هل هذا قدرها؟! هل هي لعنة أم ماذا؟! المدينة التي تملك الخير والطيبة بكل الصفات والأنواع منذ تمصيرها وليوم الناس هذا، لم تستقر وتهنأ لحظة أبدا! مسرح لكل المعارك والحروب التي دارت منذ ذلك الوقت حتى اللحظة هذه، وفي كل مرة تدفع ثمنا غاليا وليس لها ناقة أو بعير في كل ما يحدث! كما إنها دائما بين مطرقة الحاكم وسندان الظلم والجور والفساد!
بعد أن انقشعت غمّة الديكتاتورية وذهب النظام المقبور إلى غير رجعة قلنا: تنفست بصرتنا الصعداء وانفتحت لها أبواب الجنة. لكنها لم تكن هكذا أبدا، بل خراب وحرمان وفساد ومن سيء إلى أسوأ!
لا أريد أن أتحدث عن ما مرَّ بها فالكل يعرف ذلك، بل سأتحدث عن تلال النفايات التي تعلو شوارعها وأزقتها وأسواقها، حيث إن شركة التنظيف الوطنية ــ الكويتية طبعا ــ التي تم التعاقد معها بمليارات الدولارات منذ أكثر من سنتين، توقف بين آونة وأخرى عملها بحجة عدم استلامها مستحقاتها للفترة كذا، لتبدأ النفايات بالتجمع والانتشار يوما بعد يوم، وتفوح الروائح العطنة ويكثر الذباب والبعوض ويأخذ الناس بالتذمّر والشكوى!
منذ أكثر من أسبوع والقمامة تنتشر بشكل كبير في الأسواق والشوارع والأزقة بعد توقف هذه الشركة عن العمل، حتى صار الكل يتساءل: ما هو دور وزارة البلديات ومديرياتها في المحافظات وتحديدا في البصرة ؟! وأين ألآليات والموظفون والعمال الذين تصرف لهم الرواتب شهرياً ؟! وهل هناك ميزانية مالية لهذه المديريات كي تقوم بالأعمال المناطة بها أم ماذا؟!
للأمانة أقول إن النفايات والقمامة تنتشر في مركز المدينة فقط، أما الاقضية والنواحي فنظيفة وتشعرك بالارتياح عند زيارتها!
ما الضير إذا أنفقنا المليارات التي أعطيناها لشركة التنظيف ومازالت تطلبنا الكثير غيرها، وقمنا بالعمل ذاتياً وفق خطة مدروسة بشكل جيد؟!
ما الضير.. إذا انتبهنا إلى إننا نخسر هذه المليارات منذ أكثر من سنتين دون فائدة حقيقية؟ حيث إن المدينة لمّا تزل تعلوها الأوساخ والأتربة وتنتشر قناني الماء الفارغة وأكياس النايلون وعلب السجائر والكلينكس في كل مكان رغم ما يقوم به عمال الشركة من تنظيف؟!
إذا أردنا إيجاد حل ناجع لهذه المشكلة (الأزمة) وإظهار المدينة بالشكل الأنظف والأجمل، علينا أن نعمل على ذلك بأنفسنا من خلال توعية وتثقيف المواطنين بأهمية نظافة مدينتهم، وإقرار عقوبات رادعة على مَنْ يرمي الأوساخ والنفايات في غير أماكن جمعها ، وعلى الأرصفة وفي الشوارع وأمام الدكاكين والمطاعم والكازينوهات، ثم تجهيز مديرية البلدية بآليات ومراقبة عملها يوميا والشروع بحملة تنظيف واسعة في المدينة، ونوفّر المليارات التي تصرف لشركة التنظيف، وقبل كل شيء تنظيف ضمائرنا وقلوبنا وعقولنا ونفوسنا من الفساد والأدران!