أول من استكشف النفط في العراق هم الألمان، وذلك عام 1860 عندما تم استدعاؤهم من قبل والي بغداد آنذاك العثماني مدحت باشا، وقاموا بإنشاء مصفى في بعقوبة لتصفية النفط المستخرج في مندلي، وأول شركة استغلت حقوق النفط العراقي كانت من الشركات تركية عام 1912.

بعد ثورة 14 تموز 1958 أعارت الحكومة الجديدة اهتماما خاصا لقضايا النفط، فشكلت لأول مرة وزارة خاصة بالنفط عام 1959، وقامت بإصدار القانون رقم 80 كانون الأول عام1961، الذي وضع 99.5بالمائة من أراضي الامتياز تحت سيطرة الحكومة، وترك للشركات الأجنبية مساحات الحقول المنتجة للنفط فقط، وبعد ما ساءت العلاقة بين الحكومة العراقية والشركات النفطية أقدمت الحكومة على إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية، وعهدت إليها بجميع الأراضي الخارجة عن سيطرة الشركات.

العجيب الذي نراه اليوم أن ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في " أوبك " والرابعة دولياً ،لا تستطيع تأمين كفايتها من الكهرباء، ولايمكنها الحفاظ على خزينتها الوطنية التي تتدفّق شهرياً من عائدات النفط  فضلا عن ملايين الدولارات المتأتية من الجمارك والضرائب وسواهما، والسبب هو الفساد.

وبدلا من أن تحذو الدولة العراقية حذو الدول المجاورة أو الإقليمية بدعم أغلب شركات ومعامل القطاع الخاص لانتاج الإسمنت بالوقود وبأسعار رمزية، لغرض تشجيعها عبر تقليل الكلف الإنتاجية، وتحفيزها لمنافسة المنتج الأجنبي، كذلك للاستفادة من صادراتها في استقطاب العملة الصعبة، تعمد لجنة الطاقة التابعة لمجلس الوزراء العراقي على رفع سعر اللتر الواحد للنفط الأسود من 100 إلى 150  دينار أي بنسبة 50 في المائة، وهذه الزيادة تمثل صدمة لعمل المنشآت الصناعية للاسمنت والطابوق والنشاطات الاقتصادية الأخرى التي تعتمد الوقود مصدرا أساسيا لها، لانه يهدد عملها بالتوقف، فالنفط الأسود يشكل 40 في المائة من كلف إنتاجها.

الجدير بالذكر ان في العراق 18 معملا للأسمنت يشتغل فيها آلاف العمال والفنيين والمهندسين، وتنتج ما يقارب 20 مليون طن سنويا تسد نسبة كبيرة من حاجة السوق العراقية، وكان من المؤمل رفع الإنتاجية إلى 24 مليون طن لتغطية حاجة السوق المحلية مع إمكانية التصدير إلى خارج العراق، لكن بعد الارتفاع في تكاليف الإنتاج، تغيرت الصورة فاغلب المعامل اليوم  تفكر في إيقاف عملها وتسريح عمالها من أجل التقليل من خسائرها، في الوقت الذي تعم التظاهرات الاحتجاجية العديد من محافظات العراق مطالبة بالخدمات، وتوفير فرص العمل. وتبرر وزارة النفط هذه الزيادة بناء على دراسة وعليها التزامات دولية، وربما الاصح هو تنفيذاً لشروط فرضها صندوق النقد الدولي ؟!

عرض مقالات: