خرجت هذه المنطقة السكنية في تظاهرات لمرّات عدّة. ولم يكن قادة تظاهراتها يَسعون الى التسويق لأنفسهم في دعاية انتخابية. والدليل ان الانتخابات جرت بالفعل ولم تترشّح عن الحسينية أية شخصية كانت فاعلة في التظاهرات التي امتدت على طول سنوات تقريباً.
ثم رفض أهالي المنطقة كل العروض التي وردتهم من بعض السياسيين الذين حاولوا سرقة التظاهرات هناك، وطردوهم (حرفياً).
وزارت منطقة الحسينية (حي الزهور) وفود من مجلس الوزراء، ومجلس محافظة بغداد، وكانت هناك وعود طيبة باستكمال مشروع الماء والمجاري وتعبيد الشوارع. لكن شيئاً من هذا لم يحصل، الذي حصل هو استكمال جزئي لتبليط بضعة شوارع وربطها بشبكة المجاري التي من المفترض أن يجري تغييرها كليا مع المشروع الجديد.
قدم ممثل الأمانة العامة لمجلس الوزراء وعوداً مكتوبة بأن تكون هناك أولوية لإنجاز هذا المشروع في هذه المنطقة المنكوبة، لكن الوعد لم ينفذ. وخرج بعد ذلك أهالي الحسينية في اعتصامات مُتكررة، ولم يستمع لهم أحد.
ومازالت ذاكرة المنطقة تتذكر أنها دفعت ضحية سقط برصاص القوات الأمنية إبّان التظاهرات المطلبية الأولى قبل سنتين، ومع هذا لم يتغير شيء.
عقلياً ومنطقياً، ما هو المطلوب من أبناء المنطقة أن يفعلوه ليجعلوا الجهات الحكومية تنتبه لهذه الرزية التي اسمها مشاريع الحسينية المتوقفة؟.
ما المطلوب منهم تحديداً؟، لو تحوّلت تظاهراتهم الى العنف، والى إحداث الضرر سيخرج عليهم ألف لسان يلومهم، ويحمّلهم مسؤولية الانحراف في مسيرة التظاهرات. لكنهم عملياً سلكوا كل ما هو ممكن، ونقلت عنهم وسائل الإعلام ما يكفي لجذب انتباه حتى حكومات اسكندنافيا، ومع ذلك لم يحدث اي تغيير. ومع ذلك، اقتصرت الاستجابة على استكمال بضعة شوارع دُفعت الأموال اللازمة لها بالفعل، وهي من مقاولة قديمة جرى اتمامها.
أليس من الظلم، ومما ينافي الواقعية أن نقول لهم (إصبروا)!...أي كلمة ظالمة أكثر من هذه؟. إنهم صابرون بالفعل، وما تظاهراتهم إلا دليل صبرهم وامتناعهم عن الانحدار الى سلوك مُنحرف يُعاب على التظاهرات.
الحسينية هي مثال حي على صبر المواطن على الجهاز الحكومي، وهي مثال حي أيضاً على نوعية الاستجابة التي تصدر عن الجهاز الحكومي فيما لو كان الناس يتحلّون بالصبر.
هذا مثال واضح، طليق، بائن... لن يستجيب له أحد. وهذا ما حصل بالفعل.

عرض مقالات: