الفاسدون  لا ينقصهم الذكاء، لكنه الذكاء المنقوع بمياه الصرف الصحي، ومسحوق الخبث والحقد على كل الشرفاء في العراق، وبالتالي فهو والغباء سواء، بل أسوأ من الغباء بكثير.

مبكراً أنتبه لصوص المال العام وفاقدو الضمير إلى خطورة مشروع "سائرون" الوطني على مصير امتيازاتهم وفسادهم، وحلفهم غير المقدس، فبدؤوا بمحاربته وفق خطة مبرمجة، وأساليب غاية في الدناءة. وكان أول الغيث التصدي للحراك الجماهيري الذي أنطلق في شباط 2011 على خلفية الفشل الذريع للدولة ومؤسساتها في جميع الميادين السياسية و الاقتصادية – الاجتماعية والأمنية، ومارسوا البلطجة تجاه المشاركين فيه، من أجل كسر معنوياتهم وسلب إرادتهم. لكنهم تفاجؤوا بتجدده في منتصف عام 2015، بتنظيم أفضل، ومشاركة  أوسع  من السابق، و تجذر في الشعارات. فألتحق بمسيرته الظافرة الآلاف من المحتجين الوطنيين والمدنيين الديمقراطيين والإسلاميين المعتدلين، ليتحول في المطاف الأخير إلى حاضنة لاصطفافات وائتلافات جديدة، عابرة للطوائف وعازمة على استعادة الهوية الوطنية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، البديل الموضوعي والنقيض لدولة الرجل المريض.

قبل انبثاق "سائرون" من رحم الحراك الجماهيري، عمل رجال الصدفة على بث الشائعات الهادفة إلى دق اسفين  بين المدنيين والإسلاميين، واستلوا من ترسانة العداء للشيوعية دعايات مهترئة اهتراء أحذية المتسولين، لإيقاف عقارب الساعة والحيلولة دون التقائها في تحالف "سائرون" باعتباره المعول الذي سيهدم البيت على رؤوسهم، ويشعل ذبالات الأمل من جديد في صدور العراقيين، وينهي حقبة تلونت بألوان العتمة والانهيار.

ولكي يثبتوا أنهم من رموز الخسة وعدم الوفاء للوطن، استعانوا بالأجنبي ليصب الزيت على النار ويزيدها اضطراماً، بادعائه أنهم لن يسمحوا للشيوعيين والليبراليين بالعودة إلى السلطة، وكأنهم كانوا الحاكمين لفترة ما بعد "صدام حسين".

لقد شخصت عبقرية "ماركس" منذ (150) عاماً أو يزيد، أن الرأسمالي اذا بلغت أرباحه 100 بالمائة لا يتورع عن القتل وارتكاب بالجرائم، أما إذا بلغت 300 بالمائة فهو على استعداد لان يبيد شعوباً بكاملها! فما بالك بأناس كان أغلبهم يعيش على فتات المساعدات الاجتماعية في دول المهجر، أو لا يسد الرمق إلا بشق الأنفس. وفي غفلة من الزمن وجدوا أنفسهم يعومون في بحر من الثروات، وان كان مصدرها السُحت الحرام.

وجاءت نتيجة الانتخابات، صادمة للبعض من هؤلاء، لا سيما وأن "سائرون" تصدر المشهدين الانتخابي والسياسي، وبات لاعباً رئيساً في تشكيل الحكومة الجديدة. كما أن غالبية القوائم والكتل تخطب وده وتريد التحالف معه، مقابل عزلة تتفاقم يوما بعد  آخر، للمتشبثين بالسلطة، المصرين على عرقلة المشروع الوطني بشتى الطرق والوسائل حتى اللاأخلاقية والإجرامية، وآخرها التفجير الذي استهدف مقر الحزب الشيوعي العراقي في ساحة الأندلس مساء الجمعة الخامس والعشرين من هذا الشهر.

كان مردود التفجير عكسيا، وبالضد من أهداف القائمين به، والآمرين بتنفيذه. فلحمة الشيوعيين وسائر قوى "سائرون" ازدادت بمقاييس تدعو إلى الإعجاب وأشاعت الفرح والتفاؤل في النفوس، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الحزب الشيوعي سائر على السكة الصحيحة، سكة  الدفاع عن المصالح الجذرية لكادحي شعبنا وسائر المواطنين، وإلا لما أستهدف من قبل المغرضين والمفلسين سياسياً و أخلاقياً.

عرض مقالات: