في العادة تخوض الديمقراطيات انتخابات تسمى" تكميلية" في حال حصول شاغر لأي سبب كان في مقاعد المجالس التمثيلية.
القانون العراقي للانتخابات افترض أن لا حاجة لمثل هذه الانتخابات طالما أن القانون يبيح للكتل والقوائم أن ترشّح ضعف العدد المتاح من المقاعد النيابية للدائرة الواحدة. والمحافظة هي الدائرة الواحدة في الحالة العراقية.
ولو حدث أن تم تشريع فقرة كهذه في قانون الانتخابات، لوجدنا أنفسنا نخوض انتخابات تكميلية لكل دائرة مباشرة بعد موسم الانتخابات التشريعية، وحتى قبل جفاف حبر نتائجها. لأنّ السنّة التي سنّتها القوى السياسية في ترشيح نوّابها الفائزين لشغل منصب حكومي، انما تفتح شهية المرشحين أساساً على حيازة المناصب. بل قاربت الانتخابات أن تكون انتخاباً يجيب عن التساؤل التالي: من هو رئيس الوزراء المقبل؟ مع العِلم إن الدستور يصل الى مرحلة تكليف رئيس الوزراء بعد اختيار رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ونائبيه، وربما حتى بعد اختيار نوّاب رئيس الجمهورية.
يعني أن اختيار رئيس الوزراء سيكون نهاية المطاف لبدء تشغيل الحكومة، وليس بداية الأشياء.
ومع ذلك, نجد أن التنافس الانتخابي يستبطن بوضوح منافسة لحيازة منصب رئيس الوزراء قبل كل شيء. في الحقيقة، إن الصلاحيات الواسعة لهذا المنصب، والتجربة السابقة خلال خمس كابينات وزارية تحكّمت بشكل متسع تماماً بالموارد والمقدّرات، جعلت هذا التنافس محموماً للغاية.
ولو أعدنا منصب رئيس الوزراء الى حجمه الطبيعي "الدستوري"، في مقابل تفعيل آليات الرقابة الدستورية، لوجدنا التسابق على هذا المنصب أقل في تأثيره على العملية السياسية برمّتها، وأقل كُلفة في خسائره التي يتسببُ بها في العادة (لا ننسى أن التنافس على رئاسة الوزراء تسبب في عدم تمرير موازنة عام 2014)، وكانت سنة مُكلفة للغاية.
وهذا التقسيم كان بالضرورة يستصحب تحت إبطه كل مرّة حصّة يوزعها على كل القوى السياسية، كلٌ حسب عدد ما أحرز من مقاعد، مع مراعاة الجانب الطائفي النسبي بالتمثيل. و هذه الحصّة لها اسم آخر أكثر قباحة وهو "المحاصصة الطائفية".
هل عرفتم الآن ما هي أكبر مصادر شقائنا؟.

عرض مقالات: