لا داعي أن نحتار في أصل الكلمة، فهي ذات جذر لاتيني يعود الى أربعمائة عام سابقة لتشير الى محفظة الوثائق الرسمية. أو تلك الوثائق عالية الأهمية التي يتخاطب بها الملوك والأمراء.
الأصل نشأ من عملية مُخاطبة مُحاطة بأهمية عالية، وشأن رفيع يكشف عن محتوى الرسالة التي قد تمثل دولة، أو ملك أو سُلطة في قبالة سُلطة أخرى أو ملكية أخرى.
الأصل أن تكون "الدبلوماسية" وسيلة خطاب عالية الأهمية، عالية الدقّة، بليغة، ومُحكمة. لأن الأهداف التي تحملها إنما تتعلق بمصائر الدول والشعوب والحكومات. وأن يكون "الدبلوماسي" شخصاّ ذا كفاءة ومقدرة على التواصل والإحاطة بأوضاع بلده ومحيطه.
من قال لكم أن الدبلوماسية هي فرصة لتعيين الأقارب، وتوسعة مملكة العائلة وتقاسم المناصب؟.
من قال لكم أن الدبلوماسية تعني حضور المؤتمرات الباذخة والثرثرة مع الملوك والرؤساء والوزراء من أجل أغراض شخصية، أو تملّق لصالح علاقات حزبية؟.
الذي أخبركم بهذا، هو المفهوم العام للسلطة-الغنيمة. والذي أشاعه نهّازو الفرص، وأولئك الذين ظهروا من اللامكان ليحتلّوا كل الأمكنة. السلطة (الاستثمارية!) التي لا تعدو أن تكون مشروعاً عائلياً مرّة، ومشروعاً حزبياً مناطقياً مرّة أخرى. او مجرّد نافذة تستمر عبرها صفقات الربح بلا عمل.
كل هذا دفع الى أن تكون دبلوماسيتنا مجرّد حفلة لتقاسم السفارات والمناصب فيها، يحضرها المُتحاصصون. وعودة سريعة الى جلسة مجلس النواب التي أقرّت توزيع السفراء العراقيين على سفاراتنا في دول العالم ستكشف هول الخديعة وعملية البيع الكبرى التي تبين معالمها بوضوح لكل من له بصيرة.
بعد ذلك، كيف يمكن أن ننتظر علاقات سويّة معقولة مثمرة مع الجيران أو دول العالم التي تشاطرنا المصالح؟
لماذا نفترض أن أداء السفير لا دخل له في متانة علاقاتنا ومقدار تأثير العراق (الدولة) في تلك العاصمة؟.
ماذا لو كان السفير لا علاقة له بالسفارة أو بالدبلوماسية؟ هل من الصعب أن نجد في دوائر الدولة مديراً عاماً أو وكيلاً لوزارة لا علاقة له من قريب أو من بعيد بواجبات الوزارة أو الدائرة؟
موظفون لا يجيدون اللغات، وقناصل لا يفهمون معنى واجباتهم، وملحقون يظنّون أنهم في سياحة لبضع سنوات ريثما يعودوا الى العراق، وتنتهي سنحة حظّهم.
كيف ننتظر من هكذا حال أداءً دبلوماسياً؟.. وعلاقات ايجابية؟
كل ما ننتظره هو انتهاء مهام (دبلوماسيي الغفلة)، حتى يحلّ محلّهم آخرون ينتظرون في طابور حصّة الحزب العضو في شلّة المحاصصة.

عرض مقالات: