لحظة عام 2003، صارت من الماضي فعلاً. لكن ما تلاها كان أكبر من وقعها وأعظم من حجم تأثيرها.
التغيير كان فعلاً خارجياً وبلا قرار عراقي، لكنه لحظة ومضت، أو مرحلة وانتهت. ثم صار الجميع(عراقيون يشعرون بعراقيتهم، أو انصاف مواطنين حائرين، أو تابعين حسموا انتمائهم)، كل هؤلاء كانوا في مواجهة قاسية مع الذات التي كانت معفوّة من هكذا استحقاقات.
كانت الدكتاتورية أشبه بتأجيل لهذا الإمتحان، امتحان هوية المواطنة.
ومع ذلك، مر وقت طويل قبل أن يجد الجميع أنفسهم مرّة أخرى أمام إمتحان متكرر، لكنه هذه المرّة كان عنوانه ظهور داعش.
لحظة ظهور داعش كانت تكراراً لسؤال عام 2003، هل نكون مع وطن اسمه العراق أم نغرق في ملاحقة هويّات لن تنتج وطناً؟. بل إنها لم يسبق أن أنتجت وطناً في أي مكان من هذا العالم.
وربما كان الثمن المؤجل الذي لم يُدفع عام 2003 قد صعد على لائحة الإستحقاق هذه المرّة. وواجه عراقيون بالملايين هذا السؤآل؛ هل سنترك الوطن يتسرّب من بين أيدينا مرّة أخرى؟. أعرف أن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمقاتلين الذين اشتركوا بهزيمة تنظيم داعش، كانت الصورة واضحة لديهم بلا ضباب، لا وقفة أمام هكذا سؤآل. ولم يبدر منهم أي تأخير، بينما راحت قوى سياسية بعينها تعد العدّة لمصادرة دماء هؤلاء لاحقاً. وربما حلبها إنتخابياً. بينما كان العراق بشعبه يقاتل داعش، كان هناك في الزوايا الظلماء من يطبخ ليوم الإنتخابات.
هل سيكون من الترف علينا، نحن الذين عبرنا الإمتحانين أن نحذر هؤلاء أو أن نشخّصهم؟. أرى أن يوم الانتخابات القادم هو الوقت الأمثل للإجابة الثالثة عن سؤآل الهوية العراقية، هل سنكون مع العراق وطناً ومواطنين، أم مع التشرذم ؟.
عدد كبير من العراقيين حسم أمره بسهولة بانتظار ذلك اليوم.

عرض مقالات: