طريق الشعب
ربما يتعرض الأبناء أحيانا الى جملة صعوبات وحوادث قاسية بعد فاجعة فقدان الأم، سواء بسبب الطلاق وانفصال الأب عن الأم أو بسبب وفاة الأم "الحنون". لكن أقدارهم لم تكتف بهذا الألم، بل تنتظرهم مآس عديدة شديدة القسوة اذا ما ابتلوا بزوجة أب قاسية وعديمة الضمير، وبدلا من التعامل مع أبناء زوجها كأيتام يستحقون العطف والرعاية والتعويض عن الفقد، تشهر سيوفها وحقدها وكراهيتها لهم في تعامل غير انساني يلحق بهم الأذى النفسي والجسدي، فمنهم من ينتحر ومنهم من يصاب بعقد نفسية دائمية ومنهم من يهرب من البيت الى غير عودة، وبعض البنات يجبرن على الزواج المبكر لتتخلص زوجة الأب منهن، ومنهم ومنهم..... الخ.
هنا تبحث زوجة الأب عن ضرة أخرى رغم وفاة أو طلاق الزوجة الأولى فتجد ضالتها في جلد الأبناء بأقسى الكلمات أو بيديها أو بالسوط أحيانا!
لكن ذلك لا يمنع من وجود زوجة أب رعت أبناء زوجها وعاملتهم بمنتهى الحنان فصاروا وكأنهم أولادها، وردوا إليها المعروف والاحسان بكل بر وحب ومودة "وعاشوا عيشة سعيدة".

عينة أولى

يحكى أن والدة أبراهام لينكولن الرئيس الأمريكي الأسبق توفيت وهو في التاسعة من عمره في عام 1818. وبعد ذلك بعام سافر والده توماس لينكولن من كوخ العائلة في جنوب إنديانا إلى ديارهم السابقة في كنتاكي، حيث تزوج سارة بوش جونستون. أصبحت سارة زوجة الأب لأبراهام لينكولن صديقته وشقيقة له. وكانت تشجعه على تثقيف نفسه، على الرغم من أنها لا تستطيع القراءة والكتابة. وفي حين لم يكن أبراهام لينكولن على علاقة وثيقة مع والده، فقد كانت لديه علاقة حميمة مع زوجة أبيه، وكان معتزا بتلك العلاقة.

عينة ثانية

"ماجد"، انفصل أبواه عن بعضهما، وبعد أن ولد وعاش مع أمه دون أن يسأل عنه والده الذي قرر أخذه بعد عشر سنوات ليعيش معه، والمفاجأة كانت حينما عاد محمد لزيارة والدته وأخبرها عما وجده لدى أبيه وزوجته من ضرب وتجويع وحرمان، وكانت الصدمة حينما رأت الأم آثار الحروق على يديه ووجهه وصدره وقدميه، فعرضته على الأطباء الذين أكدوا إصابته بحاله نفسية حادة نتيجة التعذيب، فاحتفظت الأم بولدها مدة من الزمن، وكان لا يأكل ولا يشرب ولا يلعب حتى مع الأطفال، إضافة إلى أنه يخشى دورة المياه، ومعاناته تلك ازدادت حينما قرر والده استرجاعه ثانية، فتفاقمت حالته النفسية والصحية، وظهرت عليه علامات التعذيب والمرض حتى توفي طفلا.

عينة ثالثة

لا يستطيع "منذر" أن ينسى ما حل به وبأخوته بعد زواج والده من امرأة أخرى، حيث أصبحوا مشتتين ولا يعرف احدهم عن الآخر شيئا قائلا: منذ دخولها بيتنا وهي تحاول التفريق بيننا وبين والدنا ونجحت في ذلك، حيث يعيش أخوتي كل واحد في مكان بعيد عن الآخر، وكانت دائما تفتعل المشكلات والخلافات التي تولد الشجار وفي كل مرة يقف والدي إلى جانبها حتى قام والدي في النهاية بطردنا من المنزل.

عينة رابعة

تقول "منى": تزوج والدي من امرأة أخرى بعد خمسة أعوام على وفاة والدتي.. كان والدي يقول: أريد أمّا ثانية لأولادي.. تزوج أخيرا من محامية، وتخوفنا من زوجته في البداية لأنها كانت غريبة عنا . لكن بمرور الزمن أصبحنا أصدقاء وكانت دائما تقف إلى جانبنا عندما كان والدي يختلف معنا، وزوجت اثنتين من أخواتي على معرفتها وكانت كثيرا ما تنفق من مالها الخاص على احتياجاتنا وطالما حفظت أسرارنا وساعدتنا في الدراسة حتى اصحبنا كل حياتها واهتماماتها ودائما كان أقرباؤنا يقولون أن الله عوضنا عن والدتنا لأننا كنا بنات صالحات ولأن والدي رجل ملتزم وصالح وانتظر طويلا ليختار الزوجة الصالحة.

عينة خامسة

سعاد كانت تحب أمها وتحترمها كثيرا، قبل أن يتزوج والدها من امرأة ثانية التي تمكنت بطيب المعاملة من كسب ود سعاد وأشقائها.. المفاجأة كانت أن سعاد ارتضت العيش مع زوجة أبيها وترك والدتها، لأن أن أمها كانت متشددة معها في جميع المواقف خلافا لزوجة أبيها التي تعاملت معها على أنها شقيقتها الكبيرة الحريصة على مصلحتها! وتشاطرها بشرى، تقول أنها لم تعلم أن والدتها متوفية إلا حين بلغت الثالثة عشرة من عمرها وقد تربت مع أخوين من زوجة أب، كانت تعاملها بنفس الاهتمام والعاطفة بل أكثر أحيانا من أولادها. وتضيف: والدي كان رجلا مزواجا وقد تزوج مرتين بعد وفاة والدتي لكنه كان ذا شخصية قوية ومؤثرة وقادر على إدامة توازن الأسرة.

عينة سادسة

أبو طارق يتزوج بعد وفاة زوجته للمرة الثانية حيث فشل زواجه الاول بسبب قسوة زوجته الاولى، يقول: تزوجت بعد وفاة زوجتي من امرأة مطلقة متوسطة العمر بعد ان اخبرتها واخبرت ذويها ان لي ثلاثة ابناء "بنتان وولد" وهم ايتام وابحث عن زوجة ترعاهم وتهتم بشؤونهم، بالإضافة الى انها ستكون عندي تحت افضل الرعاية والاعتزاز فوافق الجميع على هذا الامر وقد ذهبت تلك الزوجة بعيداً اذ قالت انها ستضعهم في عينيها وتجعلهم مثل ابنائها لاسيما وهي لم ترزق بطفل من زوجها الاول . فسررت بهذا الاتفاق المبدئي وتزوجنا على بركة الله، وبعد مرور اشهر قليلة بدأت الاحظ على ابني الوحيد الشحوب والاضطراب في السلوك والتلكؤ في الكلمات والتأخر في دروسه المدرسية، وحين كنت اسأله لا يعطيني جوابا مقنعا مما اضطرني الى ارساله الى طبيب نفسي حيث اكد لي الطبيب ان ابني يعاني من صدمة نفسية حادة! وعلاجه في ابعاده عن البيت لفترة معينة! فذهلت لطلب الطبيب هذا لكني سرعان ما اكتشفت ان ابني قد افشى للطبيب سر معاناته وهو قسوة وعنف زوجتي في التعامل معه ومع شقيقاته وحين فاتحتها بالموضوع انكرت واصرت الى انها تعاملهم بمنتهى الحنان، لكن البنتين الصغيرتين وبالرغم من خوفهما منها اسرّتاني بأساليبها المدمرة معهم جميعاً وكيف انها تشد ايديهم في المطبخ وتضع حديدة سميكة على نار الطباخ الغازي امام انظارهم وتهددهم بكي اجسادهم بها اذا ما اخبروا ابيهم بأسلوب تعاملها معهم وكيف انها تحمَلهم ثقل اعباء البيت من كنس ومسح وفتح مجاري الدار اذا انغلقت جراء الاوساخ او غيرها بالإضافة الى اشياء قاسية اخرى لا تتلاءم وأعمارهم الصغيرة، مما اضطرني الى تطليقها واعطائها كامل حقوقها اما هذه الزوجة الثانية فما زالت تحت المراقبة!

عينة سابعة

تقول السيدة أم حمد "زوجة أب" بان نظرة المجتمع إلى زوجة الأب نظرة قاسية، "فأنا عندما تزوجت زوجي أخذت عهدا على نفسي أن أعامل بناته كبناتي، فأنا أحب بنات زوجي حبا جما وأنا متقاربة جدا منهم أعاملهم بكل رفق وحنان وهذا الأمر يعود إلى أخلاقيات المرأة ومدى قربها من رب العالمين، ولا أنكر أنني وجدت في البداية صعوبة في تقريبهن إلي، ولكن تدريجيا ومع العشرة تحت سقف واحد تأقلمنا مع بعضنا البعض.

عينة "غزالة"!

تؤكد "ميساء"، معلمة وزوجة أب أن زوجة الأب هي امرأة كالغزالة اللطيفة حتى وإن زعم المجتمع كله أنها ثعبان سام أو سبع ضار ولا ينبغي للأقوياء من الناس أن يحدد المجتمع وعوام الناس مسارهم "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" بل الشخص الرائع والفرد الفذ هو الذي يشق طريقه وسط الصخور الصماء ويرسم لنفسه صورة على ظهر جلد مرقع بال.
تقول لمياء، طالبة دراسات عليا: بناء علاقة جيدة وصحية مع أطفالنا يتطلب جهدا وعملا دؤوبا، ويعد من أصعب التحديات التي تواجه الآباء. ويزداد الأمر صعوبة وتحديا في حال تدخل شخص ثالث في العلاقة، مثل زوجة الأب أو زوج الأم.
في أستراليا ما يقارب ثلث الأستراليين المتزوجين لديهم أطفال من زيجة سابقة، في حين أن التقديرات تشير إلى أن هناك أكثر من 13 مليون امرأة في أمريكا من زوجات الآباء..
ولقرون عديدة عرفت زوجات الآباء بقسوتهن وكراهيتهن أبناء أزواجهن، فقصص الأطفال عامرة بمثل هذه الحكايات، مثل قصتي سندريلا، والأميرة والأقزام السبعة، وهما من أكثر القصص الموزعة التي تم تكييفها وترجمتها إلى عدة لغات عالمية. حتى في الأفلام والمسلسلات فزوجات الآباء، في معظم الأحيان، صورن على أنهن شريرات يسببن كثيرا من الأسى للأطفال. وفي مختلف الثقافات، ينظر إلى زوجة الأب عادة بوصفها امرأة قاسية على الأطفال.
إن زوجات الآباء لديهن أصعب الأدوار في الأسرة، وأظهرت البحوث أن معظم زوجات الآباء يصورن بصورة سلبية. وعادة ينظر إليهن على أنهن غير محبات للخير وعديمات النزاهة، والرحمة، وقليلات العطف، محبات للنكد وغير محبوبات وقاسيات وغير عادلات.
ولكن تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن الأطفال الذين تربيهم زوجات آبائهم كانوا عرضة لقلة الرعاية الصحية الجيدة، والتعليم، والمصاريف التي تنفق على تغذيتهم مقارنة مع الأطفال الذين تربيهم أمهاتهم البيولوجية. للأسف تدعم هذه الدراسة الأساطير والصورة السلبية عن زوجات الآباء، ولكن ما هي القضايا الأعمق وراء هذه الأدلة؟ وهل كل زوجة أب شريرة وقاسية كما يحكى؟..
في العادة عندما تتزوج المرأة من رجل لديه أطفال من زيجة سابقة، يتوقع الزوج والمجتمع أن زوجة الأب ستنضم إلى الأسرة بسهولة، وبالتالي تصبح أما للأطفال.
ومن الصعب على زوجة الأب وأبناء الزوج التعود على هذه العلاقة الجديدة. وبالنسبة لزوجة الأب فإنها تنضم إلى أسرة كانت قائمة بالفعل، ويتوقع منها أن تحل مكان شخص لا يمكن استبداله "الأم الطبيعية أو البيولوجية". وبلا شك ليس من السهل أن تحب الزوجة أطفال زوجها بكل سهولة، فالمحبة تتطلب زمنا، وعلاقة بها احترام متبادل.
أما في نظر الطفل، فزوجة الأب يمكن أن تثير مجموعة من العواطف. فليس من السهل بالنسبة للأطفال قبول شخص جديد في العائلة لا سيما مكان والدتهم. من الطبيعي أن يكون للأطفال ولاء عميق تجاه والديهم، وذلك إذا كانت الأم على قيد الحياة ولكنها مطلقة.. قد يشعر الأطفال بالذنب والغضب وعدم الولاء في قبول زوجة الأب في الأسرة، فضلا عن أن معظم أطفال الوالدين المطلقين لديهم أمل في جمع شمل الأسرة من جديد، فوجود زوجة الأب من شأنه أن يعرقل عودة أمهم إلى البيت. وفي حالة قدوم زوجة الأب بعد وفاة الأم، فهذا أكثر صعوبة لأن الأطفال يكونون حزينين لفقد والدتهم، ومرة أخرى قد يشعرون بعدم الارتياح لأن هنالك من تريد أن تحل محل أمهم المتوفاة. وقد تكون مشاعر الغضب والخوف والشعور بالذنب مسيطرة، فضلا عن ألم الأطفال لأن والدهم نسي والدتهم وأراد أن يستبدلها.
هذه هي ردود فعل طبيعية لكل من زوجة الأب والأطفال. المشاعر التي تعتري الطرفين تجاه العلاقة الجديدة تختلف بين مختلف الأسر، وتتوقف كثيرا على عمر الأطفال، والتركيبة الشخصية لزوجة الأب والأطفال.
الأطفال عادة يتكيفون مع الوضع الذي هم فيه، ولكن في حالة وجود زوجة الأب فإنهم يحتاجون إلى وقت وصبر للتعود والثقة بزوجة أبيهم. إن قبول شخص جديد في العائلة ليس سهلا، والأب وزوجة الأب والأطفال في حاجة إلى فهم ذلك. وزوجات الآباء يمكن أن يكنّ ثروة لا تقدر بمال للأسرة، رغم أن علاقتهن مع الأطفال تختلف عن طبيعية العلاقة بين الأم الطبيعية والطفل. وزوجة الأب يمكن أن توفر للأطفال الدعم والرعاية، وأن تكسب الأطفال وتصبح صديقة لهم، ومحل ثقتهم، وكاتم أسرارهم إذا أتيحت لها الفرصة والاحترام للقيام بذلك. رد فعل زوجة الأب يتوقف كثيرا على مدى قبولها في الأسرة الجديدة. ولكن بمرور الوقت وطول البال تصبح من كانت تُعدّ عدوة صديقة مدى الحياة للأطفال، فتكون العلاقة إيجابية ونهايتها سعيدة، مثل علاقة أبراهام لينكولن بزوجة أبيه. وعلى زوجات الأب تذكر أن هناك عدة تحديات في كسب ثقة واحترام الأطفال، ولكن عليكن تعلم التحلي بالصبر والتسامح، وسيؤدي هذا حتما إلى نتائج إيجابية.

عشرة مقترحات

عشرة اقتراحات للعائلات التي فيها زوجة أب:
1.
تذكّر أن الأمر قد يستغرق الكثير من الوقت والصبر على زوجة الأب، للتكيف مع دورها الجديد في الأسرة.
2.
يجب تفهم مشاعر الأطفال وإن كانوا يتصرفون بشكل سيئ تجاه زوجة الأب، حاول التحدث معهم بهدوء ولا تعاقبهم، فالعقاب يزيد الأمر تعقيدا.
3.
يجب إعداد الأطفال قبل الزواج وتعريفهم على زوجة الأب، فإشراك الأطفال قبل الزواج يسهل التقارب بين الزوجة والأطفال.
4.
على الأب ألا يحاول إجبار أولاده على قبول العلاقة الجديدة، فهذا من شأنه تعريض الأطفال الى ضغوط إضافية، مما يسبب لهم الكثير من الإجهاد.
5.
ينصح معظم الباحثين زوجات الآباء بعدم التدخل مباشرة في تأديب الأطفال، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الاستياء منها.
6.
السعي للعمل معا كأسرة لتصفية الأجواء. فهذا جيد خاصة للأب وزوجة الأب لبحث كيفية تربية الأطفال وتوزيع الأدوار.
7.
لا تشعر بالخوف من الأطفال الذين قد يرغبون في جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لزوجة الأب، فهذا متوقع، ولكن الصبر وحسن النية قد يؤديان إلى تغيير سلوك الأطفال.
8.
لا تحاولي تغيير روتين الأطفال على الفور، ذلك لأن الأطفال يعتادون على الأعمال الروتينية المختلفة ولن يقبلوا التغييرات التي تفرضها زوجة الأب.
9.
اعمل على بناء الثقة مع الأطفال، فهذا من شأنه أن يجعل العلاقة أكثر سهولة.
10.
لا تحاولي التدخل في أسلوب تربية الأب، لأن ذلك لن يكون مقبولا من قبل الزوج أو الأطفال.

