سباق المارتون نحو كراسي البرلمان ينطلق بسرعة كبيرة هذه الايام. وشهدت الساحة العراقية صنوفا جديدة من التحالفات، قسم منها متوقع وهو مجرد عملية تدوير وتبييض وجوه، وقسم آخر غير متوقع، أو أنه جديد فعلا!
ولكن الخطأ الجسيم الذي يقع فيه بعض الأصدقاء هو الاسقاطات التاريخية على ما يحدث اليوم، ونتحدث هنا تحديدا عن الجهود التي بذلها الحزب الشيوعي العراقي من أجل الوصول الى تحالف مشرف غايته ووسيلته القاعدة العريضة من شرائح المجتمع العراقي الفقيرة والمكتوية بنقص الخدمات، والتي ضاع صوتها وحقها في حياة حرة كريمة امنة.
فكلما أقدم الحزب على التنسيق مع قوى سياسية ارتفعت أصوات، من هنا وهناك، تذّكر بتحالف الجبهة الوطنية 1973،بين الحزب الشيوعي وحزب البعث. صحيح أننا يجب أن نستفيد من تجارب الماضي، ولكن لا يمكن ان نقارن بين ما حدث قبل أكثر من أربعة عقود من السنين وما يحدث اليوم من تحولات سياسية - اجتماعية مهمة.
فالتحالف الانتخابي الجديد بين حزبنا وحزب "استقامة" والاطراف المدنية الأخرى المدعوم من قبل السيد مقتدى الصدر ، لم يأت على حين غرة، بل جاء ثمرة نشاط مشترك في ساحات الاحتجاج ضد الفساد والفاسدين، نضال مشترك من أجل أحداث إصلاح حقيقي وجذري، مع قاعدة التيار الصدري وبقية التيارات المدنية والديمقراطية، خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، اي ان هناك تنسيقاً وتعاوناً مشتركاً بين قاعدة التيار الصدري وقواعد الحزب الشيوعي يجمعهم الهم المشترك المتعلق ببناء دولة مدنية، دولة مواطنة ضامنة للعدالة الاجتماعية.
أما في الماضي، الذي غالبا ما يشير اليه البعض غمزا و لمزا، فلم تشهد الساحات العراقية عملا مشتركا بين قواعد الأحزاب المتحالفة.
نحن نحتكم اليوم الى برنامج العمل المشترك المتفق عليه ومدى تلبيته لطموح الشرائح الفقيرة والمعدمة وهو ما تم تبنيه من قبل أطراف تحالف " سائرون".. أما الاختلافات الفكرية بين هذا الفصيل و ذاك، فهي ليست موضع نقاش، وليست مبعثاً للاختلاف، فالاستقلال الفكري والتنظيمي حق مضمون بموجب هذا التحالف لكل الأطراف.
علمنا التاريخ ان هناك تجارب نجحت في إرساء أنظمة ديمقراطية، وأخرى فشلت بسبب المؤامرات العديدة التي حيكت ضدها. وهنا نتذكر الأسقف مكاريوس في قبرص وتحالفه مع حزب (أكيل) الشيوعي القبرصي وكيف قامت قوى اليمين بعمل المستحيل من أجل إفشال تجربة التحالف تلك، بل أنها لم تتورع على الاستعانة "بالجيران! " من أجل تحقيق مآربها فاستدعت قوات تركية من أجل احتلال نصف الخارطة القبرصية، وبهذه الطريقة استطاعت قوى اليمين إسقاط حكومة مكاريوس الائتلافية!
هل يوجد في العراق يمين يشبه اليمين القبرصي؟!
في العراق شريحة سياسية تماهت مع الفساد والفاسدين، لا يحلو لها ان يكون هناك صوت عراقي مدني يطرح بشكل صادق، مشروعا عراقيا عابرا للمحاصصة الحزبوية والطائفية والعرقية!
هذه الشريحة هي سبب الازمات وهي من تفرخ أزمات تلو أزمات!

عرض مقالات: