طريق الشعب
ضيّفت الجمعية العراقية لدعم الثقافة وملتقى الخميس الإبداعي في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الخميس الماضي، وزير الموارد المائية د. حسن الجنابي، الذي ألقى محاضرة بعنوان "العراق والمياه.. الحاضر والمستقبل".
المحاضرة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد بساحة الأندلس في بغداد، حضرها رئيس الجمعية الرفيق مفيد الجزائري، وجمع من المثقفين والأدباء والإعلاميين.
أدار المحاضرة الناقد التشكيلي د. جواد الزيدي، وافتتحها بكلمة قال في مطلعها ان "للعراق مع المياه قصة طويلة اقترنت بنشوء مدنه الأولى والسلالات التي حكمته، ووجود التجمعات الإنسانية على أرضه. ومنذ ذلك الوقت سميت حضارته الأولى بحضارة وادي الرافدين أو حضارة الماء والطين، بمعنى ان تلك الحضارة اكتسبت خصائصها من نصف مكونات الوجود، الماء والتراب أو الطين".
وأضاف قائلا في معرض حديثه عن الحواجز المائية التي كانت منتشرة في العراق، انها "كانت تستر المناضلين في أزمنة الظلم والخوف، هؤلاء الذين كانوا ينتظرون (المعيبر عبد) لكي يستر قميصه على الذين يرومون العبور إلى الضفة الأخرى، أو الذين اختبأوا فيه أملا بساعة الخلاص، أو الذين تمترسوا مدججين بالسلاح في هور الغموكة للبدء من هناك صعودا إلى أعالي النهر، ليكتبوا ملحمة خالدة لا زالت ماثلة في الأذهان".
وتابع د. الزيدي في كلمته انه "منذ ثلاثة عقود مضت كنا نتحسس أن المعارك المقبلة والصراعات الآتية هي صراعات ومعارك المياه وسياسة إدارتها. وحدث ما كنا نخافه. فالأهوار تم تجفيفها، وحوضا دجلة والفرات في أدنى مناسيبهما، ما لحق الضرر بالزراعة والواردات العراقية، والبصرة ومدن أخرى لم يصلها ماء الشرب، أهم أسباب الحياة".
د. حسن الجنابي، وفي معرض محاضرته، تطرق إلى واقع المياه ومستقبلها في العراق، ملقيا الضوء على الازمة المائية المتفاقمة اليوم، وعلى تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, وسبل مواجهتها، على اعتبارها أزمة تمتد جذورها إلى نهايات القرن الماضي.
ثم تحدث عن تداعيات تجفيف الاهوار, وتراكماتها بسبب تجاوز الدول المتشاطئة مع العراق على حصة العراق المائية, من خلال بناء السدود في كل من تركيا وسوريا وايران، بالاضافة الى تضاؤل كميات الامطار وارتفاع درجات الحرارة، وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة لملف المياه، مشيرا إلى ان ذلك كله ساعد على تمدد الصحراء في البلد.
وشدد الوزير من خلال استعراضه تداعيات أزمة المياه، على ضرورة تحديد الاولويات، وفي مقدمتها تأمين الماء الصالح للشرب للعراقيين كافة، ومن ثم توفير مياه الري للاراضي الزراعية التي تستهلك بحدود 75 في المائة من كميات المياه، مؤكدا أهمية ترشيد الاستهلاك, واعتماد الطرق الحديثة في الري والتحلية، الأمر الذي يساهم في تقليص الفجوة بين الكميات المتوفرة والحاجة الفعلية.
وذكر د. الجنابي ان "القدرة التخزينية للمياه في العراق، تبلغ بحدود 150 مليار متر مكعب, في حين ان ما يمكن خزنه من الحصة المائية الحالية يبلغ 40 مليار متر مكعب. ما يعني ان حل الازمة الحالية لا يتطلب بناء سدود جديدة".
أما بخصوص أزمة المياه الأخيرة في محافظة البصرة التي لا يتوفر فيها الماء الصالح للشرب، فقد أكد الوزير ان الأسباب الحقيقية للأزمة لا تعود إلى نقص المياه "فقد قامت وزارة الموارد المائية بتوفير الكميات اللازمة، وان سبب الأزمة هو تعطل القسم الاعظم من محطات التحلية، وعدم تشغيل محطات تم استلامها منذ عام 2006".
واختتم د. الجنابي محاضرته مشددا على اهمية تضافر جهود مؤسسات الدولة ذات العلاقة من أجل حل مشكلة المياه، وعلى ان تضع الحكومة معالجة أزمة المياه ضمن أولويات مهامها، وذلك لتلافي التداعيات الخطيرة من تصحر، ونزوح اعداد كبيرة من أبناء المدن التي تعتمد الزراعة، وارتفاع نسب الفقر والبطالة.
وفي الختام قدمت الكاتبة سافرة جميل حافظ لوح الجواهري للمحاضر، وقدم له الرفيق مفيد الجزائري باقة ورد.