خصوصية

حمل وديع.. أم ثعبان سام زوجة الأب بالنسبة للأطفال.. هل هي صديقة أم عدوة؟ لا يستطيع أحد أن يشكك في أن الأمومة غريزة في نفس المرأة التي ستحمل على عاتقها أكبر مسؤولية في هذه الحياة وهي تربية الجيل الجديد الذي سيقوم بدوره باستكمال المسيرة الحياتية وبالتالي فإن الأم تعطي من وقتها وجهدها الكثير والكثير مما يصعب على غيرها أن تعطيه وهو ما جعل للأم خصوصية لا يشاركها فيها أحد. غير أن هذا لا يمنع من أن يوجد من بين النساء من يملكن القدرة على العطاء وتعويض ما افتقده الأبناء في أمهم التي رحلت أو طلقت أو أن يكون على أقل تقدير حضنا دافئا لأبناء الزوجة الأخرى للزوج وهو ما سجلته وقائع وأحداث الدهر الكثير من المرات لتنفي تلك الانطباعات المجتمعية الخاطئة عن زوجة الأب التي كثيرا ما يحاول البعض تصويرها على أنها شيطان أو نمر متوحش. قد يعود بطش وقسوة زوجة الأب وظهورها بمظهر السيدة المتجبرة التي تكره وتستخدم أبناء زوجها بشكل سيئ إلى الأساطير والحكايات الشعبية التي نسجتها قصص خيال عن شخصية تلك المرأة، ولا يوجد طفل في العالم لم يقرأ قصة سندريلا أو الأميرة والأقزام السبعة وغيرها من الحكايات التي تبالغ في قسوة زوجة الأب. لكن وبعد تغير المجتمع وتغير المفاهيم وتغير الحياة هل تغير دور زوجة الأب، و لكن هل تغيرت مشاعر أولاد الزوج تجاهها. سنتابع ذلك مع عدة قصص روايات على لسان زوجة أب أو ابنة زوج أو ابن زوج.

