اكد البرنامج الحكومي بعد تشكيل الحكومة في عام 2014 على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، المحلي والاجنبي، وكان الهدف اعطاء اهمية للقطاع الخاص الذي ما كان بمقدوه في ذلك العام والاعوام التي سبقته ان ينهض بقدراته الذاتية في إبراز نشاطه الفعلي في الناتج المحلي الاجمالي .
ومما هو جدير بالإشارة في هذ المجال هو ان القطاع الخاص يشكل النسبة الاكبر في قطاع الصناعة اذ تبلغ 98,3 في المائة من اجمالي عدد الوحدات الصناعية العاملة مقابل 1,5 في المائة مملوكة للدولة ولكن هذه النسبة على قلتها مسؤولة عن انتاج90 في المائة من الانتاج الصناعي في الصناعة التحويلية حصرا وتقدر نسبة مساهمة القطاع الخاص في توليد الانتاج الصناعي بحوالي 40 في المائة ويضم القطاع الصناعي الخاص بحدود نصف مليون عامل فيما تعتمد 40 في المائة من شركات القطاع العام على المعونات الحكومية اذ تعمل 70 في المائة من شركات هذا القطاع بنسبة 30—50 في المائة من طاقتها التصميمية وتبلغ نسبة المعامل المتوقفة عن العمل 30 في المائة ، فيما تشير معطيات القطاع المختلط الى ان عدد شركاته في مختلف التخصصات 40 شركة موزعة بين الصناعة والسياحة والفندقة والقطاع الزراعي والقطاع التجاري وقطاع النقل والخدمات وتمتلك الدولة 25 في المائة من رأسمالها وفي بعض شركات هذا القطاع 80 في المائة .
ويبدو ان وزارة الصناعة قد استيقظت ولو متاخرة على مراجعة البرنامج الحكومي المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص . ووجود اهتمام متأخر افضل من عدم وجوده, فقدمت دراسة شاملة حول القطاع المختلط تحتوي على تشخيص المشاكل الحقيقية التي تواجه هذا القطاع التي تسببت في تراجعه بعد عام 2003 ربما يعود الى انعطاف نمط التفكير نحو شكل الاقتصاد الجديد مستمدا من النموذج الرأسمالي المعولم الى اقتصاد السوق, وهذا ما قاد بحسب فهم المسؤولين الى عدم الاهتمام بالقطاع المختلط الى جانب كراهة النظام الجديد المدعوم امريكيا الى القطاع الحكومي, وعللت الدراسة اسباب اخفاق هذا القطاع الى اغراق السوق المحلية بالبضائع المستوردة بسبب عدم تفعيل قوانين وآليات حماية المنتجات الوطنية الى جانب ضعف التعرفة الكمركية، بالاضافة الى قلة رؤوس الاموال بأصولها وموجوداتها في شركات القطاع المختلط وهبوط اسهمها وضعف مجالس اداراتها وهجرة المساهمين الصناعيين واصحاب رؤوس الاموال الى الخارج, وصعوبات الاقتراض من المصارف الحكومية بسبب الروتين والنظرة الدونية الى القطاع المختلط والمطالبات القاسية بالضمانات وخاصة القروض التي حددتها اللجنة الاقتصادية بفوائد ميسرة مقدارها 6 في المائة تتحمل الخزينة الحكومية نسبة 2 في المائة منها . وتضيف الدراسة الى هذه المشاكل، تخلف الانظمة الحسابية والمعايير الاقتصادية التي لم تعد تتناسب وواقع الشركات مع الحاجة الى تحديث قانون شركات القطاع المختلط رقم 21لسنة 1997 .
ان اعادة الحياة الى هذا القطاع تتطلب مراجعة المنظمومة المفاهيمية لدور مختلف القطاعات الاقتصادية في عملية التنمية من خلال منظور استراتيجي يحقق التوازن والتكامل بينها, ونقترح ما يلي :
1.
الارتقاء بالمركز القانوني لمنتسبي شركات القطاع المختلط وتفعيل التشريعات المنصفة لقوة العمل في هذه الشركات ومنها قرارمجلس قيادة الثورة المنحل رقم 194 في 10/2 / 1985الذي نص على تطبيق قواعد الخدمة المطبقة في مؤسسات وزارة الصناعة على منتسبي القطاع المختلط التي تساهم الدولة بنسبة 50 في المائة من رأسمالها المدفوع سعيا الى استيعاب المزيد من العمالة ومعالجة ظاهرة البطالة المنتشرة بين الشباب .
2.
قيام وزارة الصناعة بمنح شركات القطاع المخلط 60 مليون دولار من القرض الميسر البالغ 85 مليون دولار الى الشركات التي تعرضت الى الاضرار بنسبة فائدة لا تزيد على 4 في المائة وحجب حصة الشركات المختلطة التي تحولت الى شركات مساهمة . وتوزيع المبلغ المتبقي ومقداره 25 مليون دولار على بقية الشركات غير الصناعية للاهتمام بالفندقة .
3.
العمل على تشغيل شركات القطاع المختلط بطاقتها المتاحة بما يلبي حاجة السوق المحلية والتعامل مع هذه الشركات اسوة بشركات القطاع العام من حيث تسويق المنتجات وحمايتها من مزاحمة السلع المستوردة المماثلة.

عرض مقالات: