احد الأهداف الإستراتيجية للفاسدين وناهبي ثروات الشعب في حملتهم الانتخابية الحالية، هو تكريس حالة اليأس والإحباط لدى المواطن العراقي، وبالتالي دفعه إلى العزوف عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وعدم المشاركة في الانتخابات يوم (12) أيار المقبل.
ويلجأ الفاسدون، ومعهم كل الفاشلين في أدائهم الوظيفي والسياسي إلى أساليب غاية في التنوع والخبث لتحقيق ما يصبون إليه. وهم يعرفون حق المعرفة، أنهم لم يقدموا شيئاً يذكر بالخير طيلة وجودهم في السلطة، لا على الصعيد السياسي، ولا الاقتصادي- الاجتماعي. وفي الوقت ذاته لا يتخلون عن الإصرار على البقاء في السلطة والترشح مرة أخرى، دون أن يستطيع احد منعهم وتخليص الناس منهم.
ولأجل تنفيذ نواياهم الشريرة، يعتمدون حزمة من الإجراءات والنشاطات التي تبدأ من شراء الذمم، وتسخير إمكانات الدولة في الدعاية لهم، ولا تنتهي عند حدود التبشير بأن هذه الانتخابات كما هو الحال في سابقاتها، لا فائدة منها، لان الوجوه الكالحة نفسها ستعود، لتجعل من السلطة مجدداً مطية لها في تنفيذ مآربهم الدنيئة. بل إن البعض منهم يذهب بعيداً في تيئيس المواطنين بأدعائه أن حصص الفوز، وعدد المقاعد مقررة سلفاً، لكل قائمة من قوائم المتنفذين، ولكل الذين داسوا على ضمائرهم، بأحذيتهم المتسخة بغبار اللصوصية والسرقات المفضوحة.
لكن الطامة الكبرى لاتجد من يجسدها أكثر من الذي يصّدق مثل هذه الخزعبلات، ويبني عليها موقفا بعدم المشاركة في الانتخابات، والآخر الذي يستند إلى وعيه المتدني، ليصل إلى النتيجة البائسة نفسها ، والمضرة للشخص المعني قبل غيره.
المفارقة المؤلمة أن الجميع يشكون من سوء الحال، ومن فشل الدولة، وعدم كفاءة ونزاهة العديد من المسؤولين، الذين يدينون للمحاصصة والطائفية السياسية، في وجودهم على رأس دوائر رسمية لا يستحقون حتى الاقتراب من أبوابها!
كما أن الجميع يريد التغيير والإصلاح، لكن الكثيرين ينتظرون الفرج، أو أن يتحقق المطلبان تلقائياً، ودون أن يبذلوا جهداً، أو يخوضوا نضالاً لإجبار صناع القرار السياسي على تحقيقهما على ارض الواقع. وعندما يتحول الوعي القاصر، وما يرافقه من إحباط ويأس إلى إخطبوط يلف اذرعه على رقبة صاحبه، تجده يعلن واحياناً بـ "تَباهٍ فارغٍ" انه لن يذهب إلى الانتخابات ولن يشارك فيها!
إذن كيف تريد أيها الٌمقاطع للانتخابات، تغييراً واصلاحاً، وأنت تقدم خدمة مجانية للفاسدين، وتمهد الطريق أمامهم، للبقاء في عروشهم إلى أمد طويل؟
إن الذريعة المتهافتة بأن الجميع سواء، والكل فاسدون، هي ظلم مابعده ظلم وإجحاف بحق الشعب العراقي، الذي يمتلك من الطاقات والكفاءات الوطنية القادرة والنزيهة، ما يفوق بها شعوباً أخرى، وما على الناخب، سوى تشخيصهم بالاحتكام إلى نظافة أيديهم، وحرصهم على إقران الأقوال بالأفعال، و الى نضالهم الدؤوب للدفاع عن مصالح الكادحين والمحرومين، والى برامجهم السياسية والانتخابية التي تعبّر عنها، وتعمل من اجل تطبيقها، لا المتاجرة بها وخداع الناخبين.
إن التغيير الذي يريده الجميع، لايمكن حدوثه إلا عن طريق المشاركة الواسعة في الانتخابات، وكل ماعداه، ليس أكثر من هراء.

عرض مقالات: