اخبار قيام دولة الكويت الشقيقة بنقل كميات من المشتقات النفطية قيل انها مساهمة منها في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية المتوقفة عن الانتاج لحاجتها بسبب شحة الوقود ومع ايجابية هذه الخطوة، أثارت الكثير من التساؤلات الشعبية عن بلد يطفو على بحر من النفط  ولكنه فقير بانتاج المشتقات النفطية.

ان الباحثين في الشأن الاقتصادي معنيون الان اكثر من اي وقت مضى بالتوقف عند هذه الازمة ومناقشة اسبابها بالتنسيق مع الجهود الحكومية في هذا المضمار وخاصة وزارتي  النفط والتخطيط والحث على بذل المزيد من الاهتمام  توطئة  للخروج منها وتوظيف الزيادة في انتاج النفط الى مضاعفة وتائر انتاج المشتقات النفطية في مواجهة الطلب المحلي والحد من استيرادها بالعملة الصعبة.

ومن الجدير بالبحث ان العراق بحاجة الى 600 الف برميل يوميا لمختلف الاغراض وفي الصدارة منها حاجة قطاع الكهرباء وخاصة من الغاز بعد ان قامت الحكومة  في السنوات العشر الاخيرة بالتركيز على نصب محطات توليد تعتمد على الغاز بالدرجة الاساس بالاعتماد على ما يستورد من  ايران فضلا عن  استيراد مشتقات نفطية من دول غير نفطية ومنها تركيا والاردن ما قيمته 5 مليارات دولار سنويا  وكل ذلك لم يسعف هذه المحطات في تغطية حاجتها  لانتاج  الطاقة الكهربائية او أن يسد جزءا من حاجة البلد  بالرغم من مرور فترة طويلة على التغيير بسبب سوء الادارة  والتخطيط  التي اهدرت مليارات الدولارات.

لقد  كان العراق سباقا في انشاء العديد من المصافي النفطية وفي المقدمة منها مصفى الدورة الذي بدأ البواكير الاولى في الانتاج عام 1955 والذي يزيد انتاجه الان على 140 الف برميل يوميا من مختلف انواع الوقود بالاضافة الى مصفي بيجي في صلاح الدين الذي كان يلبي ثلث حاجة العراق  الا ان سيطرة الدواعش وتدمير قاعدته التحتية ومن ثم نهب اجزاء كبيرة ومهمة من هذا المصفى العملاق من قبل اطراف مجهولة، كل هذا قد جعل منه ركاما. وبالاضافة الى هذين المصفيين توجد اكثر من ثمانية مصاف اخرى موزعة في عدة محافظات  الا انها عاجزة عن سد الطلب المحلي بسبب قدمها وعدم مواكبتها للاساليب الحديثة. لهذا لم تكن تصريحات وزير النفط الاخيرة غير مفهومة بالنسبة للاقتصاديين لكنها لم تكن الا تكرارا لتصريحات سابقة قادت الى اصدار قانون الاستثمار في مصافي النفط رقم 64 وتعديلاته  مع ما فيه من تسهيلات الا انه لم يحل الازمة فضلا عن طرح  3 مشاريع للاستثمار في تكرير النفط  خلال مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في الكويت في شهر آذار من العام الجاري على ان تقام هذه المشاريع في البصرة والناصرية والانبار بطاقة انتاج مقدارها 600 الف برميل يوميا لكن هذه المشاريع تبقى معلقة على تفعيل مخرجات مؤتمر الكويت وطبيعة البيئة الاستثمارية في العراق وقدرتها على جذب المستثمرين.

  ان عملية التنمية في العراق  التي تقوم اساسا على مجموعة من العوامل لعل اخطرها ايلاء اهتمام كبير بانتاج الطاقة ومدخلاتها  فان الحكومة تتحمل المسؤولية الاولى في تحريك عجلتها بعدة اتجاهات ومن اهمها:

  • ان الانتظار لتفعيل قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام رقم 64 لسنة 2007 وتعديلاته دون تحقيق الاهداف المرسومة يلقي على الحكومة مهمة انشاء هذه المشاريع من خلال خطتها الاستثمارية الذي  يصب في نهاية المطاف في تفعيل عملية التنمية الاقتصادية.
  • قيام وزارة النفط بالتعجيل في اعادة بناء القاعدة التحتية لمصفى بيجي والبحث عن الاجزاء المنهوبة لاستعادتها ومن الممكن التنسيق مع الاجهزة الامنية المختصة في البحث عنها كلما كان ذلك ممكنا.
  • متابعة المشاريع المطروحة للاستثمار على مؤتمر الكويت والتفاوض مع الدول الراغبة في الاستثمار بمشروع مصفى السماوة والعمل على تجاوز معوقات الاستثمار فكل ذلك يهون امام حاجة العراق لتنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية وامتصاص البطالة وتوفير مقومات انتاج الطاقة الكهربائية.
عرض مقالات: