رشيد غويلب
في 26 تشرين الثاني و 7 كانون الأول 2017 فاز التحالف اليساري، المؤلف من (الحزب الشيوعي النيبالي/الماركسي اللينيني المتحد) و (الحزب الشيوعي النيبالي/ المركز الماوي)، بالانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس الولايات التي جرت على مرحلتين.
وفي 15 شباط الفائت استلمت وزارة التحالف اليساري برئاسة زعيم الحزب الشيوعى النيبالى / الماركسي - اللينيني المتحد " خادجا براساد شارما أولى" مهام عملها. ويواجه رئيس الوزراء البالغ من العمر 66 عاما تحديات سياسية داخلية وخارجية. وفي الوقت نفسه، يأمل تحالفه اليساري، في دولة ديمقراطية تقدمية، بعد قرابة 10 سنوات من عدم الاستقرار السياسي.
وكان رئيس الوزراء الجديد قد بدأ نشاطه السياسي في سن مبكرة، وعندما اكمل سن الثامنة عشرة انضم في عام 1970 إلى صفوف الحزب الشيوعي النيبالي . ولعب دورا قياديا في الانتفاضات المسلحة ضد اضطهاد الإقطاعيين لسكان المنطقة الجبلية الجنوبية الشرقية، ودخل السجن في عام 1973 ، وامضي فيه 14 عاما. وبعد الافراج عنه، اصبح عضوا فى اللجنة المركزية للحزب الشيوعى وشخصية سياسية وطية مهمة.
ويتولى الزعيم الشيوعي رئاسة الحكومة للمرة الثانية، بعد ان ادت صراعات السلطة بين الحزبين الشيوعيين في عام 2016 الى انفراط عقد الحكومة، بعد مرور عام واحد فقط، على تشكيلها.
وفي نهاية شباط ، قرر الحزبان الشيوعيان التوحد. بل إن هناك مناقشات حول تقاسم رئاسة الحكومة بين المتنافسين السابقين، حيث يقود رئيس الوزراء الحالي الحكومة في السنوات الثلاث الأولى، وتكون رئاسة الحكومة من نصيب زعيم (الحزب الشيوعي المركز الماوي ) براتشاندا خلال السنتين المتبقيتين، واعتبر المراقبون هذه الآلية مؤشر لاستقرار العلاقة بين الحزبين.
وتواجه الحكومة تحديات سياسية ومجتمعية داخلية لعل ابرزها الخلاف يشأن دستور البلاد الذي اقر في ايلول 2015 ، الذي يرفضه اقسام كبيرة من مجموعات "تراي" و"ماديسي" السكانية في جنوب البلاد، اللذان يملكان مشتركات ثقافية ولغوية وعلاقات قرابة مع سكان المحافظات الهندية في الطرف الثاني من الحدود. وترى هذه الاقليات ان الدستور جاء على حسابها، ولصالح الأكثرية السكانية في البلاد.
وتدعم الهند مطالب هذه الأقليات، وتطالب بتمثيل افضل لها. وكانت منطقة جنوب النيبال قد تعرضت الى حصار اقتصادي اعتمدته الهند، خلال فترة حكومة الشيوعيين الأولى، لعب دورا مؤثرا في عدم استقرار الحياة السياسية في البلاد.
و كان التدخل الهندي، بالنسبة للحكومة النيبالية، عملا عدوانيا، وهو ما جعل رئيس الحكومة يتقاطع مع دلهي، ويكثف العلاقات مع الصين. وتستند العلاقة مع الهند إلى علاقة ثقافية طويلة، ولكنها تأثرت بشكل كبير بسبب النزاعات منذ عام 2015. ومن المتوقع ان يقوم رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى بزيارة الى نيبال قريبا لتحسين العلاقات مع الدولة الجارة.
وعلى عكس فترة ولايته الأولى، يتمتع رئيس الوزراء الآن بدعم سياسي أقوى، ولكن المشاكل الاثنية لاتزال راهنة. والسؤال كيف ستتعامل الحكومة مع هذا الملف؟
وهكذا تواجه الحكومة النيبالية تحدي اخذ رغبة الأقليات بجدية، وتجد فضاء لمشاركة اوسع لسكان المنطقة في عملية بناء النظام الجديد. ومن جانب آخر الحفاظ على استقلال البلاد عن جيرانها الهند والصين. ويتوقع ان تكون الحكومة الجديدة، استنادا إلى الدستور الجديد، قادرة على اكمال دورتها الانتخابية، ويعد ذلك علامة واضحة على استقرار الديمقراطية الفتية. ومن الملاحظ ان بناء الدولة المدنية في بلدان العالم الثالث يواجه مشاكل متماثلة، مع الأخذ بنظر الأعتبار التباينات التاريخية والثقافية والعوامل الضاغطة على التجربة الجديدة.