بعد انتهائنا من اجتماع المجلس المركزي لاتحاد أدباء العراق ، دعاني صديقي الشاعر عمّار المسعودي الى الذهاب معه الى مدينة كربلاء وحضور مهرجان النخيلة الثقافي الذي تقيمه كل المؤسسات الثقافية والأكاديمية في المدينة ، برعاية وزارة الثقافة في مبنى خان النخيلة ،وهو من الخانات التي بنيت في عهد الوالي العثماني سليمان الكبير وسمي بخان الربع لوقوعه في ربع المسافة بين مدينتي كربلاء والنجف الاشرف ، بوشر في بنائه عام 1883 كمبادرة خيرية لزوار العتبات المقدسة من قبل السيد محمد شمسه ، اطلقت عليه عدة أسماء مثل خان شمسه ، وخان الربع ، وخان النخيلة لوقوعه في منطقة النخيلة ، بناؤه مربع الشكل طول ضلعه 86 م ومحاط بسور ارتفاعه 8 م وله 4 أبراج مخروطية الشكل ، له مدخل واحد من جهته الشرقية وعلى يمينه وشماله من الداخل رواقان فيهما أواوين تنفتح على الساحة الرئيسة والمكونة من رواقين مغلقين وفي صحنه بئر وتتوسطه دكتان مرتفعتان ، في عام 2003 لاستخدامه من قبل النظام المقبور كمخزن للعتاد تم تفجيره من قبل القوات الهولندية ما أدى الى سقوط أجزاء منه فقامت الهيأة العامة للآثار بإعادة ترميمه ،ومثله خان النص وخان العطيشي وخان كنيسة الاقيصر وغيرها. في هذا الخان أقيم مهرجان كبير اشتمل على معارض تشكيلية وفوتوغرافية وفولكلورية وكتب وعروض مسرحية وسينمائية وموسيقية وقراءات شعرية منوعة وصور ومشاهد لبطولات قواتنا الأمنية والحشد الشعبي ومقتنيات قديمة ومجسمات للمواقع التراثية وفعاليات رياضية متنوعة وفعاليات فردية ومعارض للمرأة وندوات ثقافية وأكاديمية لمدة 3 أيام شاركت فيها جميع المؤسسات والمنظمات والاتحادات في عموم المحافظة .وكان الحضور كبيرا ولافتاً للنظر وظهر المهرجان بحلة رائعة أذهلت الحاضرين والضيوف حيث أعاد الى الخان زهوه وجعل الأنظار تتجه إلى تاريخ الخانات والعمل على تحويلها إلى مرافق سياحية ،وأظهر مدى حب الكربلائيين للثقافة والفن والمدنية بكل أشكالها ، حيث شاركت كل الفئات العمرية في هذه الفعاليات .
تساءلت :ــ لماذا لم تُنظّم مهرجانات كهذه في عموم العراق وتحديداً في الأماكن التراثية لينفتح الناس على تراث مدنهم ؟! لهذا اقترح أن تأخذ وزارة الثقافة والسياحة والآثار على عاتقها رعاية هذا المهرجان ودعمه من خلال تخصيص ميزانية لإقامته كل عام !!
مهرجانات كهذه تبرز الجانب التراثي والثقافي والمدني للمدينة فعلينا أن نرعاها ولا نترك المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المحدودة الدعم وحدها تتحمل العبء الثقيل ، رغم إنها أقامته بما استطاعت من تمويلٍ ذاتيّ ودعمٍ شحيح إلاّ انه يجب علينا أن نسعى الى تخصيص ميزانية له ضمن موازنة الوزارة أو المحافظة سنويا لأننا سنركز دعائم نجاحه والسعي الى توسيع حجم المشاركة فيه عراقيا ودوليا وفتح الأبواب للاهتمام بهذه الخانات وغيرها وجعلها محجّة للسائحين والزوار سعيا إلى تطوير السياحة.!!
المهرجانات الثقافية والفنية والرياضية تعكس وجه البلد المشرق وتأخذ بيد التطور والعمران بعيدا عن الفساد والخراب والطائفية المقيتة والموت المجاني !