كانت الهيئة الوطنية للاستثمار قد أعلنت في وقت سابق ان العراق سيطرح خلال مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق، الذي اختتم أخيرا، مشروع "القطار المعلق" للاستثمار بكلفة مليار ونصف المليار دولار، على أن ينجز في فترة زمنية لا تتجاوز خمس سنوات، وذلك من اجل معالجة الاختناقات المرورية التي تشهدها بغداد.
ولكن ثمة اسئلة تطرح نفسها حول هذا الموضوع. فيا ترى لماذا لم تتم دراسة وتقييم العديد من المقترحات التي سبق وان قدمتها كوادرنا الوطنية والاكاديمية المتخصصة، لغرض معالجة مشكلة الاختناقات المرورية جذريا؟ ومن سيتحمل المسؤولية في حال لو فشل مشروع "القطار المعلق" كغيره من المشاريع، وضاعت الاموال الهائلة التي رصدت له، والتي بالإمكان توظيفها، مثلا، في اعمار القرى والارياف، وتحسين الانتاج الزراعي والحيواني وغيرها من الاجراءات الحيوية الاخرى التي من شأنها تعزيز استقرار الفلاح في ارضه من جهة، والحد من الهجرة المعاكسة الى المدن من جهة اخرى؟ وهل يعلم المنادون بمشروع القطار المعلق بأن نسبة سكان القرى والارياف تعادل الآن ما يقارب 30 في المائة من نفوس العراق بعد ان كانت قبل خمسة عقود تعادل 70 في المائة!؟
فقد أجمع معظم الكوادر الاختصاصية، على ان من بين أسباب الاختناقات السكانية والمرورية في بغداد، مشكلة الاهمال المريع للقرى والارياف، وما آل إليه حال سكانها الذين اضطروا إلى هجر أراضيهم والبحث عن لقمة العيش في العاصمة بشكل خاص، والمحافظات بشكل عام.
نتساءل: لماذا تم صرف النظر عن عروض عدة كانت قدمتها شركات رصينة متخصصة في تحديث سبل الزراعة وتربية المواشي وفق تقنيات علمية حديثة، تتناسب مع حالة الجفاف والتصحر التي تجتاح معظم المناطق الزراعية في العراق؟ وهل ان الداعين إلى مشروع "القطار المعلق"، يعلمون بأن عدد نفوس بغداد اليوم، يزيد على تسعة ملايين نسمة؟ علما ان هناك تزايدا يوميا ملحوظا ومستمرا في الزحامات المرورية، نتيجة ارتفاع نسب الهجرة من الريف الى المدينة.
اذن كيف سيكون الحال على مدى خمس سنوات تجري خلالها عملية انجاز مشروع "القطار المعلق"؟ وما نسبة الخدمة التي سيقدمها هذا المشروع - في حال لو نفذ - امام التضخم السكاني الهائل والمستمر الذي تشهده بغداد؟ وهل هناك استعداد او قوة تحمل للمشكلات المعقدة والكبيرة، التي يمكن أن تنجم عن عملية بناء مساند السكة المعلقة والمحطات طيلة الخمس سنوات؟ وهل في نية أصحاب المشروع، إيجاد طريقة لاستيعاب الزخم السكاني الناتج عن انتقال السكان من القرى والارياف الى المدن!؟
أسئلة عديدة تطرح نفسها، ولعل في الأفق مجيبا!