نظرة مجتمعية قاتمة

زوجة الأب .. المرأة التي تقبل أن تتزوج برجل لديه أبناء وتوافق طوعا أو كرها على تربية أبناء زوجها وتمارس دورها كزوجة وأم بديلة لأطفال زوجها، ولكن رغم هذه التضحية لتربية أبناء زوجها فإنها تعاني من صورة سلبية عنها لدى المجتمع ووسائل الإعلام المختلفة والتي دأبت على تصويرها وكأنها نسر كاسر وقلب متوحش يقتات على الظلم والعنف والقسوة وأحيانا يصل إلى حد القتل والتعذيب! فما هي العوامل التي أبرزت صورة سلبية عن زوجة الأب؟ وكيف لها أن تحسن صورتها أمام المجتمع؟ وما هو دور المجتمع ووسائل الإعلام في معالجة القضية؟
الإجابة على هذه الأسئلة قد نجدها في الآتي:
الاختصاصية الاجتماعية "سلوى" ترى أنه من الصعب على زوجة الأب وأبناء الزوج التعود على هذه العلاقة الجديدة، فعلى زوجة الأب أن تعرف أنها جاءت إلى بيت مليء بالأبناء الفاقدين لأمهم، وإنها ستدخل إلى حياة ليست طبيعية بل هنالك صعوبات عليها تحملها واستيعابها، فعليها أولا كسب ثقة الأبناء وجلبهم إليها، ويمكنها أن تكون نعمة في البيت أو نقمة، ولكنها يجب أن تتصرف بحكمة وروية لكسب ثقة الأطفال، فعليها مثلا أن تجعل نفسها صديقة للأبناء للمشاورة والمساعدة لا أن تصور لهم نفسها كالأم الحقيقية، فالأولاد لا يرضون بذلك، وعليها أيضا أن لا تتدخل في قضاياهم مع والدهم ولا تحاول إظهار نفسها بمظهر الحريصة على المصلحة الأسرية لأنهم لا يصدقون منها ذلك، وإذا كانت ترى في نفسها عدم القدرة على تحمل الرجل ولديه أولاد فعليها أن لا تقدم على الزواج من رجل كهذا.
وتضيف سلوى: بعض الأسر لا تخلو من المشاكل المتعلقة بزوجة الأب في مجتمعنا لاسيما إذا كان الأب متعاطفا جدا مع زوجته لدرجة خشيته من تمردها وتركها منزل الزوجية فتميل كفة الميزان لصالحها وهنا يصبح أولاده من زوجته الأولى تحت هامش قاموسه غير المتوازن والضعيف فتتأثر بذلك حياتهم نحو الحقد والكراهية من زوجة أبيهم، لاسيما إذا رزقت بأطفال فتبدأ تعاملهم بقسوة ودون رعاية والحقيقة ان الكثير من الأولاد والأمهات البديلات يبنون علاقات ايجابية تقوم على أساس الاحترام والتقدير والطيبة ولا أنكر من خلال مشاهداتي في العديد من الإصلاحيات ودور الأيتام والمشردات أن هناك فئة طالها الانحراف والجريمة من جراء تعسف وعنف زوجة الأب غير المتفهمة لدورها والأم الجاهلة لمعنى اليتم والطلاق ولكن الحالات ليست كثيرة إذا ما قورنت بمستوى الحاصل في البيوت لاحتواء الأطفال فاقدي الرعاية الأسرية من أمهاتهم البديلات. ان الصورة السلبية لزوجة الأب، توارثها المجتمع، نتاج ثقافته وتقاليده، فدائما يظهرها بمظهر الشريرة، التي جاءت لخطف الأب وتعذيب الأبناء، وتشريدهم، رغم أن هناك أمهات أشد قسوة من زوجة الأب، ولكن المجتمع دائما يقف ضد زوجة الأب، وينصف الأم… ففي كلا الحالتين الحنان أو القسوة في الشخصية راجع الى طبيعة هذه الشخصية وعلى الزوج أن يحسن اختيار الزوجة الثانية خاصة مع وجود أبناء في حاجة إلى أم بديلة تعوضهم حنان الأم المفقود. وهناك الكثير من الصور الإيجابية لزوجة الأب والتي كانت للأبناء أماً مثالية أحبها الأبناء واحترموها وكرمها المجتمع.
سلوى ترى: ان المرأة التي تقبل أن تكون زوجة أب، يجب أن تكون شجاعة، وواعية، وعليها أن تضحي حتى تسعد زوجها وأبناءه، وتبذل الكثير من الجهد لكسب ثقتهم… فمطلوب منها أن تعيد التوازن للأسرة التي فقدت مصدر الحنان، حتى تجعلهم يتقبلون وجودها بينهم ولا شك أن نجاحها في ذلك، سيحقق لها ولهم السعادة والراحة النفسية. وهي من حقها أن تفكر في إنجاب طفل ليكون وسيلة لتقوية الروابط بينها وبين أولاد زوجها، كما أن وجود طفل وليد في الأسرة يدخل البهجة على القلوب… كما يجب عليها أن تحرص على أن تبقى علاقتهم موصولة بأمهم سواء كانت متوفاة أو على قيد الحياة… فالأم كائن مقدس كما يجب عليها أيضاً أن تتسم بالصبر على أخطائهم، وأن تجعل من نفسها معلمة ومرشدة نفسية لهم وأكثر تسامحاً وحباً وحزماً أيضاً عند اللزوم كما هي الأم تماماً.
وتؤكد سلوى على خطوة مهمة يجب على الأب القيام بها قبل زواجه بأخرى، وهي أن يحسن اختيار هذه الزوجة التي ستحمل محل الأم لأبنائه، وعليه أن يهيئهم لقبولها، والتقريب فيما بينهم نفسياً، لكسر حاجز الخوف والشك… والأب أيضاً له الدور الأكبر في حفظ التوازن النفسي للأسرة بكاملها، فعليه أن لا يتجه بكل اهتمامه لزوجته الجديدة ويهمل أبناءه… لأن سعادته الحقيقة في سعادة كل أفراد الأسرة بالحب والتفاهم والعدل في المعاملة فيما بين زوجته وأبنائه. أما الزوجة فعليها مساعدة زوجها في أداء دوره، ولابد من تفهم مشاعر الأطفال وعدم التدخل في أسلوب التربية الذي يتبعه الأب معهم، ويجب أن تعرف أن الهدوء والتسامح والحب أهم أسس تكوين أسرة سعيدة أيًّا كان نوع الروابط بين أفرادها.