في مشهد تدمع له مقل العيون، ويعتصر أمامه القلب، حيث تفتقد اليوم منطقة الجامع الكبير وسط مدينة الموصل القديمة ما كانت تباهي به لأكثر من تسعة قرون، منارتها "الحدباء" التي فجرها تنظيم داعش الدموي ابان احتلاله المدينة.

المنارة الحدباء التي بنيت في العهد الزنكي في القرن السادس الهجري، كانت آخر ما دُمر من معالم حضارية وآثارية في الموصل ونينوى بشكل عام.
يقول مدير آثار نينوى مصعب محمد جاسم في حديث صحفي، ان تنظيم داعش الإرهابي دمر خمس مدن أثرية في نينوى، هي: النمرود والحضر وخورسباد ونينوى الأثرية، إضافة إلى مدينة أسكي موصل الإسلامية.
ويؤكد جاسم أن مدينة النمرود دمرت بنسبة 90 في المائة، نتيجة استخدام التنظيم المتفجرات، تليها مدن ومواقع أثرية أخرى كقصر سنحاريب ومتحف الموصل، إضافة إلى بوابات مدينة نينوى الأثرية وأسوارها التي جرفها التنظيم الإرهابي.
ورفعت كشوف وتقارير بالأضرار التي طالت المناطق الأثرية في نينوى إلى الهيئة العامة للآثار، لغرض إعمار ما هُدّم، وتدريب الكوادر الآثارية المحلية من قبل "منظمة سمسونيا" الأميركية، ومباشرة الكوادر العمل في إعمار مدينة النمرود - بحسب مدير الآثار.
من جانبه يوضح مدير أوقاف نينوى أبو بكر كنعان في حديث صحفي، ان تنظيم داعش دمّر أكثر من 119 مسجدا ووقفا إسلاميا، مشيرا إلى أن الكثير من هذه المساجد يقع في مدينة الموصل القديمة.
ويضيف ان مساجد مهمة وتاريخية كثيرة فجرها التنظيم الإرهابي وجرفها، ومنها جوامع النبي يونس والنبي جرجيس والنبي شيت والإمام محسن والإمام الباهر، إلى جانب الجامعين المجاهدي والمصفي (الأموي)، وجامع النوري ومنارته الحدباء.
ويلفت كنعان إلى أن تحديات كبيرة تقف أمام إعادة إعمار المساجد التاريخية المدمرة، لكنه يؤكد ان تشرين الثاني المقبل سيشهد بدء حملة إعمار جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء، من قبل منظمة اليونسكو.
ولأن العراق يمر بأزمة مالية، فإن الأوقاف لم تستطع تنفيذ خطة إعادة إعمار جميع المساجد المدمرة في نينوى هذا العام، محيلة إياها إلى العام القادم - بحسب كنعان، الذي كشف عن ان عدد المساجد التي دمرت وتضررت في نينوى منذ عام 2014، بلغ 531 مسجدا.
إلى ذلك يرى عالم الآثار الموصلي د. أحمد قاسم الجمعة، أن الموصل فقدت أكثر من 90 في المائة من آثارها، خاصة الإسلامية منها، لافتا إلى ان منارة الحدباء التي يصفها بـ "الشهيدة"، تعد أحد أنفس المعالم الإسلامية، ليس في العراق فحسب، بل في العالم الإسلامي أيضا.
ويؤكد الجمعة أنه ومن خلال عمله في الموصل لأكثر من ستة عقود، استطاع جمع أكثر من عشرة آلاف وثيقة ومخطط للرسوم الهندسية والفنية والزخارف والكتابات التي كانت منقوشة على المعالم الأثرية، مشيرا إلى إمكانية إعادة الحياة إلى تلك المعالم الأثرية من جديد، في حال توفر الأموال وإرادة الإعمار