لو تفحصت الشارع العراقي بالعين المجردة دون اللجوء الى الإحصائيات المتخصصة لوجدت ان العاطلين عن العمل الذين يعدون جيشاً كبيراً يتوزعون بين اصحاب الدراسة الابتدائية وصولا الى حملة الشهادات الجامعية والمعاهد المهنية واحيانا الشهادات العليا! 

الملاحظ ان معظم هولاء الخريجين يتوجهون الى اسواق العمل المحلية، فمنهم من يتجه الى شارع الكفاح (الشورجة) للعمل في سوق الدولار (الاسود)، وبعضهم تجده في سوق السكائر. كوسطاء ينادون ويتصارعون من اجل ارباح بائسة لا تتجاوز دريهمات قليلة، لسد الرمق وحاجة العيش، والبعض الآخر منهم يتجه الى شارع الجمهورية والسوق العربي للعمل في اقسى المهن واتعبها وهي دفع عربات الحمل او تحمل ظهورهم الأحمال الثقيلة.

المؤلم ان بعض الخريجين يعمل في علاوي جميلة او سوق الخضرة كبائعين، ومن كانت إمكانياته المادية افضل من غيره، يلجأ لشراء (ستوتة) يستعملها لأغراض النقل وغيرها، كما  يعمل غيرهم سواق في سيارة اجرة يمتلكها احدهم، ومنهم من اضطرت زوجته لبيع مصوغاتها ودفعتها مقدمة لشراء سيارة سايبا لتكون (باب رزق لزوجها)، اما الآخرون فمضطرون للعمل كعمال بناء وإجراء يومين..الخ.

شبابنا اليوم اتجه صوب العمل ببذل جهد بدني قاس، رغم أنها أشغال لا تحتاج الى شهادات او تخصص دراسي معين، الا انهم أيقنوا بان فرص العمل امام الخريجين الجدد خاصة من حملة الشهادات الجامعية شبه معدومة، لذا حفل ميدان العمل الشعبي بالخريجين من الكليات والمعاهد، فهذا من كلية التربية وذاك من الآداب والآخر بكالوريوس في اللغة الاسبانية والالمانية وغيرهم من كلية الادارة والاقتصاد وآخرين من كلية المعلمين وغيرهم.

الغريب ان الجامعات الحكومية والأهلية وبكلياتها العلمية والإنسانية للدوام الصباحي والمسائي تخرج سنوياً وبدون تخطيط او برامج الآلاف الخريجين وتدفع بهم الى سوق العمل المحلية وكأنها تحشد جيش العاطلين من أصحاب المستقبل المجهول.

الاغرب ان تجد القطاع الخاص هو الآخر غائب عن النشاط والفعاليات الاقتصادية التي تساهم في تنشيط الواقع الاقتصادي والاجتماعي وتوفير فرص العمل امام آلاف الشباب لفتح ابواب المستقبل امامهم. فلا قطاع الدولة بكافة مؤسساته ولا القطاع الخاص لهما دور في تنشيط الواقع الاقتصادي للشباب الخريج.

اقول أين يذهب شباب اليوم وأين يحطوا رحالهم، وأين يتوجهون؟ فيما النظام القائم على رأس السلطة عاجز عن اتخاذ التدبير المناسب لتشغليهم بمهن وفق تخصصهم الدراسي، وهذا يدفعنا لمناشدة ومطالبة الجهات الحكومية بايجاد الحل والقضاء على ظاهرة تفشي البطالة وكثرة العاطلين في المقاهي التي تحتضنهم مع المتسربين من الدراسة والمتشردين والذين يشكلون الاحتياطي الاول للارهاب وجماعاته والجريمة وحلفائها والمتسكعين وانصارهم.

كذلك المرأة اسوة بالرجل التي أقصيت بسبب النزعة الذكورية عن سوح العمل. قضايا تحتاج  الى حلول عاجلة من الحكومة!