كتب وقيل الكثير عن الخروقات الانتخابية ومباشرة بعض القوائم، لاسيما المتنفذة منها، حملتها الدعائية قبل انطلاقتها رسميا. رغم ان المفوضية حذرت من مغبة ذلك والتمادي فيه، متوعدة بعقوبات لمن يخرق تعليماتها ذات العلاقة.
وان من يتجول في بغداد مثلا يشاهد ذلك بعينيه، فلا يمكن ان يعد في جميع الاحوال الا خرقا للقانون والتعليمات. واخذ البعض " يتشاطر " للزوغان عما هو معتمد من ضوابط، فراح يذكر في هذه الايام بالضبط ان هناك شوارع بحاجة الى " سبيس"، ومناطق لم يصلها الماء الصالح للشرب الا نادرا، وثالثة تعاني من طفح المجاري .. والقائمة تطول. ولم ينس البعض ما جرى اتباعه تقليديا في حملات سابقة من اغداق للوعود بالتوظيف مثلا، وجمع الفايلات، وتوزيع المبالغ النقدية، ويذكر شهود عيان انها في تصاعد مستمر مع تصاعد حدة المنافسة، كذلك " تطوع " البعض بجلب مولدات كهربائية، ناهيك عن البطانيات، والمسدسات، والدعوات الى موائد باهضة.
والملفت في هذه الوقت المبكر قبل انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات القادمة رسميا، انك لا تكاد تجد مكانا فارغا الا وتقرأ بجانبه عبارة " راجع انه" بمعنى انه محجوز. وتجد ايضا الآلاف من اللوحات والفكلسات الكبيرة، خاصة تلك التي تعود الى شخصيات مرشحة ومتنفذة في الدولة.
والجديد ايضا في حملات اصحاب المال السياسي هو شراء البطاقات الانتخابية من اصحابها، وقيل ان سعرها وصل الان الى 200 دولار وربما اكثر. ويجري ذكر محافظات معينة متخصصة في هذا القبح ، وقد تكون الظاهرة عبرت الى اكثر من محافظة اخرى .
على ان " الاقمش " كما يقال يتجلى في التسقيط السياسي والتهديد عبر مواقع السلطة والنفوذ بفتح ملف الفساد هذا او ذاك، فيما المطلوب كان وما زال فتح كل ملفات الفساد، وان يتم التعامل معها بشفافية عالية، فهي ليست مادة للمنافسة اطلاقا، وانما تخص اموالا عامة جرت سرقتها، والان توظف في الحملات الانتخابية لاعادة وجوه الفشل والفساد الى مواقع السلطة.
وهناك احاديث من مسؤولين في السلطات التشريعية والتنفيذية يقولون فيها ان مبالغ مالية طائلة دخلت بلادنا من الخارج، وهي تصرف ببذخ لشراء الذمم والاصوات.
وهناك بالطبع قلق جدي من كل هذا الذي يجري وليس فيه " بريكات " تكبح استخدام كل المحرمات والممنوعات.
ويلاحظ المتابع حالة التندر المتسعة مما يحصل ، فالعديد من المواطنين يتمنى لو ان فترة الدعاية الانتخابية تمدد لشهرين او ثلاثة، حتى تخرج اموال السحت الحرام، ولتكمل بعض مؤسسات الدولة ما بدأت القيام به الآن والآن فقط .. في عشية الانتخابات!
والاخطر ان تعلن المفوضية وعلى لسان مسؤولين فيها، انها تتعرض الى ضغوط من قوى متنفذة لحملها على الرجوع الى العد والفرز اليدوي! والسؤال هنا: لماذا لا تكشف المفوضية اسماء هؤلاء وتعريهم امام الرأي العام؟
فهل كل هذا الذي يرتكب من خروقات مفضوحة ينسجم مع تعليمات نظام الحملات الانتخابية؟ وهل هو ينسجم مع قانون الاحزاب؟ وهل تكتفي المفوضية بالتهديد اللفظي والتلميح من دون اي اجراء يحفظ ماء وجهها على الاقل؟ وما دور القضاء والادعاء العام؟
انها لحظة لابد ان ترتفع فيها كل الاصوات مستنكرة ما يحصل، ومطالبة بوضع حد له، وان يتم التوجه جماهيريا الى مراقبة الانتخابات .

عرض مقالات: