وقادتهم ، وكل من ساهم وحرض وأفتى وأصدر الأوامر بالقتل ، لتلك الشبيبة المناضلة ، التي خرجت بشكل سلمي للمطالبة بالخدمات وتوفير قرص العمل ومحاربة الفساد ومغادرة المحاصصة وتقاسم المغانم ، والبدء بعملية إصلاح شاملة للنظام السياسي وإعادة بناء دولة المواطنة وتحقيق العدالة والمساواة .